الحكومة الاسبانية والمعارضة العراقية (1)


ما تذكر الديمقراطية في مكان إلا وذكرت الديمقراطية الأوربية كنموذج متميز لها، وهذه الحقيقة موجودة اليوم في القارة الأوروبية، ولهذا نجد أن أغلب رجال المعارضة في الشرق الأوسط يتجهون لأوروبا كملاذ آمن

للتخلص من التصفيات الجسدية، والملاحقات التي تنالهم في دول الشرق الأوسط.
ومن هذه الدول التي عرفت بنظامها الديمقراطي إسبانيا الصديقة للعراق والعراقيين، والتي امتازت بمواقف إيجابية مع العراق، كان منها الانسحاب الإسباني من التحالف الذي قادته أمريكا لغزو العراق عام 2003، بعد أن اتضحت لها الأهداف الحقيقية للغزو الأمريكي لدولة العراق العضو المهم في الأمم المتحدة.
ومن ذلك الحين توالت المواقف الإسبانية الجيدة تجاه المشكلة العراقية، حيث عقد في إسبانيا، وخصوصا في مدينة خيخون الجذابة، العديد من المؤتمرات التي تناولت أحداثاً كبيرة في المشهد العراقي، ومنها فضائح سجن أبو غريب، وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل رجال الحرس الحكومي، وغيرها من الصور المؤلمة في المشهد العراقي.
وخلال زيارتي لإسبانيا عام 2008، ضمن وفد التقى بسياسيين إسبانيين، وجدت الحماس الكبير، والتفاعل الواضح مع الأحداث المؤلمة في العراق، وخلال الزيارة التقينا السيد كاسبال ياماثاس رئيس كتلة اليسار الموحد في البرلمان الإسباني، وعضو البرلمان الأوروبي، وكان اللقاء في العاصمة الإسبانية مدريد، واستغرقت المقابلة أكثر من ساعة، تم خلالها تقديم شرح واف عن وضع الاحتلال الأمريكي في العراق، والوضع السياسي والإنساني، وبعد اللقاء قال النائب كاسبار ياماثاس في كلمة له للصحفيين "إن الهدف من زيارة الوفد العراقي هو توعية أوروبا بأن العراق ما زال محتلا، وأنتج هذا الاحتلال أكثر من مليون ضحية، وأن هناك الكثير من السجناء دون أي محاكمة، وأن هناك أيضا وضعا إنسانيا خطيرا.. بناء على هذا يجب على أوروبا وإسبانيا أن يتحسسوا هذا الوضع، ويتبنوا قضية تحرير وبسط سيادة العراق.. في الماضي كما تعلمون قدمنا للبرلمان مشروع انسحاب القوات الإسبانية، ولاحقا قمنا بتقديم مشروع لإنهاء الاحتلال ككل.. وقد قدمنا مؤخرا مبادرة جديدة لحماية اللاجئين العراقيين.. وسنستمر في تقديم المبادرات والقيام بالمحادثات مع الحكومة الإسبانية لكي يأخذ الاتحاد الأوروبي دورا أكبر للتوصل إلى الاستقلال، والسيادة التامة، ونيل حقوق الإنسان في العراق".
كانت هذه كلمة النائب الإسباني، وهي تكفي لبيان الموقف الإيجابي الذي كان يتحلى به هؤلاء الساسة من القضية العراقية.
وتضمنت الزيارة أيضاً لقاءات مع عدد من أعضاء البرلمان الإسباني الذين تفاعلوا مع الطروحات التي قدمها وفد القوى الوطنية.
وقبل عام تقريبا سعت قوى إسبانية إلى تنظيم مؤتمر للقوى العراقية المناهضة للاحتلال للفترة من 18 – 20 من شهر حزيران 2010، وقد استحصلوا موافقة الحكومة الإسبانية، وتم توجيه الدعوات بصورة رسمية للعديد من الشخصيات الوطنية العراقية، لكن في يوم 30/5/2010، خرج عضو ائتلاف دولة القانون حسن السنيد على الإعلام ليحذر إسبانيا من السماح بعقد المؤتمر، وقال: "إن الحكومة تفكر باتخاذ خطوات دبلوماسية ضد إسبانيا في حال إقامة مؤتمر دولي داعم للعنف في العراق على أراضيها، وإن إسبانيا أو أيا من الدول التي ترعى هذه التجمعات ستتعرض لعقوبات ومقاطعة، ولن تتمكن من الإفادة من فرص الاستثمار في البلد، أو توسيع علاقات التبادل التجاري، أو الاقتصادي معها؛ لأنها تضر بالاقتصاد العراقي عبر دعمها للإرهاب والفعاليات الإرهابية".
ولم يكن هذا مفاجئا، فالحكومة الحالية في العراق حكومة مهزوزة لا تثق بنفسها، وعقد أي مؤتمر مناهض يرعد فرائصها، ولكن المفاجئ هو موقف الحكومة الإسبانية التي يبدو أنها استجابت لضغوط هذه الحكومة، فبدأت تماطل في منح سمات دخول لبعض الشخصيات المعارضة العراقية المدعوة إلى المؤتمر، وتم تبليغ هذه الشخصيات من قبل القائمين على إعداده أن "وزارة الخارجية الإسبانية طلبت منهم إلغاء هذا المؤتمر، بدعوى أن إسبانیا والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي یدعمون العملیة السیاسیة في العراق ومن دون أي لبس، وأن إسبانيا تشعر بالقلق من أن یؤثر هذا المؤتمر سلبیا على هذه العملیة السیاسیة".
هذا الموقف هو الأكثر غرابة..
وللحديث عن قضية الحكومة الإسبانية والمعارضة العراقية تتمة..
Jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى