ديمقراطية الحديد في (العراق الجديد)



التفاخر بالقيادات الدينية والاجتماعية والسياسية أمر مهم في حياة الشعوب، وخصوصاً شعوبنا العربية والإسلامية، وعموم الشعوب تطمح أن تكون لها قيادات في كافة المجالات، وخصوصاً في المجالين الديني والسياسي، لتكون قدوة لها في حياتها تستلهم منها الروح المعنوية العالية الدافعة للعمل في كافة القطاعات.
وبحكم التغيرات الخطيرة التي تمر بها منطقتنا، نجد أن الناس في هذه المنطقة يهتمون بالقيادات السياسية، وكم رأينا من الشعوب التي تعشق قياداتها الصادقة، الحريصة المناضلة بصدق؛ من أجل خدمة الناس والقضاء على الفساد والشرور، ونشر الأمن والسلام في عموم الوطن! وهذا أمر يملأ النفس بهجة وسروراً؛ لأن القيادات النزيهة هي الخيمة التي يستظل بظلها جميع الناس من دون تمييز بين مواطن وآخر، وهي الدافع الحيوي للإبداع والتقدم.
والعراق بعد عام 2003، نزلت عليه قيادات لا يمكن وصفها، غالبيتهم جاؤوا مع المحتل، ويقولون نحن نحب العراق!
وبقوا على هذه النغمة حتى اليوم، ولم يقدموا للعراق والعراقيين ما يدلل على وطنيتهم وحبهم للبلد، بل على العكس من ذلك كل أفعالهم تشير إلى ارتباطهم بأجندات أجنبية غريبة عن المجتمع العراقي.
والمؤلم أن هؤلاء الساسة كذبوا علينا بكذبة الديمقراطية، ونحن لم نصدقها، لكنهم صدقوا أنفسهم، على الرغم من أنهم يعرفون جيداً أنهم كاذبون!
قبل شهر تقريباً رأى رئيس المؤتمر "الوطني العراقي أحمد الجلبي" في صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أن: ( حل التوتر الأمني هو الضرب بيد من حديد؛ لأن لغة الحديد تعوّد عليها الكثير من العراقيين، وأن التراخي في تنفيذ العقوبات والقوانين، وتجاهل دور القضاء، وترك الأحزاب تعمل دون قوانين ودون رقيب، وقلة العمليات العسكرية الاستباقية على الجماعات المسلحة هي من أسباب التجاوزات والخروقات وظهور نكرات يحملون سلاحاً ويتحدون الحكومة)!
بهذه اللغة الهمجية الإجرامية المتخلفة يتكلم أحد قادة الديمقراطية في "العراق الجديد"، نحن نعرف غالبية هؤلاء الساسة، وأنهم شخصيات إجرامية نفذت جرائمها في عموم العراق منذ الأيام الأولى للاحتلال سواء عبر الاغتيالات، أم الاعتقالات، أو التهجير المنظم، ولا أعتقد أن الجلبي أضاف شيئاً جديداً لموضوع الاجرام في العراق، والقبضة الحديدية التي تقود بها الحكومة الأمور في البلاد؛ لأننا نعرف حقيقية هؤلاء الساسة.
الجديد في الموضوع أن الجلبي كشر عن أنيابه، وتحدث بهذه اللغة المليئة بالاجرام وروح الانتقام، لكي يعرف الناس جميعاً حقيقة هؤلاء الأشرار.
الجلبي، وغيره من ساسة العراق اليوم، يحالون تنميق عباراتهم، واظهار أنفسهم على أنهم سياسيون بعيدون عن لغة القتل والظلم! وأفعالهم تكذب هذا الإدعاء، وهذه الحقيقة لا يختلف عليها اثنان في بلادنا.
سياسة القبضة الحديدية صارت الحكومة الحالية تستخدمها في كافة القطاعات اليومية، وهذه السياسة تظهر جلياً من خلال الاعتقالات والاعدامات خارج نطاق القانون، وغيرها من صور البطش والاضطهاد، وهي سياسة مألوفة للعراقيين!
الأمر المثير للاستغراب أن البطش الحكومي، أو ما يحلو لها أن تسميه القبضة الحديدية، طال مجالات ما كنا نتصور في يوم من الأيام أن يصلها الارهاب الحكومي، حيث نجد الحكومة اليوم تقتحم مجالاً جديداً لترتكب جرائمها الوحشية، ألا وهو المجال الرياضي، حيث اعتدت قوات حكومية يوم 22/6/2013، على ( محمد عباس) مدرب نادي كربلاء لكرة القدم! حيث هاجمت قوة عسكرية قوامها أكثر من (40) عسكرياً من قوات سوات، التابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، واعتدت بالضرب على مدرب النادي محمد عباس على رأسه، وباقي أنحاء جسمه بالعصي الكهربائية والهراوات، وحطمت جمجمته التي أصابتها بثلاثة كسور، وهو الآن ميت سريرياً، ويرقد في مستشفى كربلاء، كما اعتدت هذه القوة على عضوي الهيئة الإدارية أحمد هدام ووليد حسين بالهراوات والعصي الكهربائية)، بحسب ما جاء في بيان صحفي لنادي كربلاء بعد الحادثة.
الهيئة الإدارية لنادي كربلاء وصفت حماية الملاعب الذين اعتدوا على حرمة نادي كربلاء: (بالعصابة التي تعاملت مع اللاعبين والاداريين بكل وحشية، من دون أي سابق إنذار، في الوقت الذي يعلم الجميع أن من واجبات هذه الحماية هو فكّ الاشتباكات والنزاعات بين اللاعبين وحماية الفريقين المتباريين وجمهورهما، لكن للأسف ما حصل هو أنهم قاموا بالاعتداء من دون أي وجه حق، وأن رد فعل المسؤولين في المحافظة تجسد بإلقاء القبض على طفل، ورميه في السجن على أساس أنه المعتدي، في الوقت الذي يعرف الجميع أن المعتدي هو ضابط، وقد لاذ بالهروب؛ ليختفي عن أنظار الجميع، فيما قام أحد المصورين بتصوير الحادث بكل تفاصيله؛ من خلال جهاز الموبايل الخاص به؛ لكنه فرّ من مطاردة قوات الأمن التي لاحقته وداهمت منزله، ولم تجده في الوقت الذي قامت به تلك القوات بتحطيم جميع كاميرات المصورين الذين صوروا الحادث الجبان)!
هذه هي الديمقراطية التي يتغنى بها المالكي وعصاباته الإجرامية، المنتشرة في عموم بلاد الرافدين، حيث إن استهتار أجهزة الأمن الحكومية وصل لمديات لا يمكن تصورها، بحيث إنها نشرت ظلمها حتى في القطاع الرياضي، الذي لم يشهد مثل هذه الجريمة اطلاقاً!
القبضة الحديدية التي تتوقع الحكومة وأزلامها أنهم قادرون من خلالها ترتيب المشهد العراقي أظن أنها أثبتت فشلها الذريع، وستجني الحكومة- قبل غيرها- انعكاسات هذه السياسات الهمجية ضد العراقيين!
ملاحظة:

اعلن قبل قليل– الأحد 30/6/2013- عن وفاة المدرب ( محمد عباس) مدرب نادي كربلاء بعد أن بقي في العناية المركزة لأكثر من ثمانية أيام؛ وهكذا أضيف (محمد عباس) إلى قافلة المظلومين في "العراق الديمقراطي الجديد"!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى