شرارة التغيير تمتد للجنوب العراقي



منذ أن انطلقت المظاهرات السليمة العراقية في أكثر من ست محافظات، ونحن نسمع من بعض السياسيين وأبواقهم المأجورة في مختلف وسائل الإعلام اتهامات صريحة وواضحة بأن هذه المظاهرات طائفية، وليست عفوية، وهي موجهة ضد طائفة معينة من الشعب العراقي.
ومنذ ذلك الحين، والأخيار من أبناء العراق يؤكدون أن هذه المظاهرات قانونية وشعبية وسلمية، وغير مدعومة من الخارج، وأنها جاءت بعد أن طفح الكيل من ظلم المالكي وقمع أجهزته الأمنية، ومن تجاهل هذه الحكومة لأبسط القيم والأعراف الانسانية.
ومنذ الأيام الأولى للمظاهرات دخلت طواقم حكومة المالكي السياسية وغيرها في حالة انذار واضح، وعملت بكل إمكانياتها المادية على نشر ثقافة سقيمة مفادها أن المظاهرات، إن نجحت في تحقيق أهدافها فإنها ستنشر القتل والدمار في الجنوب العراقي، وكل تلك المساعي الحكومية تهدف لتجييش الشارع الجنوبي ضد المحافظات الثائرة، وأيضاً لتحصين نفسها " أي الحكومة" من وصول الغضب الجماهيري للمحافظات الجنوبية.
أهلنا في الجنوب العراقي يعرفون أن اخوانهم في ميادين الاعتصامات على حق، وأنهم بعيدون عن الروح الطائفية المقيتة، وأكبر دليل على ذلك الوقفة الأخوية التي وقفها المعتصمون في الفلوجة مع اخوانهم المتضررين من السيول والأمطار في محافظة واسط الجنوبية، حيث أرسل المعتصمون يوم 16/5/2013، قافلة مساعدات إنسانية ومواد غذائية وطبية، وأكدوا أن هذه المساعدات تبرهن للسياسيين والحكومة أن "مصاب" الشعب واحد.
العراقيون في الجنوب كانوا مترددين في قرارهم بالاقدام على المظاهرات؛ بسبب بطش الأجهزة الأمنية والمليشيات التابعة لبعض الأحزاب المشاركة في الحكومة وغيرها، إلا أنهم- ورغم الأجواء البوليسية التي تعيش فيها العديد من محافظاتهم- قرروا أن ينظموا مظاهرات شبه يومية، وآخر هذه المظاهرات تلك التي انطلقت في يوم 9/6/2013، في محافظة النجف، وذلك احتجاجاً على تردي الواقع الخدمي وارتفاع اسعار مولدات الطاقة الكهربائية الأهلية، فيما طالبوا باستبدال مدراء الدوائر "المترهلين والفاشلين".
هذه المظاهرات هي امتداد للمظاهرات المستمرة في محافظة ذي قار الجنوبية منذ أكثر من اسبوعين إذ أعلن معتصموا ذي قار أنهم سيتظاهرون أمام مديرية توزيع كهرباء المحافظة؛ للمطالبة بتحسين إمدادات الطاقة والخدمات، وأنهم جادون في توسيع نطاق احتجاجاتهم لتشمل مختلف الوحدات الإدارية، ولإيصال رسالة لوزارة الكهرباء بشأن قدرتهم على "استرداد حقوقهم سلمياً، أو بالقوة إذا أصرت على تجاهل مطالبهم المشروعة".
وردد المتظاهرون في ذي قار شعارات مناهضة لحكومة المالكي ولائتلافه، واتهموا وزارة الكهرباء والحكومة المحلية بـ"الفساد وهدر المال العام"، ومن بين الشعارات التي رددوها: (يا وزير الكهرباء أنت نايم على المكيف، وأني نايم بالعراء)، و(يجي مجلس ويروح مجلس والمواطن دوم مفلس)، و(صار لهم عشر سنين رواتبهم ملايين)، وغيرها.
وقال الشيخ عبد زهرة شيال، (70 سنة)، وهو يرتدي كفنه تعبيراً عن استعداده لـلموت دفاعاً عن مطالب المتظاهرين، في حديث لبعض وسائل الاعلام، إن "محافظة ذي قار تعاني منذ سنة 2003 وحتى الآن من نقص كبير في الخدمات الأساسية لاسيما الكهرباء، وأن المواطن ما عاد يعرف كم هي حصته من الكهرباء نتيجة الانقطاعات المتكررة في التيار كل ربع، أو نصف ساعة؟!، وأن مساكن المواطنين في المحافظة تحولت إلى مقبرة بسبب انقطاع الكهرباء، وأن المواطنين يشكون من عدم توفير مفردات البطاقة التموينية، ومن عدم تأمين فرص عمل للعاطلين والسكن للأسر الفقيرة".
سبق وأن أكدنا أن الانتفاضة الشعبية العراقية المستمرة منذ أكثر من (165) يوماً في ست محافظات ستمتد إلى الجنوب، وقد حصل ما كنا نتوقعه، فبماذا يمكن أن يتهم المالكي وحكومته هذه المظاهرات؟!

هل سيتهمها بأنها فقاعة، وأنها مدفوعة الثمن من خارج العراق، أم أن الشارع العراقي سيكون هو الفيصل في الحكم على الحالة المزرية في عموم البلاد، وسيُنهي على يديه هذه المهازل الجارية في عراقنا الغالي منذ عام 2003 وحتى اليوم؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى