اغتيالات في عموم العراق



عمليات الاغتيال التي تحدث في كل مكان في العالم لا يمكن اعتبارها من الحوادث الطبيعية، بل هي عمليات مخطط لها تهدف لإنهاء تأثير شخصية ذات نفوذ سياسي، أو عسكري، أو مجتمعي أو عقائدي، وبالتالي فإن الاغتيالات هي عمليات تقف وراءها دوافع سياسية، أو عقائدية، أو ربما ثأرية انتقامية.
والاغتيالات بالأسلحة البيضاء والكاتمة مستمرة في العراق منذ الأشهر الأولى للاحتلال وحتى الساعة، والمتابعون للشأن العراقي يلاحظون أن هذه الظاهرة ترتفع معدلاتها في فترات معينة، وتنخفض في فترات أخرى؛ مما يعني أن هنالك جهات محددة حريصة على اشاعة الفوضى الخلاقة في البلاد حينما تريد ذلك، ولأغراض محددة مسبقاً.
والقتل في العراق اليوم صار مثل الولادة، وأنا هنا لا اقصد الموت الطبيعي، وإنما اقصد القتل بالتفجيرات، والاغتيالات، وفي داخل المعتقلات الحكومية وغير الحكومية، وهنا سأحاول أن أسجل بعض الاغتيالات التي طالت شخصيات عراقية، ولكن قبل ذلك أرى من الضروري الحديث عن أعداد القتلى في شهر أيلول الماضي، حيث أظهرت احصائية رسمية نشرت يوم 1/10/2012، شاركت بها وزارات الداخلية والدفاع والصحة، أنه قتل وجرح 1048 شخصاً في العراق خلال شهر أيلول 2012؛ ما يجعله الشهر الأكثر دموية منذ أكثر من عامين.
وبخصوص موضوع الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة وغيرها، فإننا وبمجرد الرجوع قليلاً إلى الوراء، وتحديداً خلال شهر أيلول الماضي، فإننا سنلاحظ ارتفاع وتيرة الاغتيالات لشخصيات مهمة في عموم البلاد، ومن ذلك:
- اغتيال القاضي محمد عودة كاظم في يوم 1/9/2012، وهو أحد قضاة محكمة قضاء الزبير، غرب البصرة، طعناً بسكاكين، وإصابة زوجته بجروح خطيرة جداً في الحادث.
- وبتاريخ 5/9/2012 قُتلت المحققة القضائية أمل احمد لدى خروجها من المحكمة في قضاء طوزخرماتو، الواقع على بعد 90 كم شمالي العراق.
- وفي جهة الغرب اغتال مسلحون مجهولون يوم 3/9/2012 القاضي احمد ابراهيم عبد الله أحد قضاة محكمة جنايات الانبار، بوابل من الرصاص من أسلحة رشاشة لدى خروجه من منزله في ناحية الكرمة شمال شرق الفلوجة.
- وفي يوم 12/9/2012 اغتيل الشيخ عدنان زيدان الجنابي إمام وخطيب جامع الرحمة بمحافظة بابل في هجوم مسلح.
- وإلى الشمال أيضاً، وبتاريخ 17/9/2012 قتل مسلحون "مجهولون" الشيخ المان محمد علي جاسم، إمام وخطيب جامع الرضواني أمام منزله في حي الزهراء شرق الموصل.
- وفي يوم 20/9/2012، اغتال مسلحون "مجهولون" الشيخ نجم الكرخي عضو رابطة علماء نينوى، بعد أن هاجموه شرق مدينة الموصل مركز المحافظة.
- وفي ذات اليوم اغتال مسلحون "مجهولون" إمام وخطيب جامع الزيدان في مدينة الموصل، في ثاني حادث من نوعه يقع في غضون ساعات.
- وبتاريخ 21/9/2012 اغتال مسلحون "مجهولون" إمام جامع في منطقة الوشاش غرب العاصمة بغداد بعد خروجه من صلاة الفجر.
- وفي يوم 28/9/2012، قتل مسلحون "مجهولون" محمد مصبح الوائلي، محافظ البصرة السابق في هجوم مسلح استهدفه في منطقة العباسية وسط البصرة.
- وبتاريخ 29/9/2012، قتل مسلحون "مجهولون" الشيخ علي أبو وديان، إمام وخطيب جامع الرشيد في منطقة الزعفرانية جنوبي بغداد في أثناء توجهه لأداء صلاة الفجر.
- وفي يوم 29/9/2012 اغتال مسلحون "مجهولون" الشيخ محمود حسين احمد إمام وخطيب جامع التوحيد بمحافظة التأميم في هجوم مسلح استهدفه جنوبي المدينة.
والظاهر للوهلة الأولى أن الجامع بين كل هذه الجرائم أنها سُجلت ضد مجهول، والواقع أنها ليست كذلك! حيث إن هذه الاغتيالات اليومية ليست أعمالاً عبثية، بل هي مخططات يراد منها تحجيم هذا الطرف، أو ذاك وإضعاف هذه الجهة أو تلك، وتمييع موقف هذا الكيان، أو التجمع، أو الحزب، أو ذاك، لصالح الطرف المنفذ لعملية الاغتيال، الذي هو ربما يكون مجهولاً للبعض، لكننا على يقين أن غالبية رجال العمل السياسي يعرفون من يقف وراء هذه الاغتيالات!
وهكذا تستمر العصابات الرسمية وغير الرسمية بارتكاب جرائمها المليئة بالغدر والوحشية، وربما اغتيل في هذه اللحظة شخصية مهمة أخرى تضاف إلى قافلة المغدورين في عراق الظلم، فأين دور الأجهزة الأمنية العاجزة أصلاً عن حماية نفسها، فضلاً عن حماية عموم الشعب؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى