المالكي يتهجم على علماء الأمة



الأمم العظيمة هي التي تعتز بعلمائها في كافة مجالات العلوم الشرعية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية وغيرها، والأمم الأعظم هي التي تتفاخر بفقهائها الصادقين الذين جعلوا أرواحهم رخيصة؛ من أجل نشر الصلاح، وقول كلمة الحق في وجه القتلة والمجرمين.
والعلماء صنفان؛ صنف رضي لنفسه أن يكون من اتباع السلاطين، والقسم الآخر كانوا قادة للأمة في الأزمات، وهذا ما وقع في العراق في مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي، حيث بقي العلماء وأئمة المساجد وخطباؤها اللولب المحرك مجريات الحياة العراقية.
شلال الدم المستمر في سوريا الحبيبة يدفع كل الشرفاء للوقوف مع الشعب السوري الشقيق الذي تحمل بطش وإرهاب النظام، والذي فتح كافة الجبهات ضد شعبه، ولو أنه (أي النظام) استمع لنصائح الناصحين، الذين طلبوا منه في بداية الأحداث أن يتفاهم مع العقلاء من المتظاهرين، ومحاولة تلبية المطالب المشروعة للشعب، لما وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم.
ومع تعنت النظام وتجاهله للأصوات المحبة لسوريا ولشعبها، وليس لنظام الأسد المعروف بالإرهاب والإجرام استمر القتل المجاني للسوريين، والدم المسفوح، والخراب المبثوث في كل أرجاء سوريا الجميلة!
المؤامرة على السوريين مستمرة منذ أكثر من عامين، وفي كل يوم تقريباً يسقط أكثر من مائة شهيد سوري، وعلى الرغم من ذلك يزداد النظام بطشاً بشعبه، مستخدماً كافة أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية التي تصله من إيران وروسيا، فضلاً عن مناصرة مقاتلي حزب الله اللبناني السفاحين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم في القصير وغيرها، وما يزالون حتى الساعة هم والشبيحة ينحرون الشعب السوري بهمجية لم نر مثلها في العصر الحديث!
كل هذا الإرهاب الحكومي السوري دفع علماء الأمة إلى مساندة اخوانهم في سوريا؛ حيث دعا ممثلو 76 رابطة ومنظمة إسلامية في اجتماع عقده المجلس التنسيقي الإسلامي العالمي في القاهرة منتصف شهر حزيران 2013، إلى النفرة والجهاد بالنفس والمال والسلاح لنصرة الشعب السوري وإنقاذه مما أسموه «إجرام نظام طائفي».
والاجتماع لم يكن اجتماعاً مقتصراً على جهات غير معروفة، بل إن المؤتمر الذي عقد بدعوة من «المجلس التنسيقي الإسلامي العالمي»، ضم منظمات وجمعيات إسلامية في مقدمتها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة العالم الإسلامي وهيئة كبار العلماء في السعودية، ورابطة علماء الشام وغيرها من المنظمات الاسلامية العريقة، وغيرها من المنظمات المعتبرة والشخصيات الاسلامية المعروفة.
هذا التجمع المساند لأهلنا بسوريا، يبدو أنه استفز مشاعر حكومة المالكي ببغداد، ولم يتحمل المالكي وأتباعه مثل هذه الفتاوى، فصدرت عنهم تصريحات مخجلة؛ لأنهم هاجموا بها رموز الأمة وعلماءها.
ففي يوم 17/6/2013، انتقد رئيس الحكومة نوري المالكي في احتفال أقيم لذكرى السجين السياسي في بغداد الفتاوى الداعية للجهاد في سوريا ووصفها بـ «الهابطة»! وقال المالكي: «مع الأسف الشديد نرى من مقامات كنا نعدها شامخة تفتي فتاوى هابطة باتجاه تكفير الآخر، والدعوة إلى قتاله ودعوة الآخرين للذهاب إلى القتال».
وحذر المالكي دول المنطقة مما وصفها «عاصفة من الإرهاب والمصير المجهول»، مضيفاً أنه طالب دولا بالوقوف معه «في مواجهة الإرهاب، قبل أن يعبر إليهم وقد عبر الآن».
هجوم المالكي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، ففي يوم 29/6/2013 حذر المالكي من ما أسماها «انتشار فتاوى التكفير»، قائلاً: «إن السكوت عنها هو الخطر الداهم الذي يهدد الجميع»، وحذر المالكي من «العاصفة التي تجتاح المنطقة حالياً، والناجمة عن الفتاوى التحريضية».
من يسمع كلام المالكي يتصور أن الوضع في العراق، على أكمل صورة، ونسي المالكي، أو تناسى الفتاوى التي صدرت من هنا، أو هناك في داخل العراق وخارجه التي تسببت بسفك دماء الأبرياء العراقيين، وبقيت الحكومة حينها، وما تزال تتفرج على استهتار المليشيات المتغلغلة في أغلب الأجهزة الأمنية!
أظن أن الأولى بحكومة المالكي أن تعلن انسحابها من المشهد العراقي؛ لأنها فشلت، وبامتياز، في ترتيب البيت العراقي، بل هي كانت –وما تزال- من معاول الهدم والخراب بين العراقيين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى