ديمقراطية القنابل العنقودية في بلاد النهرين



يُعرف خبراء الأسلحة القنابل العنقودية بأنها أسلحة تسقط من الجو، أو تقذف من على الأرض، الغرض الأساسي منها هو قتل جنود العدو، وهي أسلحة مثيرة للجدل، وخطيرة جدا، وتتكون من عبوة تنكسر لينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء، يتم توظيفها للهجوم على أهداف مختلفة مثل العربات المدرعة، أو الأشخاص، أو لإضرام الحرائق. وبإمكان القنابل الصغيرة تغطية منطقة كبيرة، ولكنها تفتقر للتوجيه الدقيق، ويتم قذفها من على ارتفاعات متوسطة، أو عالية بما يزيد من احتمالات حيودها عن الهدف.

وقوات "التحرير" الأمريكية استخدمت في حربها ضد العراق كل الأسلحة المحرمة، وغير المحرمة، وهذا ما أكدته العديد من المنظمات الدولية والإقليمية المختصة، وفي يوم 2/8/2010، أعلنت وزيرة البيئة نرمين عثمان في حكومة المالكي المنتهية ولايتها أن تقارير المنظمات الدولية تشير إلى وجود أكثر من (55) مليون قنبلة عنقودية ألقيت على العراق إبان الحروب التي حدثت بين عامي (1991) و(2003)، وأن (15%) إلى (40%) من القنابل العنقودية -التي تحتوي الواحدة منها على (200) قنبلة صغيرة- لم تنفجر، وتحولت إلى ألغام أرضية، وأن العراق لا يملك أي قاعدة بيانات صحيحة عن عدد الألغام، والقنابل الموجودة على أرضه، والضحايا الذين سقطوا جراءها، وأن ما يجري اعتماده من تقارير صادر عن منظمات دولية، ومنظمات المجتمع المدني.
وتذكر منظمة الصليب الأحمر على موقعها الإلكتروني أن الذخائر العنقودية تتميز بسمات فريدة تجعلها تشكل خطراً شديداً على المدنيين، وحين تستخدم الذخائر العنقودية أثناء النـزاع، يمكنها أن تطلق ذخائر صغيرة متفجرة (قنابل صغيرة) على مساحات شاسعة، بالإضافة إلى ذلك، تخفق أعداد كبيرة من الذخائر الصغيرة في الانفجار على النحو المخطط له، مخلفة وراءها إرثاً طويل الأجل من التلوّث بالمتفجرات، وكانت تلك الذخائر سببا في مقتل وجرح آلاف المدنيين سواء كانوا رجالا، أو نساء، أو أطفالا عند ملامستهم للذخائر الصغيرة غير المنفجرة.
وهذا يعني أن ملايين القنابل لم تنفجر، وما زالت تنتظر المدنيين العراقيين الذين سيقعون، لا قدر الله، ضحية للغدر والإرهاب الأمريكي المنظم بحقهم عبر هذه القنابل التي سقطت على مدن العراق الأسير.
الإحصائيات الرسمية العراقية تشير إلى مليون معوق في العراق لغاية 2003، ومثلهم منذ عام 2003 ولغاية اليوم، وهذا يعني أنه يتواجد في العراق اليوم أكثر من مليوني معوق، هم ضحايا القنابل الهمجية التي ألقتها قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية على المدنيين.
رئيس تجمع المعاقين في العراق موفق الخفاجي أكد أن عدد المعاقين بالعراق لا يقل عن ثلاثة ملايين، وأن المعاقين يعانون من التهميش وعدم الاهتمام، وأن الحكومة لم تقدم العون لهذه الشريحة الواسعة من الضحايا.
هذه الحقائق المخيفة، هي جزء من ثمار "التحرير" الأمريكي لبلاد الرافدين، والحق أن الإرهاب الأمريكي سيستمر بحصد أرواح آلاف العراقيين لسنوات عديدة قادمة؛ لأن الأرض العراقية ما زالت تطمر بين طبقاتها ملايين القنابل غير المنفلقة، وهذا يتطلب تحركا دوليا لإنقاذ الأبرياء من العراقيين من هذه القنابل القاتلة.
ومقابل هذا الإرهاب، وهذه الأرقام المخيفة من ضحايا "التحرير" الأمريكي للعراق، نلاحظ تجاهل الحكومات المتعاقبة لحكم المنطقة الخضراء لهذه الفئات المظلومة من أبناء الشعب؛ لأن هؤلاء الساسة لا يحكمون سوى "دولة العراق الخضراء"، وأقصد المنطقة الخضراء المحصنة، أما ما هو خارج هذه المنطقة فهم لا يكترثون به، المهم أنهم على رأس السلطة، وأنهم حققوا للعراقيين "حلمهم الوردي"، كما يدعون، بينما واقع الحال في العراق يصرخ بأعلى صوته إننا شعب يذبح من الوريد إلى الوريد، بينما يتفرج الآخرون على دمنا المسفوح، وكأن ما يشاهدونه هو مجرد فلم رعب، وليس منظراً حقيقياً يتكرر في كل ساعة في العراق الجريح؟!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى