حقيقة ما يجري في الموصل




في يوم 12/6/2014،  نشرت صحيفة التايمز تحليلاً لكاثرين فيليب تناول سقوط مدينة الموصل بأيدي ثوار العشائر في العراق.
وقالت كاتبة المقال إن (الظلم المستشري في الشرق الأوسط، والذي يقام بدعم من إيران والميليشيات الشيعية وصمت غربي هو من قاد للانفجار).


إن الانهيار المفاجئ للأمن في محافظة الموصل ثاني أكبر محافظة في العراق (400) كم شمال بغداد؛ ربما يفاجئ بعض المتابعين للشأن العراقي من الخارج؛ بينما نجد أن المتابعين من داخل العراق كانوا يتوقعون هذا الانفجار وهذا التسارع في الأحداث؛ وذلك لأكثر من سبب منها:
1-   ازدياد تهميش الحكومة لقرابة نصف الشعب العراقي على الرغم من بيان موقفهم الرافض لهذا التهميش عبر الاعتصامات السلمية التي استمرت أكثر من عام في محافظات (الأنبار، صلاح الدين، نينوى، ديالى، كركوك، ونصف العاصمة بغداد) وعلى الرغم من ذلك استخدمت الحكومة النيران الشديدة في فض اعتصام الحويجة في شباط 2013 ثم كانت العمليات العسكرية في الأنبار يوم 30/12/2014 الضربة الواضحة للاعتصامات حيث أن الحكومة أحرقت خيم الاعتصام وقتلت أكثر من خمسة مواطنين داخل هذه الخيم.

2-   استمرار الحرب الحكومية ضد الأنبار عموما والفلوجة والكرمة خصوصا منذ 30/12/2014 وحتى الآن ملحقة خسائر تقرب من 1000 شهيد بالإضافة إلى قرابة ألفي جريح، فضلا عن تهجير غالبية سكان الفلوجة والصقلاوية وابي غريب والرمادي والكرمة وغيرها من المدن إلى شمال العراق وخارج البلاد.

3-   استمرار حالة الفلتان الأمني في عموم البلاد حيث ذكرت بعثة الأمم المتحدة في العراق اليونامي انه قتل خلال الشهر الماضي (799) مواطناً، وإصابة (1904) وهذه الاحصائية لا تشمل الشهداء في الأنبار.

4-   استمرار عمليات الاعتقالات العشوائية في عموم البلاد حيث ذكر قسم حقوق الإنسان في  هيئة علماء المسلمين في العراق أن الشهر الماضي شهد اعتقال (1506) مواطناً بينهم خمسة نساء، رافقها مقتل (128) مواطناً خلال عمليات الدهم التي تمتاز بالعادة بأنها بدون مذكرات اعتقال رسمية.

5-   التعامل الوحشي والاستخفاف بكرامة الإنسان وعرضه من قبل الوحدات العسكرية المنتشرة في عموم الشارع العراقي، مما جعل حالة من الكره لهم في عموم المجتمع العراقي، الذي انتفض مع الثوار في ثورتهم للخلاص من هذا الاستهتار الرسمي.
هذه الأسباب الظاهرة وغيرها من الأسباب غير البارزة، ومنها المادة أربعة إرهاب والمخبر السري وعمليات التهميش والإقصاء كل هذه الأسباب أدت إلى هذه الثورة الشعبية العارمة في محافظات الأنبار والموصل.

ان محاولات الإعلام الحكومي الرسمي وغير الرسمي لتشويه صورة هذه الثورة الشعبية، لا يمكن أن تنطلي على أحد بعد اليوم؛ الوقائع الميدانية والمواقف العسكرية أثبتت قيام حالة أشبه بالثورة الشعبية في الموصل وجنوبها؛ وصولاً إلى تكريت وبيجي وجنوب كركوك وغيرها، تشترك فيها فصائل ومجموعات مختلفة يغلب عليها الطابع الوطني والعشائري فضلاً عن الجانب الديني المعتدل.

وملاحظ أن إعلام الحكومة يحاول حجب الأخبار والمواقع الإعلامية، التي تنقل بموضوعية العمل الميداني، ومثال ذلك مواقع المجلس العسكري العام لثوار العراق الذي هو عبارة عن تعاون عشائري مع ضباط الجيش العراقي السابق وأفراد في المقاومة العراقية السابقة.
والملاحظ أيضاً تواجد المجلس ومجموعات أخرى في أغلب المناطق، التي تجري فيها الأعمال القتالية، وهم يشتركون مع الأهالي في تأمين مناطقهم وحماية المؤسسات الحكومية. ومثال ذلك الاجتماع الذي ضم وجهاء الموصل مع قيادات الثوار في الموصل أول أمس، وحضرته المجاميع العسكرية؛ لتنظيم أمور المدينة.

وتؤكد بيانات المجالس العسكرية المنشورة حتى الآن هذه الوقائع؛ فضلاً عن شهادات المواطنين في المدن المحررة، كالموصل، التي عادت إليها الحياة الطبيعية وجاري العمل حالياً على توفير الخدمات الأساسية فيها، بالتعاون بين الأهالي والثوار، وهذا الأمر ينطبق على مدن بيجي والحويجة، والشرقاط، وغيرها.

السؤال الذي يثار هنا، هل سيرضى حلفاء حكومة المنطقة الخضراء بهذه التطورات الخطيرة والمتسارعة على أرض الواقع، أم أنهم سيتدخلون بشكل، أو بآخر في الشأن العراقي؟!

مما لا شك فيه أن الوضع في العراق سيشهد تطورات جمة، بعضها، متوقع وبعضها الآخر ربما سيكون مفاجئاً؛ لأن العديد من الأطراف الاقليمية والدولية، تحاول الحفاظ على مصالحها في بلاد الرافدين، وأول هذه القوى الولايات المتحدة وإيران.

المطلوب اليوم من عموم العراقيين الحفاظ على روح النجاحات الميدانية؛ وذلك بالتكاتف؛ لإنهاء تواجد المليشيات الطائفية في المناطق المحررة؛ لأن غالبية القوات الحكومية هي من المليشيات التابعة لهذا الحزب السياسي، أو ذاك، وكذلك ينبغي العمل على مسك الأرض، وعدم التفريط بهذا الانتصار؛ مهما كانت التضحيات؛ لأن الاشكالية العراقية المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات ينبغي أن ننتهي؛ وإلا ستسمر مأساة العراقيين إلى أمد طويل؛ ولا يمكن أن تنتهي بدون تضحيات.

أخيراً، مهما ستكون فاتورة هذه الثورة الشعبية مرتفعة فإنها ضرورية لإنهاء حالة الظلم والطغيان الحكومي ضد نصف العراقيين، وبعد ذلك يمكن أن ننطلق معاً لبناء بلادنا بعيداً عن الأفكار التخريبية؛ حتى نحيا كبقية بلدان العالم ببلاد تحترم حقوق الإنسان التي كفلتها القوانين الأرضية والسماوية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!