الموصل بوابة النصر والتلاحم العراقي




واهمٌ منْ يظن أن الشعوب الحية حينما تصبر فإنها في عداد الأموات، وواهم أكثر منْ يتصور أن استراحة المقاتل تعني الهزيمة، وفاقد للبوصلة منْ يعتقد أن المقاومة في العراق قد خبت شعلتها، وأنها استسلمت للقطار الديمقراطي المتهالك الذي لا يعرف أحد في أي محطة من محطات العراق سيتوقف؛ لأنه يفتقر إلى ربان أصيل، ونزيه ومخلص، والأهم من هذا وذاك محب للعراق.
القمع الذي تمارسه حكومة المنطقة الخضراء الناقصة بحق المتظاهرين لإرغامهم على التخلي عن حبهم للعراق، وعن أهدافهم الوحدوية والإصلاحية التغييرية الشاملة، هذا القمع مستمر عبر الاعتقالات الهمجية المنظمة، ومن خلال الإرهاب الذي تمارسه بعض الأجهزة الحكومية بحق المتظاهرين وقطع الطرق المؤدية إلى أماكن تجمع المتظاهرين، وحاول رئيسها نوري المالكي عند انطلاق المظاهرات، منعها ولو باتهامات لا أساس لها من الصحة، حيث قال (إن أعداءكم يقفون وراء هذه المظاهرات)، وحينما تأكد أن العراقيين بجميع أطيافهم يقفون وراء هذه الانتفاضة الشعبية سلط قواته الأمنية لقمع المتظاهرين في عموم البلاد، إلا انه على الرغم من آلة الدكتاتورية المالكية المتطورة، رفع العراقيون من سقف مطالبهم لينادوا بالتغيير الشامل للنظام، وليس الإصلاح فقط.
المظاهرات والاحتجاجات مستمرة اليوم في اغلب مدن العراق من شماله إلى جنوبه، واعتقد أن ابرز هذه المظاهرات هو الاعتصام المفتوح في ساحة السجن في مدينة الموصل الحدباء الجميلة، ويعد هذا الاعتصام الأطول في البلاد منذ عام 2003، حيث يتكاتف أساتذة الجامعات والأطباء والمحامون والطلبة الجامعيون مع الفلاحين والعمال من مختلف محافظات العراق، مطالبين بطرد الاحتلال وإسقاط حكومة الفساد والإفراج عن المعتقلين.
ومدينة الموصل آية من آيات الله في العراق، واحة الخير والطيبة والعلم، هي مدينة الأصالة والحضارة، مدينة التعايش بين العرب والأكراد والمسيحيين والسنة والشيعة، مدينة الصبر والتحدي، والصمود.
ومنذ أن تورطت القوات الأمريكية باحتلال ارض العراق الطاهرة، وقف رجال الموصل بالمرصاد لكل غريب من جنود الاحتلال الإجرامية التي وزعت ظلمها بالتساوي على العراقيين، وجعلوا من مدينتهم النرجسية مقبرة للأشرار، ونحروا عند بوابتها خفافيش الليل، وجرذان النهار.
اعتصام الموصل تميز بأنه كان المرآة العاكسة التي أثبتت لقادة الاحتلال ولرجال العملية السياسية من الذين لا ينتمون للعراق إلا بالجسد، أن مخططاتهم التي حيكت على العراق منذ عام 1991، وحتى الآن قد تهشمت على صخرة التلاحم العراقي، اليوم نرى في الموصل أرقى وأروع وأنبل وأصدق صور التلاحم، وكذلك الكرم الحاتمي العربي الأصيل، حيث يتسابق شيوخ ووجهاء الموصل على ضيافة المئات من مختلف المحافظات العراقية، هي الموصل، مدينة الثوار، ومدينة التلاحم الوطني والنصر والكرم.
واليوم تنهض الموصل من جديد لتعلنها صراحة، ولكل الناس، أن أهلها لن يسكتوا على الضيم الحكومي بحقهم وبحق أهلهم في عموم العراق، وأن العراقيين لن يوافقوا على بقاء قوات الاحتلال الأمريكي، حيث تحاك مؤامرة جديدة على بلاد القهرين متمثلة بمحاولة إبقاء (20) ألف عسكري من الاحتلال بعد انتهاء مهلة بقائهم في نهاية عام 2011.
في ميدان الأحرار في الموصل، نجد ابن البصرة والعمارة والناصرية والانبار وديالى والسليمانية وغيرهم، والكل يتسابقون من اجل الإعلان عن حبهم اللا محدود للعراق المظلوم، وعن تضامنهم مع أهالي الموصل.
طوبى للعراق بهؤلاء الرجال الذين أثبتت المواقف أصالة معدنهم النفيس؟!!
ومن بين المواقف الإنسانية الرائعة التي سيسطرها التاريخ العراقي الحديث بماء الذهب الزواج المبارك الذي تم في ساحة الاعتصام لشاب من مدينة الموصل دفعه حبه للعراق أن يشارك أهله في الاعتصام، ويحتفل بزواجه في مكان الاعتصام، فهل تحلم أمريكا بالانتصار على شعب فيه مثل هذه النماذج من الرجال والنساء؟!!
وهكذا ستكون الموصل بوابة النصر الحاسم على العدو الأمريكي وأتباعه، ولو حاولوا الإبقاء على عشرات آلاف من قوات الاحتلال فان مصير الاحتلال وأعوانه هو الهروب والهزيمة والاندحار.
ملاحظة:
في ساعة الانتهاء من كتابة هذا المقال، دعا المعتصمون أهالي الموصل إلى إضراب عام في عموم المحافظة، وقد استجاب الأهالي لهذا النداء.
jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى