سياسات عراقية ليست عشوائية



لا يوجد في دنيا السياسة أي فعل غير مخطط له مسبقاً، وحتى الأفعال والتصرفات والقرارات، التي يظنها البعض أنها عشوائية وفردية، فهي بالحقيقة وضعت لغايات تدركها الجهات التي خططت لها.


والسياسة أنواع مختلفة، فمنها السياسة العادلة والظالمة، والواضحة والغامضة، والايجابية والسلبية.

والدول الناجحة هي التي تنتهج السياسات العادلة والواضحة والإيجابية، فيما تنفذ الدول الفاشلة السياسات الظالمة والغامضة والسلبية.

والعراق الذي تركته أمريكا وراءها يعاني اليوم من سياسات غريبة وظالمة وطائفية وعنصرية، وصور الظلم في عراق اليوم كثيرة، وكل مشهد منها بحاجة لملفات يتابعها فريق متكامل من ذوي الاختصاص والخبرة؛ لأننا في كل يوم نجد أنفسنا أمام المئات من مشاهد الظلم عبر الاعتقالات العشوائية والاغتصاب في داخل المعتقلات وخارجها، على يد مجاميع إرهابية حكومية بعيدة عن الأخلاق، والقيم الإنسانية والإسلامية، والتقاليد والأعراف؛ وبالنتيجة سنكون أمام ملايين الحالات التي تستدعي الإنصاف، وبنفس الوقت الذكر والتدوين؛ حتى يعلم بقية بني البشر في الكون ماذا يجري في هذا البلد المنسي؟!

وهنا سأنقل بعض الصور من كارثة الاغتصاب في المعتقلات الحكومية، وهي جزء من سياسة مدروسة تهدف لغايات يعرفها الشرفاء في كل مكان:-

الصورة الأولى كانت في بغداد عام 2007، حينما أقدمت امرأة عراقية أرملة، في العشرينات من عمرها على ارتكاب جريمة غريبة، حيث ألقت بطفليها في نهر دجلة، وهما في عمر الزهور، ثم بعد ذلك رمت بنفسها وراءهم من فوق أحد الجسور البغدادية.

أما الدوافع التي تقف وراء هذه الجريمة، فإن هذه المرأة كانت معتقلة لدى الأجهزة الأمنية الحكومية، وقد اغتصبت في داخل المعتقل؛ ما سبب لها حالة نفسية دفعت بها للخلاص من كابوس الاغتصاب الذي ظل يلاحقها أينما ذهبت!

فمن المسؤول عن مقتل هذه الأرملة المسكينة، بعدما اعتدى على عرضها وحش تستر بالقانون والنظام؟!

الصورة الثانية هي لامرأة عراقية شابة غير متزوجة في بداية العشرينات من عمرها، تم اعتقالها وانتهك شرفها في داخل المعتقل، ومن ثم اطلق سراحها، ولم تتحمل هذه الضحية عظم ما وقع لها من انتهاك، وهي التي كانت تحلم أن تتزوج في يوم من الأيام، وتبني عشاً صغيراً، ولم تتوقع أن تباغتها الأيام بمثل هذه الجريمة الوحشية، التي أجهضت أحلامها، ولم تجد هذه الفتاة إلا الانتحار سبيلاً للخلاص من هذه الفضيحة، التي أُرغمت عليها، في “ العراق الديمقراطي”!

الصورة الثالثة لامرأة من محافظة عراقية غير معروفة، صورت جريمتها على شريط فيديو، ويظهر في الشريط أربعة أشخاص ملثمين، وهم يتعاقبون على انتهاك عرضها، وهي تصرخ صراخاً يهز الجبال، وهم يضحكون ضحك الجلاد على الضحية، وبعد أن نفذوا جريمتهم البشعة، أقدموا على قتلها بأسلوب القتل البطيء، ثم لترتفع بعد ذلك روحها الطاهرة إلى حيث العدل المطلق، ولتترك وراءها ملايين الضحايا الذين لا يعرفون إلى أين تتجه بوصلة حياتهم؟!

الصورة الرابعة لامرأة تبلغ من العمر أكثر من (55) عاماً، وهي من أهالي قضاء المقدادية في محافظة ديالى (70 كم شمال شرق بغداد)، هذه المرأة اعتقل ابنها بجناية المخبر السري، وطلبوا منها أكثر من ثلاثة آلاف دولار أمريكي؛ من أجل الافراج عن ابنها البريء أصلاً، وبعد أن دفعت المبلغ تم اعتقالها، واغتصبت أمام نجلها المعتقل، وهذه الحقائق أكدتها هذه المرأة المظلومة بنفسها؛ حينما خرجت تتحدث عن هذه الجريمة في أكثر من قناة فضائية!

فأين هي القيم الإنسانية والدينية من مثل هذه الجرائم الشنيعة؟!

هذه الصور التقطت على عُجالة، وهي وخزة ضمير للشرفاء في كل مكان؛ تدعوهم إلى إظهار حجم الدمار والخراب الإنساني والعمراني الذي لحق ببلاد الرافدين!

الدماء والأرواح الطاهرة الزكية، والأعراض النقية العفيفة، التي انتهكت على يد وحوش كاسرة، هي التي دفعت جموع المتظاهرين العراقيين لقول كلمتهم الجريئة الداعية لإنصاف المظلوم من الظالم، والضحية من الجلاد، وأعتقد أن دروس التاريخ القريبة والبعيدة كفيلة بتأكيد حقيقة أن المظلوم لا بُدّ وأن ينتصر على الظالم في يوم من الأيام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى