ملاحظات أحمد الكاتب على مقالي في السبيل (1)




وصلني التعليق الآتي من السيد أحمد الكاتب الباحث الإسلامي المعروف، والتعليق كان على موضوعي (سجون المنطقة الخضراء السرية) في صحيفة السبيل الأردنية الغراء والمنشور بتاريخ 19/ 3/ 2011، وللأمانة الصحفية انقله كما هو:

"الأخ العزيز جاسم الشمري، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قرأت مقالتك وكانت لدي بعض الملاحظات، وقبل أن أسجلها أقول لك: إني كنت ضد الاحتلال الأمريكي للعراق، وعبرت عن موقفي هذا عبر مختلف القنوات التلفزيونية يومها، ولا تربطني بأي حكومة عراقية بعد الاحتلال أي رابطة، ولم اذهب للعراق حتى الآن، ولكني شاركت في الانتخابات التي جرت كأي عراقي من ملايين العراقيين الذين شاركوا في الانتخابات عدة مرات، وأعتقد أن غالبية العراقيين شاركوا فيها، وحتى الذين قاطعوها في الانتخابات الأولى شاركوا في الانتخابات الأخيرة.

وإذا كنا ندين الاحتلال، فلا يمكن إدانة الشعب العراقي لمشاركته في الانتخابات وقبوله بالنظام الديمقراطي، أو اتهامه بالخيانة والعمالة والتبعية للاحتلال الأمريكي، وحسب نتائج الانتخابات التي أظهرت فوز مختلف الأحزاب فيها فيبدو أنها كانت نزيهة إلى درجة كبيرة مع احتمال نسبة ضئيلة من التزوير بسبب الألغام أو العد أو ما شابه، وقد كانت الانتخابات تحت إشراف هيئة محايدة ومنظمات دولية ومراقبة ممثلي الأحزاب المختلفة المشاركة في الانتخابات.

وأنا لا اختلف معك في احتمال قيام أي حكومة منتخبة بمخالفة القانون والتعدي على الحريات العامة وارتكاب أخطاء أو جرائم مختلفة، ولكن إذا كان يوجد نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب وبرلمان مستقل عن الحكومة وقضاء مستقل وإعلام حر داخلي، أو خارجي فان الأخطاء تقل إلى درجة كبيرة، على العكس مما إذا كان هناك نظام ديكتاتوري يسيطر على البرلمان بحزب واحد، ويسيطر على القضاء والإعلام ويمنع تعدد الأحزاب فانه يرتكب ما يشاء من الجرائم دون حسيب أو رقيب، كما كان العراق في عهد صدام حسين، أو كما يمكن أن يحدث في المستقبل إن سقط النظام الديمقراطي وقام مكانه نظام ديكتاتوري جديد، والسؤال هو ماذا تريد أنت، أو ماذا تريد هيئة علماء المسلمين التي تمثلها؟ هل تريد إقامة نظام ديمقراطي أم نظام ديكتاتوري؟ وكيف يمكن إقامة النظام الديمقراطي إذا كان طريق الانتخابات متعددة الأحزاب تحت ظل الفصل بين السلطات وحرية الإعلام خاطئا؟ هل تريد حكما عسكريا ديكتاتوريا كحكم صدام حسين؟ وكيف يمكن ذلك؟ هل بالقضاء على الأحزاب المختلفة وتسليم السلطة لحزب واحد؟

وفي الختام أرجو أن لا تنسى المقابر الجماعية والسجون السرية والعلنية لصدام حسين التي لم يستطع أي أحد لا من داخل النظام ولا من خارجه أن ينبس بكلمة ضدها، في حين أن كل ما يحدث في العراق اليوم تحت أعين وبصر ومحاسبة النواب ووسائل الإعلام المختلفة وحتى الوزراء من داخل الحكومة".

مما لاشك فيه أن اهتمام السيد أحمد الكاتب بمقالاتي هو محط اعتزاز؛ لأنه رجل يحمل عقلية قادته إلى الكثير من الآراء التي نقض فيها عدداً من الأفكار السائدة في الساحة العلمية، وبداية أنا لن أتكلم عن المرحلة السابقة في العراق، قبل عام 2003، على اعتبار أن موضوع "النظام السابق والديكتاتورية والحزب الواحد" وغيرها من العبارات المتكررة في الإعلام قد انتهت، ونحن اليوم على أعتاب (مرحلة جديدة) كما يقول ساسة المنطقة الخضراء، فليكن كلامنا يا سيدي الكاتب بخصوص هذه المرحلة ولنترك جانبا المرحلة السابقة.

وهنا لابد أن أُؤكد أنني لا امثل هيئة علماء المسلمين في كتاباتي، ولي آرائي الشخصية التي لا تعبر عن طروحات الهيئة التي لها من يمثلها رسمياً.

سيدي الكريم، لنعد إلى تاريخ رجال المنطقة الخضراء قبل احتلال العراق عام 2003، حيث شارك اغلب رجال ما يسمى المعارضة بتفعيل قرار الحصار الاقتصادي الجائر الذي حصد أكثر من مليون عراقي بينهم مئات الآلاف من الأطفال والشيوخ والنساء.

ثم لا ننسى دورهم المعادي للعراق، وسأذكر هنا بعض الحقائق التاريخية كما هي، حيث كان لأغلب رجال العملية السياسية الحالية الدور الأبرز في دفع أمريكا وحلفائها لضرب العراق، وهم منْ عملوا على عودة العراق للقرون الوسطى، وكذلك احتلاله وتخريبه وتدميره ومقتل وإعاقة وتهجير الملايين من العراقيين.

وأنا هنا كما يلاحظ القارئ الكريم لم أركز على الخسائر التي لحقت العراق منذ عام 2003، حتى اليوم، لأنها باتت من المسلمات التي يعرفها الجميع، وهي ليست ضمن إطار تعليق السيد الكاتب، لأنه تحدث عن (والسؤال هو ماذا تريد أنت... الخ التعليق أعلاه).

وبسبب هذه الديمقراطية خسر العراق الملايين من أبنائه بين قتيل ومغدور ومغيب ومهجر في الداخل والخارج، وليدخل العراق في مرحلة مظلمة من تاريخه الحديث تمثلت بالاحتلال والحكومات التي نصبها والتي لا زالت جاثمة على صدور العراقيين عبر الصناديق الديمقراطية المرتبة سلفاً، وعليه سيكون كلامنا في الجزء الثاني من المقال عن بعض انجازات (رجال العراق الجديد) في مرحلة ما بعد الاحتلال.

وللحديث بقية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى