نبرأ الى الله من دم كل عراقي


الغاية من الكتابة الهادفة هي نشر الأمن والأمان، والسلم والسلام، والخير والمحبة لكل الناس، والكاتب الصادق هو من يجعل قلمه شمعة تضيء الطريق للآخرين، وسُلماً لرفعة أهله ووطنه وأمته وخدمتهم، ولا يجعل منه معولاً للهدم والتخريب والقتل.
ومما لا شك فيه أن لكل كاتب، أو مفكر، أو أديب، أو فيلسوف، أو صحفي، أو أي إنسان نهجاً معيناً في الحياة، وموقفاً من القضايا المختلفة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا النهج، أو الموقف هو الرأي، وهذا الرأي يظهر جلياً عبر التصريح، والتصريح يكون إما عبر الأحاديث اليومية العادية، أو كتابة المقالات أو غيرها من فنون التعبير، أو عبر التصريحات الاذاعية والتليفزيونية، وهذا ما يطلق عليه اسلوب الكاتب.
ونظرة الناس للقضايا المتنوعة، تختلف تبعاً لفكرهم وثقافتهم، لكن الأمر المهم الذي ينبغي التركيز عليه أن اختلاف الرأي لا يعني أبداً سلب حرية الآخرين بالنظر للأمور، ولا يمكن للخلافات الراشدة أن تصل إلى درجات الكراهية والقتل والتخريب، وهذه من المستويات المتدنية التي لا تليق بالأخيار الهبوط إليها، وإلا فما هو اختلافنا عن الظلمة والديكتاتوريين؟!
ولا نريد أن نكون من الذين يقولون ما لا يفعلون!
والكاتب -أي كاتب- حينما يكتب، فإنه يعبر عن وجه نظره الشخصية للمسألة التي يتطرق إليها، وهو يحاول أن يستقرأ ما يتناوله من قضايا مختلفة، والكاتب المتميز هو الذي يُجهد نفسه من أجل تشخيص بعض الآلام التي يعاني منها الوطن والمواطن، والعمل على إيجاد الحلول الناجعة لتلك القضايا المشخصة، وإن كانت الحلول ليست ركناً أساسياً في مفهوم الكتابة الصحفية.
وفي زحمة الكتابة، ومحاولة التنويع في استخدام الأساليب والمفردات المتنوعة للتعبير عن الفكرة التي يتناولها الكاتب، ربما يكتب الكاتب كلمة يَفهم منها المتصيدون في الماء العكر أنها استباحة لدم شخص ما، أو استهداف لجماعة ما، وهذا من الظلم الذي لا يمكن السكوت عنه، ولا التغاضي عنه، فحينما ترد قسم من العبارات في بعض المقالات، مثل:   تنقية الصفوف، تصفية البلاد، تخليص الشارع...، وغيرها من المفردات التي يراد منها العمل على اعادة هيكلة الصفوف الوطنية، وتحجيم دور المخربين والمتخاذلين والمنتفعين، وتنقية الصفوف من مشاريعهم غير الرصينة، فإن هذه التنقية، وهذه التصفية، وهذا التحجيم، وهذا التخليص لا يستوجب استباحة دم أحد من المواطنين العراقيين، كائناً من يكون، ومهما كان دينه أو مذهبه أو قوميته.
محاولة بعض الأحباب تحريف القول، وتحميله ما لا يحتمل أمر مؤلم، وهكذا حكم الناس على الأشياء عموماً، فإنهم إن أحبوا فحكمهم يكون طيباً، وإن كرهوا، أو اختلفوا فالحكم –حينها- يكون ظالماً قاسياً، فكل حسنة لمن هو في الضفة الأخرى المخالفة لهم إن لم يعتبروها سيئة، فإنهم يتجاهلونها، وبالمقابل فإن كل سيئة لمن هو في ضفتهم، أو لمن يحبونه، إن لم يعتبروها حسنة، فإنهم يغضوا الطرف عنها!
وهكذا الحال مع الكتاب والصحفيين، فإن الذين يتفقون مع كاتب ما، أو أنه من المؤيدين لهم، أو من المتعاطفين معهم في مبادئهم ومفاهيمهم، فإنهم -حينئذ- يرفعون من شأنه إلى درجات عالية، ربما لا يستحقها.
أما إذا كانوا غير متفقين مع هذا الكاتب، أو ذاك فيحاولون الحط من قدره بأي وسيلة كانت، ظناً منهم أنهم قادرون على تحسين القبيح، وتقبيح الحسن، وهذا خلل كبير؛ سواء من حيث إنه بعيد عن الإنصاف، أو إنه من الأخلاق التي لا تليق بالرجال الرجال.
وهنا لا بد من التأكيد أن أهلنا في العراق -كلهم جميعاً- دماؤهم معصومة، وفي ذات الوقت فإن كل من يعتدي على حرمة الدم العراقي مجرم قاتل ينبغي أن ينال جزاءه العادل، ولا يمكن قبول مهزلة المحاباة والمجاملة في قضية الدماء؛ لأنها تهدم بنيان الله في الأرض، وهذا قمة الإرهاب على وجه المعمورة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى