المؤتمر الوطني العراقي، هل سينجح؟



المؤتمرات الوطنية تعقد بين الأطراف المحلية المتناحرة في كل دول العالم؛ من اجل صياغة أساليب وسياسة العمل للمرحلة المقبلة، وإعادة اللحمة بينهم، وهذه المؤتمرات - في الحالة الاعتيادية- تحقق أهدافاً إستراتيجية ودافعة للعمل المشترك والبناء، وتضع الخطوط العريضة للسياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
واليوم نسمع بمحاولات “جادة” لعقد مؤتمر وطني في العاصمة العراقية بغداد، لحلحلة الأوضاع السياسية المعقدة والشائكة بين أرباب العملية السياسية، وهذا ما أكده جلال الطالباني الرئيس الحالي للعراق يوم 7/1/2012، حيث قال انه سيعود إلى بغداد من السليمانية؛ لإجراء لقاءات مع قادة الكتل السياسية حول مبادرته لعقد المؤتمر الوطني الموسع لحل الأزمة السياسية في البلاد، وانه تقرر بشكل نهائي عقد المؤتمر في بغداد، وأن اللجنة التي اقترحها، التي تتكون من عضوين من كل تكتل، ستقرر موعد انعقاد المؤتمر.
الدعوة للمؤتمر الوطني ظهرت بعد الخلافات الحادة التي برزت بين شركاء الأمس، وتحديداً بين رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي، وكل من طارق الهاشمي نائب الرئيس، ونائب المالكي لشؤون الخدمات صالح المطلك.
المالكي اتهم الهاشمي بالضلوع بجرائم تفجيرات واغتيالات، نفذها بعض أفراد حمايته. الأمر الذي ينفيه الهاشمي، واصفاً الاتهامات بأنها “ذات صبغة سياسية للانتقام منه، وإسقاطه سياسياً”.
والخلاف الآخر كان مع صالح المطلك نائب رئيس الوزراء، الذي وصف المالكي بأنه دكتاتور، وأن “ هناك تفردا بالسلطة، ودكتاتورية نادرا ما شهدها العراق، وهناك احتقان، وخطاب متشنج، وبالذات من المالكي”. وعلى هذا الأساس، قدم المالكي طلبا إلى مجلس النواب نهاية الشهر الماضي لسحب الثقة عن المطلك.
ويوم 4/1/2012، قرر المالكي منح ستة وزراء من القائمة العراقية، “قائمة علاوي” إجازة مفتوحة، وتكليف وزراء آخرين لإدارة الوزارات؛ بعد أن قاطع وزراء العراقية جلسات مجلس الوزراء.
ورد عليه المطلك يوم 5/1/2012، بالقول إن “ المالكي لا يملك أي حق قانوني في منح وزراء العراقية إجازة مفتوحة، وتعيين زملاء بدلا عنهم”.
مشكلة المالكي مع علاوي، والمطلك، والقائمة العراقية لا يمكن أن تنتهي باجتماع؛ لأن الإشكالية قبل أن تكون نفسية، أو مزاجية، هي في الحقيقة خلاف حول تقاسم السلطات والمصالح، حيث إن القائمة العراقية الفائزة في انتخابات عام 2010، تخلت عن استحقاقها الانتخابي بصفقة اربيل، التي لم تنفذ، وبموجبها تم الاتفاق على تشكيل المجلس الوطني السياسي للشؤون الإستراتيجية، ويكون برئاسة أياد علاوي، وبعد أسابيع قليلة، انقلب المالكي على شركائه، وذلك بعد أن تربع على رئاسة الحكومة بموجب اتفاق اربيل، كل هذه الأمور تجعل الأزمة مستمرة، هذا بالإضافة إلى استهداف قيادات، وأعضاء القائمة العراقية في عموم البلاد بالاعتقالات، والاتهامات الحقيقية والمزيفة بين حين وآخر.
خلال انعقاد هذا المؤتمر، سيشاهد العالم عبر شاشات التلفاز، ابتسامات ومجاملات، وخطب وحدوية، واتفاقات كلامية وبروتوكولية، لا وجود لها على ارض الواقع، وهذا هو الزلزال الحقيقي المستمر في العراق “الجديد”.
هذه المؤتمرات لا يمكن أن تكون البلسم الشافي للعلة العراقية؛ لأن هذا العلاج يشابه علاج الطبيب الفاشل لمريضه، الذي يحتاج لتداخل جراحي باعطاءه جرعات مسكنة لا يمكنها أن تنهي الورم الخبيث في جسمه.
الحل الجذري؛ للإشكالية العراقية لا يكمن في هكذا مؤتمرات، وإنما يتمثل في حل كامل شامل لكل المشاكل التي يعانيها العراق، ولن يتأتى هذا الحل إلا بانتهاج خط مغاير تماماً لما عليه الأمور الآن، وذلك بإنهاء كل آثار الاحتلال ومشروعه السياسي، وتوافق العراقيين على شروط موضوعية صالحة لبناء عملية سياسية صحيحة، والاحتكام إلى المنطق، وتغيير الدستور، ومن ثم إجراء انتخابات جديدة بإشراف منظمات دولية وعربية، وإيقاف التدخل الإقليمي والأجنبي في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
وأخيراً، فإن حب العراق والعراقيين، هو الدافع لهذه الكلمات، اتقوا الله في شعب أنهكته الحروب وتبعاتها!!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى