العراق وأمريكا والقرون الوسطى!



في عام 1991، هدد وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر الحكومة العراقية قائلاً: (سنعيد العراق إلى القرون الوسطى)، واليوم (20/3/2014)، تطل علينا الذكرى الحادية عشر للاحتلال الأمريكي لبلدنا، ومن الانصاف لعراقنا الحبيب أن نقف عند هذه الذكرى المؤلمة، وهذه العبارة المليئة بالمكر والخداع والشرور.
ففي العشرين من شهر مارس/ آذار 2003، عاد الأمريكان لتنفيذ مؤامرتهم على العراقيين، وغزت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا العراق، وقالتا إن الهدف من ذلك: ((تجريد البلاد من أسلحة الدمار الشامل؛  وتحرير العراقيين من نظام صدام حسين)).
وفي ذلك اليوم المشؤوم، جربت أمريكا وبريطانيا كل ما لديهما من أسلحة محرمة وغير محرمة، وكانت أعداد الضحايا جسيمة في صفوف المواطنين، وفي البنى الفوقية والتحتية للبلاد.
وفي يوم الأربعاء 9 إبريل 2003م، قال هانز بليكس كبير مفتشي الأمم المتحدة إن: ((الولايات المتحدة شنت الحرب عندما بدأ العراق التعاون مع الأمم المتحدة، وإن الحرب كان مخططاً لها منذ زمن بعيد))!
وفي يوم 19 مايو 2003، اعترف (جاك سترو) وزير خارجية بريطانيا (( بعدم وجود أي دليل مادي لأسلحة دمار شاملة في العراق))!
وهكذا فإن حجة احتلال العراق ولدت ميتة؛ ورغم ذلك استمرت أمريكا في احتلاله حتى نهاية عام 2011، وهنا نريد أن نطرح التساؤل الآتي: هل أن أمريكا وفت بوعدها؛ وأعادت العراق للقرون الوسطى؟!
أظن أنها أوفت بوعدها المشؤوم، وإليكم الأدلة:
1. انعدام حق العراقيين في العيش، وصارت القوات الأمريكية المحتلة تقتل الأبرياء على أنغام الموسيقى، حيث قُتل في (مرحلة الديمقراطية) مليونان وثلاثمائة وخمسون ألف عراقي، وهذه الاحصائيات لغاية آذار/ مارس 2009، ونشرتها مجلة لانست في 5/3/2009.
2. اعتقال العراقيين وإهانتهم المتمثلة بازدراء القيم الدينية والاجتماعية، وفضيحة سجن ابو غريب عكست مدى الحقد الدفين في قلوب تلك القوات الغازية، وهنا سنكتفي بما ذكره قائد المعتقلات الأمريكية في العراق (دوغلاس ستون) في لقاء مع السي أن أن في يوم 5/5/2008؛ إذ قال: (( لدينا اليوم (23500) ألف معتقل، ( 525) حدث دون سن الـ ( 18)، و(18) سيدة، وهناك (10) % فقط من المعتقلين يمثلون أمام القضاء العراقي)).
3. ازدهار السجون السرية والعلنية؛ فقد أكد النائب محمد الدايني يوم 30/10/2008، أن (( هناك أكثر من (420) معتقلاً سرياً في العراق إضافة لـ( 37) سجناً علنياً)).
4. الرعب الأمريكي شجع المدنيين على الهجرة؛ وكانت المحصلة أكثر من( 77,2) مليون مهجر في داخل العراق، وثلاثة ملايين في الخارج، وهذه الأرقام ذكرتها منظمة العفو الدولية في 29/4/2008.
5. جيوش الأيتام الذين نُحر أبائهم بآلة (التحرير الأمريكية)، وفي عام 2008، قالت وزارة التخطيط العراقية: (( إن هنالك في العراق خمسة ملايين يتيم)).
6. انعكاسات السلاح الأمريكي المحرم على الصحة العامة، إذ قال وزير التعليم العالي (عبد ذياب العجيلي) في يوم 11/5/2010، إن (( مشكلة السرطان باتت تهدد كل أُسرة عراقية؛  بسبب ما تعرض له البلد من حروب انعكست نتائجها سلباً على الواقع الحياتي)).
7. في يوم 7/10/2009، أشارت منظمة اليونسكو إلى: (( انحدار مستوى التعليم الجامعي والأساسي، وسيطرة التخلف على المجتمع العراقي)).
8. وهنا نختم كلامنا بما قالته منظمة الصليب الأحمر في عام 2008، حيث أكدت أن (( ملايين العراقيين يعيشون في أوضاع مزرية)).
صدقت أمريكا؛ وأعادت العراق إلى ما قبل القرون الوسطى، وإلا فإن العراق، في تلك القرون كان مركز الدولة العباسية، وكانت بغداد مركزاً ثقافياً وعاصمة سياسية كبرى؛ غير أن غزو المغول لها في القرن الثالث عشر الميلادي حد من نفوذها وإشعاعها الحضاري.
أظن أن مغول العصر أعادوا العراق اليوم إلى قرون التخلف والجاهلية.

فمتى سننفض غبار الاحتلال والخونة والعملاء، لننطلق في مسيرة الإعمار والبناء لعراقنا الغالي؟! 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى