المالكي والإرهاب والقمة الإسلامية






عقدت نهاية الأسبوع الماضي القمة الإسلامية الـ12 في العاصمة المصرية القاهرة، وهذا الحدث التأريخي له أهمية من حيث التوقيت؛ كونه يعقد في مرحلة قلقلة وحساسة من تأريخ الأمة الإسلامية وذلك مع استمرار الكيان الصهيوني بالتوسع في المستوطنات بعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار القتل وأنهار الدماء الزكية في سوريا الحبيبة، وتصاعد المظاهرات الشعبية في أغلب المدن العراقية، فضلاً عن المناحرات السياسية في مصر وتونس واليمن وغيرها من الدول العربية والإسلامية.
والعراق جزء مهم من الأمتين العربية والإسلامية وذلك لأكثر من اعتبار ومن ذلك: ثقله السكاني، وموقعه الجغرافي، وأهمية البلدان المجاورة له، وخصوصاً إيران وتركيا، وأيضاً لعظم إمكاناته المادية.
حكومة المنطقة الخضراء شاركت بهذا الحدث الكبير بوفد ترأسه رئيس الوزراء نوري المالكي؛ وذلك بسبب غياب الرئيس جلال الطالباني الذي دخل في غيبوبة منذ أكثر من شهرين، وهو حالياً في المانيا للعلاج.
ومما لا خلاف عليه أن التناقض بين الأقوال والأفعال يعد مثلبة في السلوك الإنساني على كافة الصعد الشخصية والاجتماعية، بل حتى في المواقف السياسية، وفي علاقات الدول مع بعضها البعض!
ونحن العراقيون نلمس هذا التناقض بين تصرفات الحكومة الحالية في بلادنا تجاه غالبية المواطنين وأقوالها!
وبمناسبة انعقاد هذا المؤتمر الحيوي، حاولت المقارنة بين بعض أهداف المنظمة والواقع المعاش في بلاد الرافدين.
وبالرجوع لموقع منظمة التعاون الإسلامي نجد أنها تذكر الأهداف التي من أجلها أُنشئت هذه المنظمة، وعليه فإن المنطق والحنكة السياسية تؤكدان أن على الدول المنضوية تحت خيمة هذه المنظمة أن تحترم -على الأقل- الغالبية العظمى من أهدافها، وإلا فإنها لم تكن ملزمة أصلاً بالتوقيع على مواثيق الانضمام.
ومن بين الأهداف التي ذكرت على موقع المنظمة، نجد أنه وبحسب ما جاء في الفصل الأول، الأهداف والمبادئ، المادة الأولى، أن أهداف المنظمة تتمثل بما يلي: « تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها، بما في ذلك حقوق المرأة والطفل والشباب والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والحفاظ على قيم الأسرة الإسلامية، وتعزيز دور الأسرة وحمايتها وتنميتها باعتبارها الوحدة الطبيعية والجوهرية للمجتمع».
وبالعودة للوضع في العراق فإننا نجد أن حكومة المنطقة الخضراء قد تناست، وانتهكت أغلب حقوق الإنسان المعترف بها ضمن الشرائع السماوية والأرضية، وأكبر دليل على مصداقية هذا الكلام المظاهرات المستمرة الآن في أكثر من ست محافظات، ومقابل ذلك نجد أن الحكومة واجهت المتظاهرين العزل بالنار، والتجاهل لمطالبهم المشروعة، وكأنهم يعيشون على كوكب آخر، ولا علاقة لها بهم!
حكومة المالكي، ورغم انتهاكها لهذه الحقوق الإنسانية، وحين مشاركتها بالقمة لم تلتزم الصمت، بل أكدت على لسان رئيسها في كلمته أمام المؤتمر يوم الأربعاء الماضي «ضرورة مكافحة الارهاب في كافة الدول، وتسخير الجهود لذلك؛ لأنه يتنقل في جميع البلدان من دون جواز سفر؛ ولأنه يعطي انطباعاً سيئاً عن الدول الإسلامية أمام دول العالم غير المسلمة»!
ونحن نريد أن نسأل رئيس الحكومة المالكي عن أي ارهاب تتحدث؟! وعن أي انطباع تريد نقله لدول العالم غير الإسلامية، وقواتك الأمنية ما زالت ترهب العراقيين منذ سنوات طويلة في داخل السجون وخارجها، وأكبر أنواع الارهاب والإجرام تدنيسهم للشرف العراقي في معتقلاتكم السرية والعلنية، واغتصاب الرجال والنساء على حد سواء!
حكومتكم يا «دولة رئيس الوزراء» لم تعد تفرق بين الكبار والصغار، وبين الرجال والنساء، وبين السقيم والسليم، فالكل في قاموسكم هدف مشروع للاعتقال؛ من أجل استمراركم في حكم المنطقة الخضراء!
العراق لا ينبغي أن يحكم بهذه العقلية الاقصائية الطائفية؛ لأنه بلد متعدد الأعراق والأديان والطوائف، وهو بحاجة إلى قيادة حيادية صادقة، أما هذه الخطابات الإعلامية الخيالية التي لا علاقة لها بالواقع فلا يمكن أن تشفي العليل، أو تطفئ نار العائلات التي دنس شرفها بعض العملاء من الذين لبسوا الزي العسكري، ولا يمكن لحكومتكم أيضاً أن تقنع ملايين العراقيين الذين سئموا الوعود، وذبحهم الواقع المتردي الذي لم نعد نرى له مثيلاً حتى في أكثر دول العالم فقراً وتخلفاً! فإلى متى ستستمر هذه الخطابات الفارغة؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى