زهايمر السياسة العراقية




ناولت بعض وسائل الأنباء المحلية العراقية يوم 26/9/2012 الخبر الآتي:- 

“كشف مصدر مسؤول في مركز بحوث السوق وحماية المستهلك العراقية، أن الاستخدام المفرط للأكياس اللدائنية، ذات اللون الأسود تؤدي إلى مخاطر شديدة لدى استعمالها، وتكرار حفظ الأغذية والأطعمة فيها، والتي تتمثل بالإصابة بالأورام السرطانية والزهايمر”، محذرا المواطنين من” الاستخدام المفرط لهذه الأكياس”.

وهذا الخبر رغم أنه يتعلق بعموم المواطنين العراقيين البسطاء، إلا إنه له علاقة كبيرة بالواقع السياسي المعاش حالياً في العراق.

والزهايمر هو داء يصيب المخ، ويتطور ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتعلم. وقد يتطور ليحدث تغييرات في شخصية المريض فيصبح أكثر عصبية، أو قد يصاب بالهلوسة، أو بحالات من حالات الجنون المؤقت. ولا يوجد حتى الآن علاج لهذا المرض الخطير.

وبغض النظر عن الموقف من الحكومة العراقية التي سبقت الاحتلال، فان الذين تسلطوا على رقاب العراقيين بعد عام 2003، بفضل أكاذيب بعضهم المتعلقة بامتلاك العراق لأسلحة محرمة، وبفضل القوة الأمريكية العملاقة التي حملت غالبيتهم براً وجواً وبحراً ليجدوا أنفسهم في لحظة من الزمن، يحكمون بلاداً غنية ومهمة مثل العراق، أقول هؤلاء الساسة جعلوا العراق يعيش اليوم مرحلة لم يشهد مثلها إلا أيام الغزو المغولي.

الزهايمر أصاب نسبة كثيرة من ساسة العراق “الجديد”؛ لأنهم حينما جاؤوا، أو جيء بهم إلى العراق ادعوا: إنهم سيعملون على تخليص العراق من الظلم، والدكتاتورية، والسجون السرية، والفساد المالي والإداري، والحفاظ على كرامة المواطن العراقي، وغيرها الكثير من الوعود التي صارت ارثاً للعراق الجديد. 

وبمرور الزمن صار الناس في الجنوب، قبل بقية أرجاء البلاد يلعنون كل الشعارات التي جاء بها هؤلاء الساسة.

والزهايمر تجلى في عراق اليوم بأبهى صوره عبر الصور المأساوية الآتية:-

- تناسي قادة العمل السياسي أهداف برامجهم السياسية، والتي بموجبها تم انتخابهم من قبل المواطنين.

- طبق غالبيتهم سياسية الضمير الميت، التي بموجبها انتشر الظلم والخوف والفزع بواسطة المليشيات الاجرامية التي سفكت الدماء في عموم الديار العراقية.

- انتعاش السجون السرية والعلنية، بحيث تتباهى وزارة العدل الحكومية في كل عام بأنها نجحت بافتتاح سجن جديد في البلاد.

- اما الفساد المالي والإداري، فالعراق اليوم صار مدرسة تخرج افواجاً من المسؤولين الذين لا يخافون الله، ولا يحسبون لضمير، أو لمبدأ أي حساب!

- البلاد تعاني اليوم من انعدام شبه تام للخدمات، حتى إن العراقيين صاروا يحلمون اليوم بأبسط الخدمات المتوفرة في دول افريقيا الفقيرة، ومنها الكهرباء والماء الصالح للاستخدام البشري.

وفي ظل كل هذه الصور القاتمة لا نجد من يعتذر للمساكين من العراقيين، أو على الاقل من يعترف، بل نجد الاصرار على تزوير المشهد اليومي في البلاد، ومن ذلك ما ذكرته عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب الحالي (سميرة الموسوي)، وهي نائبة عن ائتلاف دولة القانون، يوم 29/9/2012، من ( إن الاهتمام العالي بالسجناء أدى إلى سيطرتهم على السجون، وهروبهم منها، وطالبت بدعم الأجهزة الأمنية والاهتمام بها، وأن” نهتم بحراس السجون بدلاًً من الاهتمام بالسجناء المتهمين بقضايا إرهاب”).! 

تصريحات (الموسوي) جاءت بعد هروب عشرات المعتقلين والسجناء من سجن تكريت شمالي بغداد، حيث أكدت وزارة الداخلية العراقية السبت، (29 ايلول) هروب (102) من نزلاء سجن تسفيرات تكريت. 

وكان الأولى بالجهات الرسمية الاعتراف بالتقصير في ضبط السجن، وعدم كفاءة الحرس التابع للسجن، لا أن يدعون أن موضوع الاهتمام بالمعتقلين أدى إلى هذا الخرق الأمني، الذي يسقط حكومات بأكملها!

وهكذا تستمر حالة الزهايمر العراقية إلى أن يكتشف العلماء الدواء الناجع لشفاء ساسة المنطقة الخضراء، وأظنه سيكون عبر مختبرات الثورة الشعبية المرتقبة في العراق المغتصب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى