الانتربول ودوره في العراق اليوم


الإنتربول (Interpol‏)، هي اختصار لكلمة الشرطة الدولية (International Police‏)، وهي أكبر منظمة شرطة دولية، أُنشأت عام 1923، مكوّنة من قوات الشرطة لـ190 دولة، ومقرّها الرئيسي في مدينة ليون الفرنسية. والعراق، كما يذكر موقع المنظمة الرسمي، عضو فيها منذ عام 1967.
ويتمثّل دور المنظمة في تمكين أجهزة الشرطة في العالم أجمع من العمل معا، لجعل العالم أكثر أمانا. وتساعد بنيته التحتية التكنولوجية المتطورة للدعم الفني والميداني على مواجهة التحديات الإجرامية المتنامية التي يشهدها القرن الحالي.
والعراق بعد عام 2003، انهارت فيه كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية بسبب قساوة الضربات الأمريكية البريطانية تجاه البنى التحتية والفوقية، وكل ما يتحرّك على الأرض، وكذلك بسبب قرارات (بريمر) التي قادت إلى حل الجيش والأجهزة الأمنية السابقة، وعلى هذا الأساس دخلت البلاد في حالة فوضى لم يشهد لها العراق مثيلاً إلاّ في أيام غزو التتار.
الأجهزة الأمنية التي تكوّنت بعد عام 2003، مع الأسف الشديد، هي أجهزة طائفية، ومشكلتها أنّها في غالبيتها لا تنتمي للعراق، وقادتها يدّعون أنّهم يعملون من أجل فرض النظام والقانون، وعلى هذا الأساس طالبت حكومات المنطقة الخضراء المتعاقبة الشرطة الدولية، وفي أكثر من مناسبة، بتسليمها مجموعة من العراقيين باعتبارهم من المطلوبين دولياً، ومن «الإرهابيين».
ومن ضمن هذه الطلبات غير المعقولة تسليم عائلة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وكذلك نخبة من الشخصيات الدينية والوطنية التي وقفت ضد الاحتلال ومشاريعه التقسيمية التخريبية، واضطرت لمغادرة العراق بسبب الحملات الأمنية الطائفية التي تشنّها أجهزة الحكومة بمباركة قوات الاحتلال، والحق أنّه كان للدول العربية التي تستضيف هذه الشخصيات موقف مشرف في عدم التجاوب مع هذه الطلبات البعيدة عن القانون والأخلاق والقيم والأعراف، وقبل هذا وذاك بعيدة، كل البعد، عن الشرع.
وقبل يومين، اتّهم الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية في حكومة المنطقة الخضراء (عدنان الأسدي)، الشرطة الدولية «الانتربول»، بعدم التعاون لتسليم المطلوبين للقضاء العراقي، مدّعياً أنّ الانتربول الدولي، وأيّ دولة، ومنذ العام 2005، لم تتعاون مع العراق في إرجاع أيّ مطلوب أو متهم أو محكوم من قبل القضاء.
والغرابة ليست في هذه التصريح، وإنّما في الفقرة التالية التي جاءت في كلام الاسدي، حيث أكّد أنّ «الذي يتم إرجاعه من المطلوبين يخصّ قضايا جنائية بسيطة كالقتل وسرقة آثار باعتبارها قضية دولية».
ونلاحظ هنا أنّ الأسدي اعتبر «القتل وسرقة الآثار» من القضايا الجنائية البسيطة، وهذا يعني أنّ الرجل غير مكترث بحياة الملايين من العراقيين، وهو الوكيل الأقدم لوزارة الداخليةـ التي من المفترض أن تكون من أُولى مهامها الحفاظ على حياة المواطنين!
ما يجري في العراق اليوم داخل المعتقلات السرية والعلنية يضع أغلب قادة القوى الأمنية والعسكرية العراقية في دائرة الاتهام، واعتقد أنّ الانتربول مدعو اليوم لإلقاء القبض على رموز الحكومة الحالية القابعة في المنطقة الخضراء، وكذلك أغلب قيادات الجيش والشرطة الحكومية؛ لأنّهم متّهمون بقضايا قتل وتغييب وإعدامات خارج نطاق القانون، واختلاس للمال العام، ومنهم الأسدي الذي اتّهمته صحيفة «اكسترا بلادت» الدنمركية بعددها الصادر في 5/9/2009، بتركه لزوجته وثلاثة من أولاده يتقاضون إعانة مالية وسكن مجاني من مجلس مدينتهم، على الرغم من أنّه يتقاضى ما يعادل ملايين الكرونات الدنمركية، وأيضاً فإنّ الأسدي، وبحسب تأكيدات الخبيرة الدنمركية هيللا كيللا نيلسن يتقاضى عشرة بالمئة من كل عقد يمرره في وزارة الداخلية!
وعليه لا بد أن نعرف، هل دور المناصب هو التغطية على المخرّبين والمفسدين، أم الكشف عن الخراب والدمار؟!
الأدهى والأمرّ، أنّ هؤلاء المفسدين يطالبون باعتقال الشرفاء؛ لأنّهم رفضوا التصفيق للمحتل القاتل، ولأنّهم يحبّون العراق!
حقاً..إنّ شرَّ البلية ما يضحك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى