موسوعة الحرب الأمريكية على العراق 2-2



حاولت في الجزء الأول من هذا الموضوع تحفيز الآخرين للكتابة في هذا الملف الخطير، الذي ربما يحاول بعض المنتفعين تغييبه عن الساحة، إلا إنني للأسف الشديد لم أر أية مواضيع بهذا الخصوص على حد اطلاعي.
على العموم، واستكملاً للأمانة التي حاولت عرضها للعالم، انقل لكم بقية ما توفر لدي من ملفات بخصوص الحال المأساوي في العراق، وكما وقع في الجزء الأول، فان دوري هو الجمع فقط، مع بعض التعليقات البسيطة، وكذلك فان ما جمعته يمثل الفترة الممتدة من بداية العام الحالي، إلى النصف الأول من شهر شباط/ فبراير من هذا العام 2012، حتى لا يقال إن أمريكا رحلت، وإنكم تتحدثون عن الماضي.

إجرام الشركات الأمنية
 البداية مع اعتراف الفريق ( حسين كمال ) وكيل وزارة الداخلية الحالية لشؤون الاستخبارات في العراق، في يوم 4/2/2012، بتورط عدد من الشركات الأمنية الأجنبية في نشاطات غير شرعية لمصلحة أمريكا والكيان الصهيوني، وأن حملة التفتيش التي طالت عدداً من مكاتب الشركات الأمنية الأجنبية العاملة في العراق، أسفرت عن ضبط أسلحة ومعدات محظورة، وأن التقرير الاستخباري السري الذي تلقته الحكومة عن عمل الشركات الأمنية والمكون من أكثر من (200) صفحة تضمن معلومات تؤكد وجود أسلحة ومعدات ومواد يمكن استخدامها لصنع المتفجرات، في مقار هذه الشركات، واعترافات بتنفيذ اغتيالات ضد المسؤولين،  وأن من بين المضبوطات التي استولت عليها القوات الأمنية الحكومية بنادق قنص تستخدم في التصفيات الجسدية ورمانات يدوية وقاذفات صواريخ وبنادق رشاشة متوسطة .

وأكد كمال أن عدد الشركات الأمنية الأجنبية التي وردت أسماؤها في التقرير بلغ أكثر من عشر شركات يديرها عراقيون وأجانب، وأن عناصر الموساد الصهيوني الذين يعملون مع تلك الشركات متورطون في اغتيال ضباط في الجيش والشرطة الحكوميتين، كما جندوا مجموعة من الضباط لتسريب معلومات أدت إلى إجهاض عمليات دهم وتفتيش لمقار الشركات الأمنية.

وخلص الفريق ( حسين كمال ) إلى القول إن " التقرير تضمن أيضاً صوراً لخبراء متفجرات في ساحة أحدى الشركات الأمنية داخل المنطقة الخضراء يصنعون العبوات الناسفة الخارقة للدروع، كما أكدت، المعلومات الواردة إلى الحكومة بوجود أرقام عشرات الشاحنات التي أخلت مواقع الشركات من الأسلحة والمعدات والأجهزة المحظورة قبل عملية الدهم الأخيرة ، وأن المعلومات الواردة إلى جهاز الاستخبارات الحكومية تؤكد وجود مخطط لإثارة البلبلة في منطقة الفرات الأوسط من خلال اغتيال عدد من شيوخ القبائل المعروفين".

العنف الأمريكي في العراق
وفي يوم 3/2/2012، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً عن غزو العراق، نقلت فيه وجهة  نظر عدد من خبراء القانون الدولي والسياسة العراقية والشؤون العسكرية والأمن القومي لتقييم أهمية وثائق وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاكون" التي نشرت على موقع "ويكيليكس".
 ونقلت عن الخبراء قولهم: إن هذه الوثائق لا تكشف فقط أساليب العنف والتعذيب التي أعقبت غزو العراق، لكنها أيضا تدل على الاستقرار غير المتوازن  للعراق.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن أستاذ القانون الدولي في جامعة لندن توبي دودج قوله: إنه على الرغم من الجدل السياسي الكبير الذي أثارته هذه الوثائق، إلا أنها لم تنجح في إشعال الغضب الشعبي، فقد اعتاد الشعب العراقي العيش في مناخ غير مستقر وفي أجواء سوء المعاملة من المليشيات أو الشرطة والجيش منذ عام 2003، ولفت دودج إلى أن سجلات الحرب تؤكد ما عاناه العراقيون على مدى سبع سنوات مضت.
من جهته، اعتبر الدكتور فيليب ساندز، وهو مؤلف كتاب (فريق التعذيب) أنها وثائق مقلقة للغاية، ويجب التدقيق فيها.

الفساد يشكل أكبر تهديد للعراق
وفي يوم 3/2/2012، أكد تقرير صادر عن مكتب لجنة المفتش العام الأمريكي الخاص بما يسمى "إعادة إعمار العراق" وموجه إلى الكونغرس أن العراق هو أحد أقل دول العالم قدرة على ضبط حالات الفساد الإداري والمالي، وأن الفساد يمثل تهديداً كبيراً على العراق، زاعما أنه دفع رئيس الحكومة الناقصة غير الشرعية نوري المالكي إلى "عدّه وجها آخر من أوجه الإرهاب"، حسب تعبيره.
التقرير أكد أن القضية تتعلق بعدم كفاية الأنظمة القانونية التي وضعها الاحتلال الأمريكي البغيض بعد غزوه العراق عام 2003، وكذلك الضغوط والتهديدات التي يتعرض لها الموظفون المسؤولون عن كشف الفساد في مواجهة حالاته الكثيرة لا سيما عندما يحدث من مسؤولين كبار في الدولة الراهنة التي وضع أسسها الخطيرة وسياساتها التخريبية الاحتلال الأمريكي الحاقد نفسه، وسار عليها أعوانه على مدى حكوماتهم الخمس المنصبة تحت سلطته منذ نحو 9 سنوات.

 فساد ملف الاعمار
وفي يوم 31 /1/2012، اتهم تقرير أصدره مكتب المفتش العام الأمريكي الخاص بما يسمى "إعادة إعمار العراق"، وهو مرصد حكومي، وزارة الدفاع "البنتاكون" بأنها عاجزة عن كشف مصير ملياري دولار من الأموال العراقية في أعقاب الغزو البغيض عام 2003.
 ونقلت مصادر صحفية عن التقرير قوله: إن المراجعة التي أجراها مكتب المفتش العام الأمريكي خلصت إلى أن وزارة الدفاع "البنتاكون" لا يمكنها كشف مصير نحو ثلثي مبلغٍ مقداره نحو 3 مليارات دولار من أموال "صندوق تنمية العراق،  وأنه بحسب تلك المراجعة، فإن تلك الأموال وضعتها الحكومة المنصبة بالعراق تحت تصرف وزارة الدفاع الأمريكية لدفع بدلات عقود أبرمتها ما تسمى "هيئة التحالف المؤقتة" التي تولت إدارة شؤون العراق ما بين 2003 و2004 من عمر الاحتلال الحاقد.

وأوضح التقرير أن القسم الأكبر من الأموال - وقدرها 2.8 مليار دولار- جرى إيداعه في حساب مصرفي بمجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، بينما أودع 217.7 مليون دولار في خزانة القصر الرئاسي ببغداد، وأن "البنتاكون" دفعت نحو 2.7 مليار دولار من الحساب المصرفي سحبتها من الحساب، لكن لا يوجد أي توضيح عن الدفعات أو وثائق مالية مثل فواتير أو غيرها، وأن الموافقة الخطية من الحكومة المنصبة حينها في العراق كانت وحدها ضرورية للقيام بالدفعات، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع تمكنت من تبرير استخدام نحو مليار دولار فقط.

بضائع مستوردة بدون فحص
وفي يوم 29 /01 /2012، اعترف مسؤولون في وزارتي الصحة والتخطيط التابعتين لحكومة المالكي الناقصة غير الشرعية بأن أغلب البضائع والسلع المستوردة لا يخضع للفحص في المنافذ الحدودية، وأن المنافذ الحدودية ما زالت تفتقر إلى البنى التحتية لفحص البضائع، يضاف إلى ذلك ضعف التشريعات المتعلقة بالاستيراد وعمليات الفساد في المنافذ الحدودية التي تؤدي جميعها إلى دخول الأغذية الفاسدة والسلع الرديئة وتداولها في الأسواق.
وطالب مصدر مسؤول في وزارة الصحة باستحداث ما سماها "هيئة وطنية لسلامة الأغذية" تضم جميع الإطراف المعنية، وتقوم بإعداد إستراتيجية للسيطرة على دخول الأغذية عبر المنافذ الحدودية ومتابعة تداولها في الأسواق المحلية؛ معللا ذلك بأن قسم الرقابة الصحية التابع للوزارة لا يستطيع بمفرده مراقبة كميات الأغذية الكبيرة المتداولة في الأسواق.
فيما عزا جهاز التقييس والسيطرة النوعية في وزارة التخطيط الحالية أسباب دخول البضائع والسلع الرديئة إلى ضعف التشريعات المتعلقة بالاستيراد، حسب تعبيره.

تجارة المخدرات
وفي يوم 29 /01 /2012 أفاد مصدر في الشرطة الحكومية بمحافظة بابل بأن قوة أمنية اعتقلت ثلاثة تجار بالمخدرات، وضبطت بحوزتهم 50 ألف حبة مخدرة خلال عملية نفذتها وسط مدينة الحلة.

واشنطن حملت معها 20 ألف وثيقة استخبارية
وفي يوم 28 /01 /2012، كشف مصدر مطلع في وزارة الخارجية التابعة لحكومة المالكي الناقصة غير الشرعية أن الأميركيين نقلوا معهم قرابة 20 ألف وثيقة رسمية تمثل أرشيف ملفات النظام السابق أثناء احتلالهم العراق عام 2003، وأن هذه الوثائق الرسمية تضم وثائق تخص تقارير حزب البعث المنحل الاستخبارية وملفات دائرة الأمن العامة وملفات استخبارات الداخلية وجهاز الأمن الخاص وجهاز الأمن القومي التي استولت عليها قوات الاحتلال الأميركي إبان اجتياح العراق عام 2003.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح له أن بعض تلك الوثائق جرى الحصول عليها عن طريق شخصيات سياسية أو مواطنين لا سيما وان قوات الاحتلال الأميركية وفريق الـ"سي اي ايه" دفعا مبالغ كبيرة للحصول عليها وشرائها،  وأن تلك الملفات اتخذت أشكالا عدة كالأقراص المدمجة (سي دي) أو الملفات الورقية التي جرى تحويلها إلى ملفات (بي دي اف) بعد تدقيقها ومطابقتها، وأن الأميركيين أصروا على منع وصول هذه الملفات إلى أيدي الحكومة الحالية أو السابقة أو اي من الأحزاب السياسية المتنفذة حاليا في حكم البلاد.

الألغام
أعلن وكيل وزارة البيئة للشؤون الفنية كمال لطيف يوم 3/2/2012، أن الوزارة بدأت بأجراء مسوحات لتحديد حجم الأراضي الملوثة بالألغام والمقذوفات غير المنفلقة والقنابل العنقودية، وأن وزارته بدأت بعملية إجراء مسح للأراضي الملوثة بالألغام والمقذوفات غير المنفلقة والقنابل العنقودية في العراق،وأن “المسح يقود إلى تحديد الأراضي الملوثة وليس لتحديد عدد الألغام فيها”. وأوضح أن “هناك مفهوما خاطئا يشير إلى أن هناك تحديدا لعدد الألغام في العراق”، مبدياً استغرابه “من تبني بعض الجهات لأرقام تشير إلى عدد الألغام في العراق”. وأضاف أن “وزارة البيئة لا تتحدث عن أعداد الألغام أو المقذوفات غير المنفلقة أو القنابل العنقودية بل تتحدث عن مساحات من الأراضي ملوثة بهذه المواد”.
وسبق أن حذرت منظمة الأمم المتحدة من خطورة انتشار تلوث بيئي في العراق في حال عدم الاستعانة بطرق غير حديثة وغير صديقة للبيئة. وبحسب تقارير الأمم المتحدة المختصة بملف إزالة الألغام فأن العراق يتحاج إلى (19) ألف مزيل حتى يتمكن خلال مدة وأقصاها عشر سنوات لإزالة جميع الألغام في العراق.

التشوهات الخلقية
وفي يوم 9/1/2012، نقلت صحيفة المواطن العراقية عن صحيفة داوونغ ستريت الأمريكية كذلك تقريراً مترجماً مخيفاً حول التشوهات الخليقة بعد الغزو الأمريكي للعراق، حيث أخذت  الدكتورة سميرة العاني أخصائية الأطفال في مستشفى الفلوجة العام على عاتقها عملية التحري عن سبب تصاعد حالات العيوب الولادية لدى الأطفال في أعقاب العمليات العسكرية الأمريكية منذ عام 2005  حيث تقول وهي تعرض صورا لحالات ولادية شاذة: إن أنواع العيوب تتراوح ما بين عيوب القلب الخلقية إلى حالات العيوب الجسدية الحادة وكلا منها بأعداد لا يمكن تصورها، وأنه
حتى تاريخ الحادي والعشرين من كانون الثاني عام 2009، تم تسجيل (677) حالة من العيوب والتشوهات الولادية وارتفع العدد بعد ذلك إلى (699) حالة، وأنه لا يوجد حتى مصطلح طبي لوصف البعض من تلك الحالات لأننا لم نرها من قبل لذا فحينما أقوم بالوصف فانا اصف فقط  التشوهات الخلقية لكنني غير قادرة على إعطاءها مصطلحا طبيا، وأن معظم هؤلاء الأطفال يموتون بعد (20) إلى (30) دقيقة من ولادتهم لكن ليس جميعهم كذلك. عبد الجليل محمود طفل يبلغ من العمر أكثر من أربعة أعوام، ولد عام 2007 يتضمن التشخيص ألسريري له توسع في بطيني القلب ونموهما على الجهة الخلفية الواطئة من ظهره ولا يقدر الأطباء على إزالتهما. عبد الجليل عنده مشكلة تتمثل في عدم السيطرة على عضلاته وهو يكافح من اجل المشي حيث لا يستطيع السيطرة على مثانته كما اخبر والده الأطباء أن لديه مشاكل عصبية حادة ويضيف والده قائلا: إن هذه الحالة تحدث لأول مرة في عائلتنا، لقد عشنا في منطقة تعرضت للقصف بشدة من قبل الأمريكان عام 2004 حيث هبطت قذيفة أمام بيتنا تماما فما الذي يمكن أن يسبب مشاكل صحية غير تلك القذائف؟

سرطانات ديمقراطية
في محافظة بابل وسط العراق قال الدكتور شريف العلوجي رئيس مركز بابل للسرطان يوم 9/1/2012، إن نسب السرطان تتصاعد في البلاد بشكل مقلق منذ عام 2003، وسبب ذلك يعود لاستخدام اليوارنيوم المنضب من قبل القوات الأمريكية أثناء وبعد الاحتلال، وأن البيئة يمكن أن تتلوث باستخدام الأسلحة الكيميائية واليوارنيوم المنضب نتيجة للحرب فالهواء والماء والتربة تلوثت نتيجة لاستخدام الأسلحة وحينما يكون هناك تماسا بينها وبين البشر تصبح هذه الأشياء سامة ، هذا الأمر جديد بالنسبة لمنطقتنا والناس يعانون منه.
هذه هي بعض صور المأساة العراقية، التي خلفها الاحتلال الأمريكي الذي يدعي الانسحاب من العراق، والحقيقة انه المسيطر الفعلي، على مجريات الأمور السياسية والأمنية في البلاد، فيا ترى متى سيعرف العالم حجم الدمار الأمريكي في بلاد القهرين، آسف بلاد الرافدين؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى