الإنجازات السلبية في العراق اليوم


تتنافس البلدان فيما بينها في كافة المجالات التقنية والعلمية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، بل وحتى في المجالات الرياضية والأدبية والفنية، وتقدم البلدان في أي مجال من هذه المجالات هو مدعاة لتفاخر أبنائها؛ لأن البلدان، أو الأوطان تمثل العائلة الكبيرة لكل مواطن، وعليه فإن تقدم، أو تنافس بلده مع بقية دول العالم أمر يبعث في النفس الانسانية الزهو والفخر.
والعراقيون يتمنون أن يذكر بلدهم كباقي غالبية بلدان الدنيا بأخبار تعكس الفرحة والسرور والتقدم والعيش الرغيد في ربوع وطنهم، إلا أن واقع الحال جعل هذه الآمال أقرب للخيال العلمي منها للواقع اليومي؛ واقع مليء بمشاهد الرعب، ومناظر الدم والأشلاء المتناثرة، والاعتقالات والظلم والجور، ونقص الخدمات الضرورية لاستمرار الحياة الانسانية.
حكومة المنطقة الخضراء المتسلطة على رقاب العراقيين اليوم تنافس بعض بلدان العالم في تفننها بقمع المظاهرات السلمية، وبناء سجون حديثة واسعة لاستيعاب مئات الآلاف من المعتقلين، وأيضاً تنافس العالم في تسليح قوات ما تسمى مكافحة الشغب وغيرها من مظاهر الدكتاتورية، وهي بذلك تتطور، ولكن- مع الأسف- الشديد تتطور تطوراً سلبياً.
وفي كل يوم تتأكد حقيقة مريرة في بلاد الرافدين، وهي أن العراق اليوم يتقدم ويتطور تطوراً سلبياً، وتتحقق في ربوعه انجازات وهمية، وكل ذلك يزرع في النفس المرارة والحيرة، ومن ضمن الانجازات السلبية التي لا تعد ولا تحصى، ما ذكرته منظمة «نيسونو توتشي كاينو» الايطالية غير الحكومية، التي تُعنى بمكافحة الإعدام في يوم 28/7/2013، والتي أكدت: « أن العراق حلّ في المرتبة الثالثة عالمياً في تنفيذ أحكام الإعدام»، وأن «عدد تنفيذ عقوبات الإعدام في العالم انخفض في العام 2012، الذي سجل فيه تنفيذ حوالي أربعة آلاف عقوبة إعدام، مقابل أكثر من خمسة آلاف في العام 2011، وانه بعد الصين، تأتي إيران بـ (580) عقوبة إعدام، ثم العراق بـ(129) حالة».
هذه الأرقام تتوافق مع احصائيات أكدتها منظمة العفو الدولية التي أشارت إلى أن حالات الإعدام في العراق بلغت أكثر من (129) حالة، وهو رقم مضاعف قياساً بعدد الإعدامات المسجلة سنة 2011 (68 حالة على الأقل)، وأن (1400) شخص عراقي ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام بحقهم!
وكانت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش (سارة ليا ويتسن) قد أكدت في يوم 25/4/2013، أنه: «يبدو أن الحكومة تعتقد أن أفضل طريقة لمواجهة تصاعد العنف الذي عانى منه العراق، منذ بداية السنة،  تتمثل في مزيد من القتل والظلم على يد الدولة، ومع ارتفاع وتيرة الهجمات وعمليات الإعدام بشكل متزامن، يُصبح من الواضح أن هذه التكتيكات العنيفة غير مجدية».
وأكدت مديرة المنظمة الدولية أيضاً أن أشخاصاً محتجزين أكدوا لها: «أنهم أدينوا بتهم متعلقة بالإرهاب؛ وذلك بالاعتماد فقط على شهادات أدلى بها مخبرون سريون إلى المحاكم، دون أن يتمكنوا من مواجهتهم. وأكد محامو الدفاع ووثائق المحكمة في عديد المرات مزاعم الأشخاص المحتجزين»!  
هذا ما جناه العراقيون من مرحلة» التحرير»، بلاد تمتلك خيرات الدنيا المتنوعة، وفيها أكثر من 25% من المواطنين تحت خط الفقر، وعلاوة على الفقر ونقص الخدمات، يعاني العراقيون من فتك السيارات المفخخة، والإرهاب الرسمي وغير الرسمي!
عموماً فإن الاعدامات ليست من الانجازات التي تفاخر بها الدول، والإعدامات الظالمة تكون سبباً رئيسياً لتنامي العنف في المجتمعات؛ لأن المواطن الذي يشعر بالحيف والظلم في زمن غياب العدل والإنصاف والقانون فإنه سيسعى لتحصيل حقه بيديه، وهو ما يحصل اليوم في العراق.
هذه الاعدامات الانتقامية الكيدية تؤكد بما لا يقبل الشك تخبط حكومة المنطقة الخضراء، وأنها لا تمتلك بوصلة واضحة في تعاملها مع الأوضاع المتردية في عموم البلاد، وهذا التخبط هو الميزة الأبرز لسياساتها الداخلية والخارجية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى