حكومة المالكي تستخف بحياة العراقيين




في زمن الاحتلال تظهر جلياً النفوس الضعيفة، والتي لا يردعها وازع من ضمير أو قانون؛ لأن الضمير لدى هؤلاء ذهب في إجازة لا نعلم متى يقطعها ويعود إلى صاحبه، وأما القانون فهو في إجازة مفتوحة، ولا يطبق إلا على المساكين والأبرياء، أما السراق الحقيقيون فهم يرتعون بالمال العام، في بلاد ضاعت فيها المقاييس والموازيين.

والفساد رغم انه مرفوض بكل أشكاله وأنواعه ودرجاته إلا أن هنالك فساداً أهون من آخر؛ لأن السارق الذي يسرق من المال العام هو مجرم ولص ومن أكلة السحت، إلا انه أهون حالاً من السارق المجرم الذي يملأ جيبه على حساب صحة الناس، فهو سارق وقاتل في نفس الوقت، والجرم هنا اشد فتكاً بالناس من الأول، وكلاهما لا يليق بالرجال المخلصين الصادقين، وقليل ما هم.

وليس هنالك فساد اكبر من الاحتلال، وهو المعول الأبرز في تدمير الدولة العراقية، وهو السارق الأول، فبعد أن نهب من خيرات العراق الوفيرة، ومنها اليورانيوم والآثار والنفط وغيرها، سلّم البلاد إلى المعول الآخر، معول رجال العملية السياسية، وكانت هذه الهاوية الثانية التي قادت البلاد إلى فساد مالي وإداري مخيف.

الزيارات التي تجري بين المسؤولين في دول العالم تكون إما لأهداف سياسية أو اقتصادية أو بروتوكولية، والزيارة التي من المفترض أن يقوم بها رئيس الحكومة الناقصة في العراق نوري المالكي هذه الأيام إلى جمهورية كوريا الجنوبية هي لأهداف اقتصادية، وهذا ما أعلنه عضو في مجلس النواب مقرب المالكي، هذه الزيارة تأتي في الوقت الذي انكشفت فيه عشرات من العقود الوهمية في بلاد الفساد الحكومي، وبدلا من وقوف الحكومة ورئيسها على السبل الكفيلة للقضاء على الفساد المستشري في البلاد نجد أن المالكي يفتح أبواباً جديدة مع العالم ليكون الفساد هذه المرة على مستوى.

حيتان الفساد المتفشي في عراقنا الجديد، هم في غالبيتهم من رجال الحكومة، وضمن هذا الملف الشائك كشف رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب بهاء الاعرجي عن صدور (11) أمر قبض بحق عدد من كبار الشخصيات، من بينها وزير ووكلاء وزارات ومحافظون وضباط كبار ومديرون عامون على خلفية قضايا فساد، وأبرز ملف للفساد تم الكشف عنه يتعلق بإقدام وزارة الدفاع على بيع جامعة البكر سابقا إلى جامعة الإمام جعفر الصادق بقيمة مليار و(300) مليون دينار فقط، وأن الجامعة تقع في منطقة الوزيرية وسط بغداد، وتبلغ مساحتها (13) ألف متر مربع وقد بيع المتر المربع الواحد بألف دينار(أقل من دولار أمريكي واحد)، فيما تقدر القيمة الفعلية للجامعة (800) مليون دولار.

ولم يقف الأمر عند حد استخدام هؤلاء الدين وسيلة للسرقة والنهب، بل تعدى إلى ضرب الصحة العامة، وتدمير أرواح الناس، حيث كشف مصدر برلماني بتاريخ 15/ 4/ 2011، أن النتائج الأولية في قضية شحنة زيت الطعام الفاسد في ميناء أم قصر بمحافظة البصرة، أن التحقيقات أظهرت تورط مسؤولين كبار في هذه القضية قد تصل درجاتهم الوظيفية إلى وكلاء في وزارة التجارة، وأن وكلاء وزارة التجارة كانوا مصرين على عدم إثارة الموضوع إعلاميا، وعدم إرسال الثلاثين ألف طن من الزيوت إلى معمل الزيوت العراقي لإعادة تكريرها، وفضلوا توزيعها على ما هي عليه، وأن الكمية الكلية من الزيوت الفاسدة تبلغ (1300) حاوية بينها (147) حاوية انتهت صلاحيتها في بداية الشهر الجاري.

وفي يوم 21/ 4/ 2011، كشفت هيئة النزاهة في البرلمان عن وجود ملفات تخص استيراد (2500) طن من الحليب تبين بعد دخولها إلى العراق أنها فاسدة، وأن عقد الصفقة كان يشير إلى استيراد حليب نيوزلندي، لكن تبين أن الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية جلبت حليبا معبأ في إيران؟!!

هذه هي حقيقة الفساد المستشري في بلاد الديمقراطية، وما ذكرته كان باعتراف بعض رجال المنطقة الخضراء من الذين دفعتهم مصالحهم الشخصية والحزبية إلى التشهير بالآخرين، فهم يهدفون من وراء ذلك ضرب هذه الاتجاه أو ذاك، وليس حباً بشعبنا المبتلى، المهم أن الخاسر الأكبر من وراء هذه العقود الظالمة هو العراق وأهله، فإلى متى سنبقى نعاني من هذه الثلة من السراق الذين تعاقدوا وتكاتفوا مع الشيطان من أجل خراب العراق وتدميره؟!!

jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى