سجينات في معتقلات المالكي ونتنياهو



للمرأة في المجتمعات الإنسانية عمومًا، وفي مجتمعاتنا الشرقية العربية خصوصًا مكانة رفيعة ومتميزة، وهي ركن ركين من أركان البيوت الآمنة العفيفة، وهذا هو الذي يدفع أعداء الشعوب العربية والإسلامية للعمل من أجل المساس بهذا الركن المهم في الحياة الإنسانية، ألا وهي المرأة، الأم، الأخت، البنت، العمة والخالة، والأخت في الدين والإنسانية.

ومن أظهر سبل إهانة الكرامة في مجتمعاتنا اعتقال النساء والاعتداء عليهن بالضرب أو المساس بسمعتهن، ويبدو أن هذه سياسة جديدة متبعة في بعض الأنظمة الفاشية التسلطية.

والمؤلم إننا نجد بعض الإحصائيات المخجلة، التي تظهر البون الشاسع بين أعداد الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، وفي السجون التي يسيطر على نظام الحكم فيها بعض الأحزاب التي تدعي أنها إسلامية، وتعمل بموجب ضوابط الشرع الكريم، وأيضًا تعمل في النظم الديمقراطية الحديثة، وتدعي أنها تحترم حقوق الإنسان، وهنا سأحاول ذكر بعض الإحصائيات التي تظهر البون الشاسع في أعداد النساء المعتقلات بين السجون (العراقية والصهيونية).

في يوم 4/3/2014، أفاد مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان في فلسطين، بأن عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجن (هشارون) الصهيوني بلغ (22) أسيرة، وهن يعشن وسط ظروف معيشية صعبة ووسط إجراءات عقابية ومشددة من قبل إدارة السجن.

وقال مدير المركز في بيان صحفي، إن الأسيرات الفلسطينيات يشتكين من الظروف التي يعشنها، ومن عدم انتظام الزيارات لهن، وسوء العلاج المقدم للمريضات منهن، إضافة لسوء معاملة الجنود والمجندات هناك.

إذن في سجون الاحتلال الصهيوني فقط (22) أسيرة فلسطينية، وللأمانة نحن لا نريد أن نهون من هذا العدد، وإلا فإن أسيرة واحدة تحملنا همومًا بقدر الجبال، إلا أن المقام دعانا لهذه المقارنة المؤلمة والمخجلة؛ لبيان حجم الظلم والطغيان في عراقنا المبتلى!

اليوم في السجون العراقية نجد أن أعداد المعتقلات أكثر من (190) ضعفًا؛ مقارنة بعددهن في السجون الصهيونية، ففي يوم 6/2/2014، أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقريرها المكون من (105) صفحات، وكان تحت عنوان: (لا أحد آمن: انتهاك حقوق المرأة في نظام العدالة الجنائية العراقي)، إلى وجود ( 4200) معتقلة في السجون الحكومية العراقية.

تقرير المنظمة الدولية وثقت فيه الإساءة إلى سيدات أثناء الاحتجاز، استنادًا إلى مقابلات مع سيدات وفتيات في السجون؛ ومع عائلاتهن ومحاميهن؛ إضافة إلى مراجعة وثائق محاكم ومعلومات مستفيضة تلقتها في اجتماعات مع سلطات عراقية تشمل مسؤولين من وزارات العدل والداخلية والدفاع وحقوق الإنسان، واثنين من نواب رئيس الوزراء.

وأشارت المنظمة إلى أن: "الأغلبية الساحقة من السيدات الـ(4200) المحتجزات في مراكز تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع ينتمين إلى الطائفة السنية، إلا أن الإساءات التي توثقها هيومن رايتس ووتش تمس سيدات من طوائف وطبقات المجتمع العراقي كافة، وأن هنالك الآلاف من النساء المعتقلات في السجون العراقية يتعرضن للتعذيب واساءة المعاملة وصولاً لـ(الانتهاك الجنسي)، وأن السلطات العراقية تحتجز آلاف السيدات دون وجه حق، وتخضع الكثيرات منهن للتعذيب وإساءة المعاملة، بما في ذلك الانتهاك الجنسي. وكثيراً ما يلجأ القضاء العراقي الضعيف، المبتلى بالفساد، للاستناد في أحكام الإدانة إلى اعترافات منتزعة بالإكراه، كما تقصر إجراءات المحاكمات دون المعايير الدولية. تعرض العديد من السيدات للاحتجاز طوال شهور أو حتى سنوات دون اتهام قبل العرض على قاض".

وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة (جو ستورك): "يتصرف مسؤولو الأمن وأفراد قواته في العراق كما لو أن الإساءة الوحشية إلى السيدات ستجعل البلاد أكثر أمناً. والواقع هو أن هؤلاء السيدات وأقاربهن قالوا لنا إنه طالما استمر انتهاك قوات الأمن للناس دون عقاب فلا يمكن أن نتوقع إلا المزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية، وأن العديد من السيدات الـ(27) اللواتي أكدنّ للمنظمة التعرض للاعتداء بالضرب، والصفع، والتعليق في وضع مقلوب والضرب على القدمين (الفلقة)، والتعرض للصدمات الكهربية، والاغتصاب أو التهديد بالاعتداء الجنسي من طرف قوات الأمن أثناء استجوابهن. كما قلن إن قوات الأمن استجوبتهن بشأن أنشطة أقارب لهن من الذكور وليس بشأن جرائم تورطن فيها هن أنفسهن. وقلن إن قوات الأمن أرغمتهن على التوقيع على أقوال، بالبصمات في أحيان كثيرة، دون السماح لهن بقراءتها، وقد تبرأن منها لاحقاً في المحكمة".

وبين التقرير: "حضرت إحدى السيدات اجتماعها مع هيومن رايتس ووتش، في السجن الذي يخصصه العراق للمحكوم عليهن بالإعدام في حي الكاظمية ببغداد، على عكازين. وقالت إن تسعة أيام من الضرب والصدمات الكهربية والفلقة في آذار 2012 أحدثت بها عاهة مستديمة. كما أن كسر الأنف، والندوب على الظهر، والحروق على الثديين التي لاحظتها هيومن رايتس ووتش تتفق كلها مع ما زعمته من إساءات. تم إعدام السيدة في أيلول 2013، بعد سبعة أشهر من مقابلتها مع هيومن رايتس ووتش، رغم صدور أحكام من محكمة أدنى درجة تسقط عنها الاتهامات، في أعقاب تقرير طبي يؤيد مزاعمها بالتعرض للتعذيب، وأن قوات الأمن العراقية دأبت على اعتقال سيدات دون وجه حق، وارتكبت انتهاكات أخرى لسلامة الإجراءات القانونية بحق السيدات في كل مرحلة من مراحل نظام العدالة. تتعرض السيدات للتهديد بالاعتداء الجنسي أو الاعتداء الفعلي، أمام الأزواج أو الإخوة أو الأطفال في بعض الأحيان".

واختمت المنظمة تقريرها بقول لجو ستورك "من أوجه عديدة تعد الإساءات التي وثقناها بحق سيدات بمثابة لب الأزمة الراهنة في العراق، فقد أدت هذه الإساءات إلى غضب دفين وافتقاد للثقة بين طوائف العراق المتنوعة وقوات الأمن، والعراقيون جميعاً يدفعون الثمن".

وفي يوم 8/2/2014؛ ردت وزارة حقوق الإنسان في حكومة المالكي على تقرير منظمة (هيومن رايتس ووتش)، الذي اشار الى إن السلطات العراقية تحتجز (4200) امرأة دون وجه حق، وتخضع الكثيرات منهن للتعذيب وإساءة المعاملة بما في ذلك الانتهاك الجنسي، قائلة إن "هذا التقرير يفتقد للمهنية والحيادية، وعدد النساء في السجون (1081)، وليس ما ذكرته المنظمة".

وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة كامل أمين في تصريح له إن "تقرير المنظمة لا يعتمد هذه المبادئ وهذا ليس التقرير الأول، خاصة وانه يعتمد العنوانين المثيرة بأن هناك (4200) امرأة معتقلة في السجون"، مؤكدًا أن "هذا الرقم غير صحيح، وأن عدد النساء السجينات والموقوفات  (1081) امراة، ومن جميع أنحاء العراق، وليس من طائفة أو مكون معين".

وحتى لو افترضنا جدلاً، أن العدد فقط (1081) امرأة في السجون الحكومية؛ فهذا الرقم يؤكد أنه يمثل حوالي (50) ضعفًا مقارنة بالمعتقلات في السجون الصهيونية، فيما يؤكد تقرير الهيومن رايتس ووتش أن الرقم يصل إلى أكثر من (190) ضعفًا.

هذه هي الأوضاع في السجون الحكومية العراقية، وهي تؤكد حقيقة ناصعة: هذه البلاد هي عبارة عن معتقل كبير مليء بالوحشية والظلم والفساد والقتل والإرهاب الرسمي، وشعب مظلوم لا يريد مزيدًا من الدماء، وهم يحلمون بغد مشرق يغير حياتهم إلى الأفضل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى