المجتمع الدولي والقضية العراقية






الكيل بمكيالين سياسة عالمية، ومحلية، متبعة- وبصراحة- في التعامل مع العديد من الملفات الساخنة، وهي بارزة- بشكل لا يمكن التغطية عليه- في الملفات الفلسطينية والعراقية والسورية. وهذه السياسات المتناقضة نلمسها في العديد من المواقف والقرارات التي يتخذها هذا الطرف، أو ذاك من الأقطاب الدولية، أو الدول التي تدور في فلك هذه الأقطاب تجاه قضايا مصيرية تتعلق بحياة الناس وكرامتهم وحقوقهم، وبمصائر دول وشعوب، وتكون- في الغالب- غير منصفة، وغير عادلة.
وهذه المواقف المتناقضة هي التي دفعت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية يوم 3/3/2014، لكتابة تعليقاً مقتضباً على إحدى الصور المروعة، التي تم التقاطها من أحد شوارع العراق، والتي تُظهر جانباً من جوانب المأساة التي يعيشها العراق يومياً، وأعمال العنف التي تشهدها البلاد، ومما جاء في التعليق: (أن العراق لو كان أوكرانيا أو تايلاند أو فنزويلا لاهتم به العالم، ولكن لا أحد هنا يهتم بأن هناك العشرات من العراقيين يقتلون بشكل شبه يومي).
والمجلة الأمريكية ذكرت ما تناقلته وكالات الأنباء من إعلان الأمم المتحدة أن أكثر من (700) شخصاً، قتلوا في أعمال العنف المستمرة في العراق خلال فبراير/ شباط المنصرم، وهذه الأرقام لا تشمل أعداد القتلى في الأنبار، إذ أكدت الأمم المتحدة أن السلطات المحلية سجلت مقتل (298) مدنياً في الأنبار، حيث تدور معارك يومية بين ميليشات الحكومة وأبناء العشائر منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن المنظمة الدولية أكدت أنها لا تستطيع تأكيد الأرقام من مصادر مستقلة؛ وهذا يعني أن أعداد الخسائر البشرية تقارب الألف ضحية في عموم العراق!
وفي ذات اليوم تحدثت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، عن أن ((المعارك في الأنبار؛ أدت لمحاصرة عشرات الآلاف من المدنيين، كما تعذر وصول المساعدات إليهم. وفي الوقت ذاته، نجح حوالي (300) ألف شخص في مغادرة الفلوجة، وأن النزوح من الأنبار هو الأكبر هذه المرة منذ الحرب الأهلية في العراق قبل سبع سنوات)).
وهنا نقول لماذا هذا الاستخاف بالدم العراقي، ولماذا هانت هذه الأرواح البريئة، التي تنحر يومياً على الجميع عرباً ومسلمين وغيرهم؟!
هذا الهوان بكل ما تعنيه هذه الكلمة من مرارة نلمسها في حيثيات حياتنا اليومية سببها تغول الحكومة على الشعب، وكأنها وحش كاسر يريد التهام فريسته! وأعتقد أن ساسة المنطقة الخضراء جعلوا العراق مضرباً للأمثال من حيث درجة الضعف والهوان على الآخرين؛ لأنهم ارتضوا لأنفسهم أن يفعلوا أي شي من أجل البقاء في مناصبهم الهزيلة، وأكبر دليل على ذلك ما قاله نائب الرئيس الروسي ديمتري روكوزن في تصريح صحافي يوم 3/3/2014، حيث أكد أنه ((يتجاهل تحذيرات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول تدخل الجيش الروسي في أوكرانيا، وأن روسيا العظمى لا تشبه سوريا والعراق)).
هذه هي حصيلة السياسات الدكتاتورية الاقصائية، ومحصلة الدمار الذي خلفته سياسة الحكومة التي يقودها زعيم حزب الدعوة، والسؤال الذي يثار هنا هو:
إلى متى ستبقى الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية تغض الطرف عن هذه المذابح التي ترتكب على أرض الرافدين، والتي غالبية ضحاياها من الأطفال والنساء وكبار السن؟!

أظن أن المرحلة لا تحتمل مزيداً من الدماء والتجاهل؛ بل تتطلب من المجتمع الدولي، ومن الدول العربية وقفة جادة لإنقاذ العراقيين من النفق المرعب الذي هم فيه الآن، ومن بحر الدماء الغارقون في أوحاله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى