محمية المنطقة الخضراء



لتفجيرات الإرهابية الجبانة التي تقع في عموم العراق يومياً، المتضرر الأول والأخير من آثارها هو المواطن البسيط؛ سواء بالقتل، أو بالإعاقة، أو بالتهجير، أو بتدمير الممتلكات، والتضييق عليه بمصادر رزقه.
أما ساسة المنطقة الخضراء وأتباعهم فهم بعيدون عن جحيم السيارات الملغمة، والعبوات الناسفة، والاغتيالات بالأسلحة الكاتمة؛ لأنهم -وببساطة- لا يسيرون في شوارع العراق الملغم، كما هو حال المواطن العادي، بل إن هؤلاء الساسة، جميعهم بلا استثناء، يمرون بالشوارع العامة وكأنهم غرباء، أو سياح، بمواكبهم الرسمية، وسياراتهم المصفحة، وحماياتهم المكثفة!
والمبالغة في حماية أغلب هؤلاء الساسة، تجعلك تظن أن هذا المسؤول، أو ذاك إذا غاب عن المشهد السياسي سينتهي العراق، وهو في الحقيقة لا وزن له ولا تأثير، لكن هذه هي الأموال المنهوبة، وهذا هو أثرها!
سلسلة التفجيرات، ضحاياها غالباً من الكسبة والعمال وعموم الشعب، وهذه الربكة الأمنية المسؤول الأول عنها الحكومة، ورئيسها نوري المالكي؛ باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية وكالة، ومحاولة الصاق التهم بهذا الطرف، أو ذاك لا تعفي الحكومة من مسؤوليتها الحقيقية، وواجباتها بحماية أرواح الناس وممتلكاتهم، وإلا فعليها الرحيل وفتح المجال لمن هو أقدر منها على نشر الأمن والأمان.
تفجيرات الأحد الماضي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء المدنيين بين قتيل وجريح، والنتيجة مئات الأرامل والأيتام، تضاف للقوافل المليونية من هذه الفئات المهمشة والمهملة، ومقابل هذه المجازر نجد أن حكومة المنطقة الخضراء تتفرج، ولا يعنيها إلا حماية نفسها وأتباعها في داخل» محمية المنطقة الخضراء»، وأيضاً كيل الاتهامات لهذا الطرف الداخلي، أو الخارجي، وهي لم تحرك ساكناً؛ لإيقاف استهداف المواطنين، بل راحت تلملم آثار الدماء والخراب، ولا شيء غير ذلك!
الحكومة -وفي محاولة منها لإبعاد التهم عن نفسها- حملت عبر بيان صدر عن حزب «الدعوة الإسلامية» الذي ينتمي إليه المالكي، «الخطابات التصعيدية»، وتصريحات بعض القادة السياسيين» مسؤولية التصعيد الأمني الذي شهدته بغداد الأحد الماضي، وأن الحزب «يعتقد جازماً أن هذه العمليات الإرهابية جاءت نتيجة الأجواء التي خلقتها الخطابات التصعيدية التي رافقت التظاهرات».
والمخجل أن بيان الحزب برأ الحكومة من مسؤوليتها تجاه المتظاهرين في أكثر من ست محافظات عراقية، حيث أكد أن» الحكومة قد وفت بالتزاماتها، واستجابت للمطالب المشروعة، وحققت ما وعدت به، وما تبقى منها إنما يعود إلى البرلمان الذي أصبح عاجزاً عن العمل، عاطلاً عن تشريع القوانين؛ بسبب سوء إدارته، وبسبب المساومات التي تريد فرضها بعض الكتل البرلمانية من أجل مصالحها الخاصة بعيداً عن هموم الشعب وتلبية احتياجاته»!
ونريد أن نسأل جماعة حزب الدعوة ما هي المطالب التي حققتموها؟!
ثم ألستم الكتلة الأكبر في داخل البرلمان؟ فمن يمرر القرارات غيركم، أم كلامكم هذا مجرد عذر تريدون أن تلتحفوا به، أمام الشعب العراقي الذي سئم من وعودكم الفارغة؟!
المالكي لم يكتف ببيان حزب الدعوة، بل وجه ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه لاتهام تصريحات بعض القادة السياسيين بأنها «أسهمت بتوفير الغطاء السياسي لتلك التفجيرات»!
الهجمات الإرهابية مستمرة في بلاد الرافدين منذ أكثر من عشر سنوات، ورغم أنهار الدم تزداد الحكومة تمسكاً بموقعها، ولا تفكر حتى بتقديم استقالتها؛ احتراماً للدماء الطاهرة والأرواح البريئة التي عجزت عن توفير الحماية الضرورية لها، وهذا من أبسط واجبات الحكومات الناجحة!
العراقيون سواء أكانوا من المتظاهرين أم من المتضررين بالتفجيرات الإجرامية، يتهمون الحكومة بالتقصير في مهامها في كافة المجالات الأمنية والخدمية والمعاشية؛ لأن هذه الحكومة لا يهمها إلا تأمين الأمن والحماية والرعاية والطمأنينة لسكان محمية المنطقة الخضراء، وهي المنطقة الوحيدة التي يستطيع الساسة أن يتحركوا فيها، وعلى الرغم من ذلك فهم يتحركون بحماياتهم ومواكبهم في أثناء تجوالهم في إطار هذه المنطقة المحصنة، فهم يخافون من المجهول، وهذا هو حال الظالم المستبد!
الحل لمشاكل العراق:
استقالة الحكومة، وحل البرلمان، وإعادة كتابة الدستور، وإجراء انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي، وبناء دولة العراق الواحد، ونبذ الطائفية والتقسيم، ولا أظن أن هذه المطالب تعجيزية!
فهل من مجيب؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!