جريمة الفلوجة في ضوء القانون العراقي



تمر الأحداث المتسارعة في العراق هذه الأيام بمنعطف خطير؛ حيث إن الحكومة فتحت النار على المدنيين المتظاهرين العزل، وبالتالي سقط العشرات بين قتيل وجريح، وهذا يعني أن الحكومة قد كشفت عن وجهها الإجرامي، وأعدت العدة لإبراز حقدها المستمر منذ سنوات ضد العراقيين، ولكن هذه المرة أمام وسائل الإعلام، وبدون أدنى درجة من الحياء!
الحكومة، وتحديداً كتلة نوري المالكي أطلقوا على أنفسهم «ائتلاف دولة القانون»، أي إنهم الائتلاف، أو التجمع الذي يريد أن يجعل من العراق دولة للقانون، ولاشك في أن هذا الشعار جميل ومتميز، وتم اختياره بذكاء، لكن الواقع يشهد أن العراق اليوم هو دولة الغاب، والظلم والخراب.
المظاهرات السلمية المستمرة في بلاد الرافدين هي دستورية وقانونية، وعلى الرغم من ذلك فإننا شاهدنا اعتداء الحكومة وأجهزتها الأمنية على المتظاهرين في الفلوجة، وكانت الحصيلة أكثر من عشرة شهداء، وأكثر من 80 جريحاً، منهم عشرة جرحى في حالة حرجة، وهذه جريمة يعاقب عليها القانون.
وبالعودة للقانون العراقي نجد أن المادة 406 من قانون العقوبات، رقم (111) لسنة 1969 تنص على:
1. يعاقب بالإعدام من قتل نفساً عمداً في احدى الحالات التالية:
أ. إذا كان القتل مع سبق الاصرار، أو الترصد.
ب. إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة، أو مفرقعة، أو متفجرة.
ج. إذا قصد الجاني قتل شخصين فأكثر، فتم ذلك بفعل واحد.
د. إذا اقترن القتل عمداً بجريمة، أو اكثر من جرائم القتل عمداً، أو الشروع فيه.
2. وتكون العقوبة الاعدام، أو السجن المؤبد في الأحوال التالية:
أ. إذا قصد الجاني قتل شخص واحد، فأدى فعله إلى قتل شخص فأكثر.
ب. إذا مثل الجاني بجثة المجنى عليه بعد موته.
وعليه؛ حينما نراجع تصريحات رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي التي أطلقها في آخر يوم من عام 2012، وهو يخاطب المتظاهرين في الانبار: «أقول لأصحاب الأجندات لا تتصوروا أنكم صعب على الحكومة أن تتخذ إجراء ضدكم، أو أن تفتح الطريق وتنهي القضية، ولكن عليكم أن تعلموا أن الوقت ليس مفتوحاً، وعليكم التعجل في إنهاء هذا الموضوع، وأحذركم من الاستمرار؛ لأنه مخالف للدستور العراقي»، وتابع قائلاً: «لقد صبرنا عليكم كثيراً، لكن لا تتوقعوا أن المسألة مفتوحة، ولا تتوقعوا.. التمرد على الدولة»، وختم كلامه بالقول: «انتهوا قبل أن تُنهوا»!
وحينما نعود لقراءة هذا التصريح الواضح والخطير من أعلى مسؤول في الدولة، ومن القائد العام للقوات المسلحة، فإننا نجد الحقائق الآتية:
1. اتهام المالكي للمتظاهرين بأنهم ينفذون أجندات خارجية.
هذا الاتهام بحاجة إلى دليل، والقاعدة الشرعية القانونية تقول: البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، فما هو دليل المالكي في هذا الاتهام؟!
2. تحذيره المتظاهرين من الاستمرار بمظاهراتهم، وهذا يعد خرقاً واضحاً للدستور الحالي الذي كفل المظاهرات السلمية؛ حيث ذكرت المادة (36) من الدستور:
«تكفل الدولة حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وكذلك حرية الاجتماع والتظاهر السلمي». فهل من الممكن أن توضح الحكومة للعراقيين موقفها من الدستور، وهل هي مع تطبيق الدستور الذي كتبته، أم ضده؟!  
3. قوله، أي المالكي، وهو يخاطب المعتصمين: «انتهوا قبل أن تُنهوا!».
هذا الكلام يعتبر تهديداً صريحاً للمتظاهرين، ولا يمكن تفسيره إلا بأن المراد منه القتل؛ لأنه في العرف الدارج بين العراقيين، حينما تقول لشخص ما إنني سأُنهيك، فالمقصود بهذه الكلمة القتل، أو التغييب، وليس شيئاً آخر، وعليه فان كلام المالكي هو تهديد بالقتل، أو هو تهديد بالاعتقال والتغييب، ولا يحتمل أي تفسير آخر!
وهنا نوجه الدعوة للأخوة المحامين العراقيين والعرب لمساندة إخوانهم من عائلات الشهداء والجرحى والمعتقلين، وتقديم دعاوى قضائية داخل وخارج العراق ضد رئيس الحكومة الحالية؛ باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، وهو الذي أصدر أوامره باستهداف المتظاهرين، وكذلك للأدلة الدامغة التي ذُكرت آنفاً، والتي تثبت مسؤوليته القانونية والجنائية مع سبق الإصرار والترصد.
وهذا جزء من الواجب الشرعي والوطني والقومي المطلوب من أبناء الأمة لنصرة إخوانهم في العراق المبتلى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى