لا لاستهداف قوات الأمن العراقية!


قد يستغرب بعض المتابعين لمقالاتي مثل هذه الدعوة؛ لأنهم يعرفون أن خطي العام في كتاباتي هو ضد حكومة المنطقة الخضراء التي تغولت على شعبنا العراقي الطيب الصادق المتميز بكل ما تعنيه كلمة التميز.
الدافع الحقيقي لهذا المقال، والذي أتمنى قبل كل شيء أن لا يفهم خطأً هو الاستهداف اليومي للقوات الأمنية في عموم الوطن، ونحن نعرف الكثير من رجال القوات الأمنية قالوا بلسان واحد: (نحن معكم ضد الحكومة الطائفية ونحن غير راضين عن تصرفاتها، وحينما تنطلق الثورة ستكون سيوفنا معكم، ولن نؤذيكم)، واعرف العشرات من أهالي المناطق القريبة من السيطرات الأمنية أخذوا عهوداً من رجال الأمن فيها بعدم الاعتراض لهم أو أذيتهم في حال انهارت الامور في البلاد لصالح رجال العراق الحقيقيين.
قوات الجيش والشرطة هم من اهلنا العراقيين، ولا يمكن قبول استهدافهم لأنهم جزء من الشعب العراقي، وهم الركن الركين في حماية امن وسلامة المجتمع العراقي الذي يشكو لله من ضيم وظلم حكومة المنطقة الخضراء.
القوات الحكومية على نوعين، النوع الأول وهم الغالبية العظمى دفعته الظروف للالتحاق بالسلك العسكري لخمة بلده وتامين لقمة العيش لأهله، وهؤلاء لا يمكن استهدافهم بحال من الأحوال، والصنف الثاني وهم القلة القليلة، هم مجموعة من المجرمين الذين لبسوا الثياب الرسمية واستخدموها معولاً وسيفاً مسلطاً على رقاب اهلنا المغلوب على أمرهم، وهؤلاء ينبغي أن يحددوا، وأن يقدموا إلى محاكم عادلة- بعد التغيير- لينالوا جزاءهم العادل؛ لأنهم شركاء للحكومة في جريمتها المستمرة بحق شعبنا الصابر المبتلى.
استهداف القوات الأمينة يعني اشاعة الفوضى والخراب في البلاد، وهنالك فرق بين أن تكون ضد سياسيات الحكومة وضد الدولة، فالدولة ليست ملكاً لأحد، العراق عراقنا، والبلاد بلادنا، وهي لكل العراقيين من سنة وشيعة وعرب وأكراد، ولا يحق لأي مكون أن يعلن نفسه مالكاً لما ليس له، وإلا فهذا نكث ونقض للمواثيق والعهود ونكران للعشرة والملح والزاد.
منذ أن كنا صغاراً كنا– ومازلنا- نسمع شعار مديرية الشرطة، وأظنه شعاراً موجود في أغلب بلدان العالم: ( الشرطة في خدمة الشعب)، فلماذا لا يكون اليوم الشعب في خدمة الشرطة، وبالمحصلة كل من الشعب والشرطة والجيش في خدمة العراق الحبيب.
الكارثة التي في المليشيات التي تغلغلت في القوات الامنية والتي تبث سمومها وأحقادها على سكان بعض المناطق بحجة انهم من الإرهابيين، وهل الارهاب الذي يمارسه هؤلاء القلة حلال، والعمل على خلاص العراق من الحالة الشاذة التي يعيشها هو إرهاب، وهو عمل محرم؟!
سياسة الكيل بأكثر من ميزان هي القشة التي قصمت ظهر العراق، والبلاد التي لا يتمتع أهلها بالأمن والسلام، هي غابة يستحيل العيش فيها، وهذا هو حال العراق الجديد.
إن نشر روح الأخوة بين المواطنين وقوات الأمن يسهل الطريق أمام التغيير المرتقب في العراق، على الأقل يمكن تحييد أكثر من ثلثي القوات الأمنية العاملة مع الحكومة بسبب ظروفها المعيشية، وإلا فإن استمرار استهدافهم سيجعلهم يعملون وفق نظرية (عليّ وعلى أعدائي)، وهذا ليس حلاً منطقياً للخراب والدمار والمستشري في بلادنا.
المرحلة القادمة تتطلب منا جميعاً أن نقف مع بعضنا البعض، نتكاتف جميعنا، كل من موقعه، العامل في معلمه، والخطيب على منبره، والأستاذ في مدرسته، والطبيب في عيادته، والشرطي في مكان عمله، والعسكري في معسكره وواجبه، كل يعرف ماله وما عليه، ونبتعد جميعاً عن ظلم بعضنا بعضاً، وإلا سنبقى ندور في هذه الحلقة المفرغة التي لن نصل فيها الى نهاية لهذه المهزلة المستمرة في عراقتنا.
المرحلة القادمة سنصل اليها بتحييد الحكومة وإظهار عوارها، وبيان ظلمها وعدم الانصياع لصور الظلم التي تنشرها في مجتمعنا المتماسك، وأن نقف بوجه دعواتها الطائفية التخريبية، بحجج واهية سقيمة.
المستقبل سيكشف بركات هذه الدعوة واظن ان العقلاء والحكماء من أهلنا في العراق  -وهم كثر- سيتفهمون هذه الدعوة التي لا ابتغي بها إلا رضا الله تعالى، وحقن الدم العراقي البريء، وتكثيف الجهود لنقل العراق الى مرحلة جيدة مليئة بالحب والأمن والسلم والسلام.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!