قمة الإنقاذ من الإرهاب!


تنطلق بعد يومين أعمال الدورة الثامنة والعشرين للقمة العربية في العاصمة الأردنية عمان في ظل أجواء مليئة بالضبابية والغيوم والدماء وصرخات المظلومين في العديد من الدول العربية ومنها العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين وغيرها.
انعقاد القمة في المملكة الأردنية الهاشمية له دلالات كبيرة حيث إن الأردن من الدول الفاعلة في الشرق الأوسط، والآمنة في المنطقة على الرغم من النيران المستعرة والمحيطة بالمملكة من غالبية الجهات، وهذه الخاصية تبعث الأمل على الأقل للحُلم بتخليص دول الجوار المدمرة من آفة الإرهاب والتهميش وانتشار الظلم والقمع.
طموحنا في العراق أن نخرج من عنق الزجاجة التي تحيط بالبلاد منذ العام 2003 وحتى اللحظة، ونحن على يقين أن الملف العراقي سيكون حاضراً بقوة في جلسات القمة، وبالذات في ظل استمرار معارك الموصل الانتقامية بحجة محاربة "داعش".
الملاحظ في هذه الأيام أنه في الوقت الذي يتواجد فيه وفد وزارة الخارجية العراقية في الأردن لترتيب أوراق عمل المؤتمر ارتكبت في الموصل جرائم بشعة راح ضحيتها أكثر من" 230 مدنياً بريئاً تحت أنقاض منازلهم" بحسب ما ذكرت التلغراف البريطانية، وخلال 30 يوماً من معارك الجانب الأيمن بالموصل "قتل أكثر من 3824 شهيداً وتم تدمير 10 آلاف وحدة سكنية" وفقاً للمرصد المرصد العراقي لحقوق الإنسان. وبهذا يتضح حجم الخسائر البشرية التي يتكبدها أهالي الموصل بحجة "داعش".
الحقيقة التي تحاول حكومة بغداد النظر لجزء منها هي أن "داعش" والمليشيات وجهان لعملة واحدة، ولذلك فان تركيز حكومة العبادي على جرائم "داعش" وفي ذات الوقت تدعم المليشيات علانية يُعدّ من صور الإرهاب الرسمي. وآخر صور التمسك الحكومي بالمليشيات هو اجتماع حيدر العبادي قبل ثلاثة أيام بقادة الحشد بعد رجوعه من واشنطن لتأكيد تمسكه بالحشد بعد أن قيل أن ملف حلّ المليشيات قد حُسِّم خلال لقاء العبادي والرئيس الأمريكي قبل أسبوع في واشنطن.
مصير العراق والعراقيين وتبعات الأوضاع غير الصحية في بلاد الرافدين لم تُناقش بجدية كافية في القمم العربية السابقة منذ قمة 2003 في شرم الشيخ وحتى قمة نواكشوط 2016، وعليه فان الأمل يدفعنا للحلم برسم صورة لمستقبل جديد ينتظر العراقيين، وأظن أنه يقع على كاهل قمة عمان مسؤولية كبيرة تجاه العراق.
ويمكننا هنا تحديد أهم الملفات التي يمكن للقمة العربية التركيز عليها لإنقاذ العراق من مستنقع الدماء والإرهاب والدمار، ومنها:
- الدفع باتجاه عملية سياسية تمثل كافة العراقيين، وتكوين حكومة جامعة للمكونات العراقية والابتعاد عن لغة التهميش والتخوين للقوى المعارضة للعملية السياسية، وحثّ الولايات المتحدة ودول التحالف الأوربي على مساعدة العراقيين لتخليصهم من مخلفات العملية السياسية غير الجامعة، وإنهاء التدخلات الخارجية.
- دعم إصلاح المنظومة الأمنية وإنهاء ملف المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة الوطنية.
- إنقاذ القضاء من الضغوطات السياسية التي أدت إلى إضعافه وعدم أداء واجباته بالصورة اللائقة به.
- الدعوة لمؤتمر وطني ورعايته ليكون جامعاً لكل الأطراف الفاعلة في المشهد العراقي وخارجه على أن يستثنى منه القتلة والمجرمين، وتكون مقررات المؤتمر ملزمة للجميع شريطة أن تكون بعيدة عن الضغوط الإقليمية والدولية وفي إطار المصلحة العراقية الوطنية.
- التشجيع على انعقاد انتخابات برلمانية بإشراف دولي، وتلتزم كافة الأطراف باحترام نتائج الانتخابات.
- رعاية العراق للوقوف على قدميه عبر مساعدته لإعادة اعمار المدن المدمرة، وإنهاء ملفات الديون الخارجية  قدر الإمكان.
- تشكيل لجان دولية وعربية مختصة لملاحقة الإرهابيين وسرّاق المال العام في العراق وتقديمهم لمحاكم عادلة، والسعي لاسترجاع تلك الأموال لخزينة الدولة.
- الجدية في إنهاء ملف المعتقلين والمطرودين من وظائفهم، وإعادة ملايين العراقيين المهجرين طواعية إلى بلادهم لأنهم أولى باعمار بلادهم.
- تجميد عمليات الانتقام الفكري من المواطنين وفسح المجال واسعاً للحرية الشخصية والإعلامية.
إن الخيمة العربية ينبغي أن تكون الملاذ الحقيقي للعراقيين لمساعدتهم في إنقاذ بلادهم، وإحياء دولة المواطنة، وللعيش بسلام وحرية كبقية شعوب الدنيا.

وهذا ما نأمله وننتظره.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!