المؤامرة على المتظاهرين العراقيين





وصلتني صباح الاثنين الماضي رسالة من أحد شيوخ العشائر المشاركين في محافظة الانبار، بخصوص نية حكومة المالكي الديمقراطية القيام بحملة عسكرية تستهدف المتظاهرين في محافظة الانبار، وإنهاء اعتصامهم بالقوة، ومما جاء في الرسالة، التي أنقلها بحيادية، ولا أريد تأكيد أو نفي ما فيها:



1- سيتم غلق الحدود صباح هذا اليوم



وفعلاً أكدت حكومة المالكي، وعلى لسان وزير دفاعها سعدون الدليمي أنها قررت إغلاق الحدود الدولية مع الأردن وسوريا حتى اشعار آخر.



وحتى تبرر الحكومة هذا الفعل، فإنها ادعت أن الاعتصامات تسببت بقطع الطريق الدولي الذي يربط العراق بكل من الأردن وسوريا، وهذه الحجة غير صحيحة، ولا يمكن تقبلها؛ لأن الواقع يؤكد استمرار حركة التجارة بين العراق والأردن، وهذه حجة يراد بها إظهار أن الاعتصامات أثرت في الاقتصاد العام للبلد.



2- سيتم الهجوم على المتظاهرين خلال ثلاثة أيام.



3- سيتم قطع الفلوجة عن الانبار، وإعلان حظر التجوال.



4- تم نشر قوة من القناصين في مناطق معينة ومرتفعة في الرمادي والفلوجة.



5- حكومة المالكي تنقل اللوائين (54) و(56) إلى الانبار.



6- ادخال قوات من كربلاء، والسيطرة على الرطبة والمناطق المجاورة لها.



هذه هي الخطة ببساطة!



ولا ندري هل الحكومة تريد أن تواجه المظاهرات السلمية بالحديد والنار؟!



ثم ما هي حجتها في استهداف المتظاهرين المسالمين؟!



تعامل الحكومة مع المظاهرات كان سلبياً، فبعد أن هدد المالكي المتظاهرين علانية، نجد اليوم أن وزير دفاعه سعدون الدليمي يلوح باستخدام الجيش لفض التظاهرات.



المتظاهرون لم يتسببوا -حتى الساعة- بأي أذى لأحد من المدنيين، أو العسكريين، والمظاهرات، وإن كانت تطالب بإسقاط الحكومة، فهذا حق قانوني للمواطنين، ألم يقولوا بأننا «دولة ديمقراطية»؟!



هذه هي الحرية، والشعب يحق له أن يتظاهر ويعرب عن رأيه!



ثم ماذا يعني نشر قوة من القناصين؟!



هذا يعني: أنه من الممكن أن نجد جثثاً مجهولة في الفلوجة والرمادي في الفترة المقبلة -لا قدر الله- والفاعل ليس مجهولاً، بل هي قوات القناصة، وهذا ما لا نتمناه لأهلنا.



هذا الاعتداء إن حصل -لا قدر الله- فإنه سيحرق العراق ويدخله في نفق مظلم؛ ذلك لأن الجماهير المحتشدة في ساحات الاعتصام ينبغي لكافة الجهات الحريصة على الوطن، أن تعمل على تهدئتهم بأسلوب حضاري، وليس باستخدام القوة العسكرية، وإلا فإن استخدام القوة هو الشرارة التي ستحرق البيدر.



وحتى نتكلم بعقلانية وحيادية، فإن تهكم المالكي على المتظاهرين قبل أسبوعين، ووصفه اياهم بأنهم فقاعة، وشعاراتهم نتنة، ثم إعلانه في يوم 9/1/2013 خروج تظاهرات في مناطق أُعطي فيها لكل محتج مبلغ 100 دولار!



كل هذه التهديدات والتهكمات الحكومية تجعلنا نميل إلى فرضية إمكانية قيام حكومة المالكي بمثل هذه العملية الجنونية في الأيام المقبلة.



إغلاق الحدود مع الأردن تسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية في الانبار، وكأن الحكومة تهدف إلى معاقبة عموم المواطنين! وأيضاً أرادت تجييش الشارع ضد المتظاهرين على اعتبار أن هنالك ضرراً اقتصادياً جراء هذا الإغلاق، ولا أعتقد أن هذه الأسلوب الملتوي سيؤتي ثماره!



وفي يوم 9/1/2013، لوح مجلس محافظة الأنبار بمقاضاة الحكومة المركزية لما لحق بالمحافظة من «أضرار مادية ومعنوية»؛ بسبب إغلاق الحدود، وعده تصعيداً ضد «الجماهير الغاضبة»، وهو تصرف يخالف المادة (114) من الدستور، والمتضمنة أن إدارة المنافذ الحدودية هي من الصلاحيات المشتركة بين الحكومتين المركزية والمحلية.



أضرار غلق الحدود لم تتوقف عند الجانب الاقتصادي فقط، بل امتدت آثارها إلى الجوانب الإنسانية، حيث إن الأردن هو المنفذ الوحيد لغالبية المرضى الذين لا يجدون من يضمد جراحاتهم في بلاد يشكو أهلها من الإهمال الخدمي والصحي.



أخيراً، ما الذي يريده المالكي وحكومته المأزومة من المتظاهرين: هل يريدون أن يضغطوا عليهم باستخدام القوتين العسكرية والاقتصادية؛ من أجل دفعهم إلى الرضوخ لحكومته الدكتاتورية، وترك مطالبهم الشرعية والدستورية؟!



أعتقد أنهم واهمون، «الربيع العراقي» لن يتوقف إلا بتحقيق أهدافه مهما كانت تكلفة هذه الانتفاضة.







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى