قتل أحلام شباب العراق




الشباب أداة التغيير في كل أمة من الأمم؛ لأن الإنسان في مرحلة الشباب تكون طموحاته وتطلعاته واسعة النطاق، وكذلك فإن الشباب العربي اليوم أصبح متميزاً بثقافته في مجالات الحياة المتنوعة، ولهذا كانت ثورات الربيع العربي من صنع الشباب، وقد نجحوا فعلاً في إحداث التغيير في تونس ومصر العروبة، وزلزلوا الأرض في سوريا واليمن، وهم الأمل، بعد الله سبحانه وتعالى، في إحداث التغيير في بلاد الرافدين رغم كل الصعوبات التي تواجههم.
الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003، حاولت إشغال الشباب عن دورهم النهضوي الفعال من خلال وسائل الترغيب والترهيب، إلا أنهم تفاجؤوا بالمظاهرات الغاضبة التي انطلقت في عموم المحافظات، بل وصل طوفانها إلى مناطق الشمال، التي يعتقد ساستها أنهم نجحوا في قتل روح الشباب والتغيير بين أبنائها الأبطال، وكانت المظاهرات مرآة عاكسة لحقيقة الشعب العراقي من شماله إلى جنوبه.
أما في بغداد، فإن حكام المنطقة الخضراء يعملون بقوة في سبيل تحجيم دور، ومهام شريحة الشباب، وذلك بإبعادهم عن مراكز التنوير العلمي، وحقول التطوير المالي؛ لأنهم يعرفون أن الشباب غاضبون، وسينتقمون من سياساتهم الطائفية التخريبية التقسيمية، التي لم تأت بخير لا للعراق، ولا لأهله.
وفي هذا السياق أعربت منظمة الأمم المتحدة، بتاريخ 24 أيلول/ سبتمبر 2011، وعلى لسان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة (آد ميلكرت) بمناسبة إطلاق التقرير التحليلي حول واقع الشباب العراقيين، عن قلقها إزاء مؤشرات تنمية الشباب، حيث تصل نسبة الملتحقين بالتعليم الثانوي إلى (21) في المئة فقط، وبلغت نسبة البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15) و(29) عاما (57) في المئة.
المسؤول الاممي قدم ثلاث توصيات لحكومة بغداد والبرلمان، أهمها الاتفاق على وضع "جدول أعمال للمستقبل"، ووضع أهداف وجداول زمنية للسياسات التي من شانها أن تحسن الآفاق الاقتصادية والاجتماعية للشباب.
المقترحات الاممية خيالية وبعيدة عن الواقع العراقي الأليم، وهذا ما تؤكده الحكومة الحالية قبل غيرها من المنظمات الدولية والإقليمية، حيث أكد رئيس الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط مهدي العلاق، بعد ظهور نتائج المسح الوطني للفتوة والشباب قبل خمسة أيام، ازدياد معدلات البطالة بشكل ربما يقتل أحلام الشباب، الذين يشكلون 40 في المئة من سكان البلاد، وأظهر المسح أن ما بين 25 في المئة و30 في المئة، منهم عاطلون عن العمل، وأن 6.2 في المئة من الشباب ما بين (10) سنوات و(30) سنة لم يسبق لهم أن التحقوا بالتعليم، وتقل هذه النسبة بين الشباب الأصغر عمرا، وأن 13.9 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (10) سنوات و(14) سنة لم يكملوا تعليمهم.
الحكومة الحالية في بغداد، وبدلاً من الاهتمام بمطالب الجماهير الشبابية الثائرة في عموم المحافظات نجدها تهاجم هذه الشريحة التي تطالب بحقوقها القانونية والدستورية، وتراهم من المندسين الذين يعملون من اجل تخريب البلاد، وإيقاف مسيرة الديمقراطية!!!
هذا الأسلوب التهجمي الهمجي أكل عليه الدهر وشرب، ولا يمكن أن يكون ضمن خطابات القرن الحالي؛ لان التعاطي مع الثورات الشبابية ينبغي أن يتواءم مع تطور الفكر الإنساني في العالم، وإلا فإننا سنبقى ندور في دوامة الخيانة، وعدم الولاء للوطن، وكل هذه المهازل تحت شعار: "كل من ليس معي فهو ضدي"!!!
المسؤولية الوطنية والإنسانية تجاه الشباب تحتم على الجميع، التكاتف من أجل تخليص هذه الطبقة المهمة من معاناتها؛ لأن تجاهلهم يعني تجاهل مستقبل البلاد، وتحطيم الحلم الوردي للملايين من أبناء الوطن، ولا أظن أن ساسة المنطقة الخضراء حريصون على مستقبل العراق وأبناءه، وهذا ما أثبتته تجارب السنوات الماضية.
وصدق القائل:
أيا سائـــلا عـــنا ببغـــــــــداد إننا
قبور بأرض الموت أعــوزهـــا المــــوت
يمزقنا الجـــــــــــلاد يجتــــث روحنــا
ونحــن نهــــاب الـ( آه) يخنــــقنا الصمـت
فلا الفجـــــــــــر يأتينا ولا الليل راحم
وباقيـــــــة الأعمـــــار يجتاحها الــــوقت

Jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى