وانطلقت شرارة الثورة في العراق




الثورات التي يفاخر بها الثوار على مر العصور هي تلك التي تلد من رحم الأمة ومعاناتها، والتي تقود إلى إصلاحات حقيقية بعيدة عن الشعارات الزائفة البراقة. والثورات لها عدة تصنيفات وأقسام، منها الوطنية التي تكون شرارتها بسواعد أبناء البلد، والأجنبية التي يستعان بالغرباء لتفجيرها، ومن أنواعها العميلة والخيرة والحاقدة وغيرها.

الثورات الوطنية –التي نحن بصدد الحديث عنها- هي التي تنطلق من هموم الشارع والمواطن، وهدفها التغيير نحو الأفضل بغض النظر عن التضحيات، وكل ثورة، تعود بالخراب والدمار على أهلها فهي بركان مدمر لا خير فيها؛ لأن الثورة الخيرة هي تلك التي تعود بالخير والتغيير على البلاد وأهلها.

والبعض يظن أن كل تغيير هو "ثورة"، والحق أن الأمر ليس على إطلاقه، حيث إن التغيير نحو الأفضل هو ثورة، وثورة مباركة، وهذا لا خلاف عليه، أما تلك الثورات أو الاحتجاجات غير "الوطنية" فلا تقود إلا إلى مزيد من الهموم والتخريب، وهل يمكن تسمية التغيير الذي حدث في العراق، وأدى إلى احتلال ما زال جاثماً على صدورنا حتى اليوم "ثورة"؟!!.

وتيمناً بالثورات العظيمة في تونس ومصر، وكنوع من الانتفاض على الخراب والدمار في بلاد الرافدين، انطلقت خلال الأيام الماضية، وحتى ساعة كتابة هذا المقال، العديد من المظاهرات في مدن العراق المختلفة، ففي يوم 5/ 2/ 2011 تظاهر أكثر من ثلاثة آلاف من أهالي قضاء الحمزة جنوب الديوانية، للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل. 

وفي يوم 5-2-2011 أيضاً انطلقت مظاهرات حاشدة في منطقة الحسينية في بغداد، حيث طالب المتظاهرون من خلال شعاراتهم، واللافتات التي رفعوها بتحسين واقع الخدمات المتردي الذي تعيشه المنطقة منذ فترة طويلة، فيما تجمع نحو ألف شخص في منطقة بوب الشام الفقيرة ببغداد وسط أكوام القمامة وبرك المياه الراكدة؛ للاحتجاج على تردي الخدمات العامة وتدهور أوضاعهم المعيشية.

وفي يوم 6/ 2/ 2010، شهدت مدينة البصرة تظاهر نحو ألف وخمس مئة شخص، مطالبين بإقالة المحافظ شلتاغ عبود، وتوفير الخدمات، وبخاصة مفردات البطاقة التموينية من المواد الغذائية، ومكافحة الفساد الإداري والمالي، وتوفير فرص العمل للشباب، واحترام حقوق الإنسان.

وفي يوم 7/ 2/ 2011 طافت شوارع مدن الموصل الشمالية والانبار الغربية وديالى الشرقية والعمارة الجنوبية تظاهرات شارك في مجموعها أكثر من (5000) شخصية من المثقفين وشيوخ العشائر والوجهاء، طالبوا فيها بتحسين الواقع المعاشي والخدمي السيئ في البلاد.

وفي ذات اليوم دعت مواقع إلكترونية عراقية، في بيان لها، العاطلين عن العمل والمثقفين والأرامل والأيتام والمسحوقين وخريجي الجامعات العراقية والعالمية وملايين العاطلين عن العمل إلى المشاركة في تظاهرات واسعة، أسمتها "ثورة الغضب العراقي"، وذلك في يوم الجمعة (25) شباط الجاري في ساحة التحرير وسط بغداد، وبحسب البيان فقد تم إبلاغ الآلاف من الشباب الواعي عن طريق الرسائل الإلكترونية والفيس بوك، كما "وجهت تلك الرسائل النداء لقوات الجيش والشرطة أن يكونوا حماة للوطن والشعب. وأن يقف الجيش والشرطة كوقفة إخوانهم في تونس ومصر". وسيحمل المتظاهرون، وفقا للبيان، شعارات من ضمنها: "ألا يكفينا صمتاً وصبراً؟"، و"ألا تعلمون أننا نحمل على ظهورنا ما يقارب (100) مليار دولار سنوياً من واردات النفط والتجارة والسياحة.. ولا زلنا نأكل البصل، إن وجد؟". 

وهكذا وبعد أكثر من سبع سنوات من التغيير المزعوم الذي حدث في العراق، ما زالت البنية التحتية في حالة مزرية، والبلاد تعاني من انقطاع مزمن لخدمات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء.

والحق أنه -على الرغم من البطش الحكومي المستظل بقوات الاحتلال الإرهابية- نجد أن الشارع العراقي قد قال كلمته بخصوص ما يجري على أرض الرافدين من تخريب وترهيب وتدمير وفساد مالي وإداري.

ومن الإنصاف التذكير بأن الثورة العراقية تميزت عن غيرها من الثورات، وذلك لأنها ثورة ضد قوتي الاحتلال والحكومة المنصبة من قبله، وسيرى العالم كيف أن الغضب الشعبي سيوقف الذين ارتضوا لأنفسهم أن يضعوا أيديهم بيد المحتل، وأهملوا الشعب الصابر، وحينها سيعود العراق إلى الحاضنة العربية، وإلى مكانه المتميز في المسيرة الداعمة للعمل العربي والإنساني.

تعليقات

  1. لا فض فوك اخي الشمري

    قلت فاحسنت القول، وجزاك الله خيرا على غيرتك وحرصك على بلدك السليب.

    ردحذف
  2. ومن باب التواصي بالحق ولكي اضم صوتي الى صوتك، اسمح لي من خلال موضوعك القيم ان اخاطب اهلي في العراق، قأقول:

    يا ابناء شعبي الجريح.... لا ادري هل اقول (سلام الله عليكم) ام (رحمة الله عليكم).

    ان كنتم لا تزالون على قيد الحياة، فالسلام عليكم...

    وان كنتم امواتا، فرحمة الله عليكم..

    هاهم المصريون- ومن قبلهم التونسيون- استيقظوا....فاتحدوا، فثاروا ....فأطاحوا بفرعون العصر.... فمتى تستيقظون وتتحدون وتثورون للاطاحة بنمرود العصر؟

    بالله عليكم...هل حالهم اتعس من حالكم؟

    هل لديهم مالديكم من خيرات تكفي سكان العالم؟

    هل حُرموا كما حُرمتم من ابسط الحقوق البشرية التي تتمتع بها افقر دول العالم؟

    تمزقكم التفجيرات يوميا وانتم ساكتون... تفتك بكم الامراض وانتم صامتون.

    ثرواتكم تنهب وانتم غافلون.... نساؤكم ترمل واطفالكم تيتم وانتم خانعون.

    امتلأت السجون من شيبكم ونساءكم وشبابكم وانتم وراء سراب الوعود تلهثون.

    حطم بلدكم الرقم القياسي العالمي من حيث الفساد والتعذيب وتبديد الثروات.. وفوز المنتخب هو اقصى ما تتمنون.

    منذ 8 سنين وانتم تحلمون بالماء والكهرباء والحصة التموينية والوقود وفرص العمل والخدمات.. وما زلتم تحلمون، وبالوعود الزائفة تصدقون.

    تقضون الصيف اللاهب والشتاء القارص بلا كهرباء أو وقود وانتم خاضعون.

    تُحرمون من ابسط حقوق الحيـ....أنسان... وانتم بسفاسف الامور لاهون!

    فمتى من نومكم تستيقظون.. وحياة الذل ترفضون... وتنبذون التشرذم فتتحدون؟

    أما آن لكم ان تنتفضوا وترفضوا الانبطاح والخنوع لتتحرروا من الذل والهوان؟

    يا شعبي المسحوق! خذوا الدرس من التونسيين والمصريين..

    اقتبسوا منهم اصرارهم ووعيهم وتكاتفهم ورغبتهم في الانعتاق من العبودية.

    الستم احفاد عمر وعلي وصلاح الدين، الذين أذل الله بهم الشرك وحطم على يديهم اعتى الملوك والقياصرة والأكاسرة؟

    أليس في قصصهم عبرة لأولي الألباب؟

    استجمعوا قواكم... ورصوا صفوفكم.... وأصروا على نيل حقوقكم.

    فهمّكم واحد، ومصيركم واحد، ولن تموت نفس قبل يومها... وتذكروا بأنه:

    اذا الشعب يوما اراد الحياة........... فلا بد ان يستجيب "القذِر"


    ليحث بعضكم بعضا على ضرورة التحرك وكسر قيد الجبن والاستكانة ونبذ حياة القطيع..

    اتفقوا على يوم تتظاهرون فيه بكل قوة ضد ما تعانون من مصائب تشيب لها الرضعان.

    لديكم سلاح الانترنت وما فيه من "يوتيوب" و"فيس بوك" و"ياهو" و "هوتميل".

    يا شباب غرف الدردشة والمنتديات ومواقع اللهو الفارغ.. ليس الوقت وقت لهو، ولا مواضيع تافهة وفرفشة وغراميات ودارميات وجدل عقيم ونقاشات ومداخلات لا تسمن ولا تغني من جوع.. خصصوا من اوقاتكم جزءا لحمل الهم وخدمة القضية، فمقالة او رسالة صغيرة، قد تعمل عملها في تحريك امة كاملة. ولديكم "وائل غنيم" وغيره من الشباب الذين استغلوا الانترنت بجهد بسيط كانت ثمرته أن ماجت ملايين البشر في ثورة غضب عارمة آتت اكلها - في اقل من عشرين يوما - بتنحي طاغوتهم الذي جثم على صدورهم ثلاثين من السنين العجاف.

    ارفعوا اصواتكم منددين بالظلم والفساد والقهر والطغيان، وليكن شعاركم:

    لا تسقني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ
    بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل



    -------------------------------------------
    وانت يا اخي/ اختي- قارئ هذا الموضوع... ان راق لك فمرره الى اكبر عدد ممكن، وان طاب لك الخنوع فتجاهله

    ردحذف
  3. السلام عليكم
    تحيه وبعد..
    مع كل الاجرام الذي تمارسه سلطة المحتل ومن يسانده ...وضياع الحقوق وتانقلاب القيم وحتى الصلف الذي يتقمص هؤلاء المرتزقه اسال ...هل العراق اصبح مهيئا للتغيير لا اعتقد لان الشارع الذي يمتلك القوه واقصد جماهير المهووسين من مرتزقة مقتدى ومن يدعمهم الولي الخنزير هم من يغلب في الساحه الان وهؤلاء المسلوبي الاراده لا خير منهم ..سيظهرون باحتجاجاتهم بالزناجيل والقامات واللطم فيفشلون ما يراد من مشروع تنويري تحرير للوطن ليزجوه في ظلام وضلال اتعس مما هو عليه الان ...واعتقد ان الحل هو في تعزيز و بروز هوية المقاومه التي لها اجنده مستقله لا يكون هؤلاء من ضمنها ..وهذا نتواجد في كل الاحتجاجات والاعمال المقاومه ولكن بمعزل عن كل هؤلاء الجهله ..هذا ما قال عنهم سيدهم ابى جهل (الذي لا يقتدى به) لان المساعي والجهود للمقاومين ستجير باسم هذه الحفنه الحقيره من البهائم فالموقف المستقل هو الخيار بل وتسخير هذه البهائم بما يحقق المشروع الوطني بالتعامل بذكاء واخيرا هل هنالك جهه وطنيه تستطيع التعامل مع هذه المتغيرات ..عسى ..! وشكرا لكم على جهودكم ..نرجو من الله التوفيق وان يتحرر العراق من الاحتلال ومعه ظلام العقول الذي جاء معه
    علي النقاش

    ردحذف
  4. شكرا لك اخي واستاذي الحبيب علي النقاش

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!