الجزء الأول من حوار الهيئة نت مع الكاتب والسياسي العراقي الدكتور كاظم الموسوي



اكد الكاتب والسياسي العراقي الدكتور ( كاظم الموسوي ) ان الاحتلال يعد جريمة قانونية وتاريخية وممارسة تكشف مدى جبروت الدول الرأسمالية الكبرى وجشعها وتجاوزها لكل الشعارات التي تدّعيها. 
واوضح الموسوي في الجزء الاول من الحوار الصحفي الذي اجراه معه مراسل الهيئة نت في العاصمة الاردنية عمان ( جاسم الشمري ) ان سنوات الاحتلال البغيض التي مرت على العراق كشفت الكثير من الكوارث والمآسي التي ما زال يعيشها ابناء هذا البلد الجريح .. مشيرا الى ان الوثائق السرية لموقع ويكيليكس وما نشر من مذكرات للسياسيين والعسكريين الأمريكيين والبريطانيين، فضحت الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال السافر وعملاؤه خلال السنوات العجاف التي مرت على العراق. 

واعرب عن اعتقاده بان قوات الاحتلال الامريكية لن ترحل كلها من العراق، مستندا في ذلك الى اتفاقية الاذعان التي وقعها نوري المالكي مع واشنطن نهاية عام 2008 والتي ينص احد بنودها ضمنيا على إمكانية بقاء هذه القوات في العراق أو العودة اليه .. مستشهدا بالتصريحات التي اطلقها عدد من المسؤولين الحكوميين والتي تؤيد ضرورة تمديد بقاء قوات الاحتلال إلى عام 2020 . 

وفي ما يأتي نص الجزء الاول من الحوار:ـ 

*الهيئة نت:ـ بعد السنوات العجاف التي مرت على العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم، كيف تقرأ المشهد العراقي حالياً؟ 

// الموسوي: المشهد السياسي العراقي ما زال مثقلا بالأزمات ويشوبه الالتباس ، بالرغم من وضوح صراع الإرادات بين الاحتلال ألامريكي ومن يتحالف معه من جهة وبين الشعب الذي يرزح تحت نير الاحتلال الغاشم الذي تسبب باختلال كل القيم والمعايير والمقاييس من جهة اخرى، ان الاحتلال يعد جريمة قانونية وتاريخية وممارسة تكشف مدى جبروت الدول الرأسمالية الكبرى وجشعها وتجاوزها لكل الشعارات التي تدّعيها. 
من خلال المتابعة اليومية لسنوات الاحتلال البغيض التي مرت على العراق تتكشف الكثير من كوارثه وماسيه، وهي الصورة الحقيقية لهذا الاحتلال الذي مازال قائما في هذا البلد الجريح، رغم الادعاءات الزائفة التي يطلقها بشأن انسحابه المزعوم من ارض الرافدين الطاهرة والتي حدد نهاية العام الجاري موعدا لها. 
لقد فضحت الوثائق السرية لموقع ويكيليكس وما نشر من مذكرات للسياسيين والعسكريين الأمريكيين والبريطانيين ما حصل في السنوات العجاف التي مرت على العراق، وما عاناه وما زال يعانيه شعبه نتيجة لاستمرار هذا الاحتلال الذي تسبب بقتل وتهجير مئات الالاف من العراقيين الابرياء وتدمير البنية التحتية لهذا البلد. 

*الهيئة نت:ـ ما زال ساسة الاحتلال الأمريكي وعملائهم في العملية السياسية الحالية يزعمون بأنهم جاؤوا من اجل نشر الحرية والديمقراطية في العراق، ما هو تعليقكم على ذلك؟ 

// الموسوي: لو راجعت التصريحات المباشرة لهؤلاء الساسة وما يقولونه في لقاءاتهم الخاصة والعامة بشأن الديمقراطية المزعومة وما يسمونها بالانتخابات أو الاستفتاءات، قبل وبعد صدور نتائجها، لاكتشفت مدى الخداع والدجل الذي يمارسونه، كما أن الوقائع التي تجري اليوم في العراق تفضح هذه الادعاءات. 
الديمقراطية ليست انتخابات وشعارات براقة فحسب .. الديمقراطية مؤسسات وآليات، ممارسة وثقافة وتحولات ملموسة، وليست تقاسم المراكز والوظائف على أسس طائفية واثنية، ونكران حقوق المواطن ومصادرة الحريات العامة ، وممارسة الفساد والاختلاس وزج الابرياء في المعتقلات والسجون السرية تحت اتهامات واكاذيب باطلة. 
أما الإدارة الأمريكية فانها لا تحتاج إلى توصيف في خداعها وتشويهها لهذا الشعار في العراق خصوصا والعالم العربي عموما، ويكفي تصريحاتها المخجلة عن شخصيات تعاونت معها في أوقات سابقة وعادت تدفع لهم الأموال وتعلن عنهم في برامج إعلامية مدفوعة الثمن مسبقا، وبما يخدم مشاريعها الخبيثة متناسية بياناتها السابقة ضدهم، ما يؤكد زيف اداعاءات ودجل هذه الادارة في مشروع نشر الديمقراطية المزعومة في العراق أو محيطه العربي. 

*الهيئة نت:ـ هل تعتقد أن قوات الاحتلال سترحل في نهاية هذا العام، وفقا لاتفاقية الاذعان التي ابرمتها حكومة المنطقة الخضراء مع واشنطن؟ 

// الموسوي: الدراسات والتوصيات، والظروف الداخلية التي تعيشها امريكا ، تشير إلى رحيل قوات الاحتلال الأمريكيو مثلما رحلت القوات الغازية الأخرى التي شاركتها في جريمة غزو واحتلال العراق، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل سينتهي الاحتلال؟، أنا أعتقد أن أشكال الاحتلال ليست فقط بالوجود العسكري المباشر، بالرغم من أن الإدارة العسكرية الأمريكية رسمت ذلك وأعلنت مبكرا عن مخططات وخرائط لما يمكن اعتباره قواعد عسكرية إستراتيجية، في مناطق معينة، لها تأثيرات إستراتيجية في الأمن القومي للمنطقة كلها، وللعراق وجيرانه على وجه التحديد، كما غيرت التسميات والمهمات، والسؤال الآخر لماذا سترحل هذه القوات؟ وهل ترحل كلها أم تبقي عددا منها تحت مسميات أخرى؟، وفي هذا المجال، لا أظن أنها سترحل كلها لأنها وقعت اتفاقية مع حكومة المالكي السابقة ، تتضمن بنودا، تعني ضمنيا إمكانية البقاء في العراق أو العودة اليه، اذا طلب الطرف الآخر منها ذلك ، وهذا سبقه تصريحات لمسؤولين حكوميين تؤمد ضرورة تمديد بقاء قوات الاحتلال إلى عام 2020 ، الا ان الانسحاب سيتم لأسباب كثيرة، على رأسها حجم الخسائر البشرية والمادية الجسيمة التي تكبدتها قوات الاحتلال الامريكية ، وهذا ما صرح به علنا نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرا في لقائه مع قيادات من الحزب الديمقراطي، لكن الامر الاخطر الذي ينبغي الانتباه له وإدراكه هو ان النفوذ الأمريكي سيتواصل في العراق والمنطقة لان من اهدافه الرئيسية ومساعيه المهمة، التغلغل السياسي والاقتصادي في العراق وبلدان المنطقة . 

*الهيئة نت:ـ هل تعتقد أن الاحتلال وأعوانه نجحوا في زرع بذور الفتنة الطائفية بين العشائر العراقية ؟! 

// الموسوي: ان أي احتلال او استعمار يعتمد على قواعد أساسية في التحكم بالبلدان المحتلة، أبرزها، اولا : ( فرق تسد )، وهي الحالة التي شهدها العراق بوضوح خلال الاحتلال البريطاني سابقا والاحتلال الأمريكي الحالي، وللأسف ان الاحتلالين نجحا في هذه القضية، حيث استثمر الغزاة ظروف العراق الصعبة والمعقدة وتمكنوا من زرع بذور الفتنة والتفرقة بين ابناء هذا البلد، والثانية: ( الرتل الخامس )، أو أذناب الاستعمار، وأعوانه ومروجي سياساته، وهؤلاء أشخاص حرباويون، موجودون في كل زمان ومكان، يلبسون ثيابا أخرى ويدسون السم في العسل، ولكن الشعب العراقي الواعي تمكن من التغلب على آثار وتداعيات الفتنة المقيتة والتفرقة، في الوقت الذي لا يمكن فيه إنكار السنوات السوداء للحرب الداخلية التي شهدها العراق نتيجة اعتماد المحاصصة الطائفية من قبل الاحزاب والكتل المشاركة في العملية السياسية الحالية والتي ما زالت آثارها قائمة حتى اليوم. 

*الهيئة نت:ـ ما هو موقفكم من ما يسمى " الفيدرالية "؟ 

// الموسوي: الفيدرالية بمفهومها الصحيح، هي نظام قانوني يقوم على أساس قواعد دستورية واضحة تضمن العيش المشترك لمختلف القوميات والأديان والمذاهب والأطياف ضمن دولة قانونية واحدة تديرها المؤسسات الدستورية، كما انها نمط أو شكل من أشكال الأنظمة السياسية المعاصرة، وتعني وحدة مجموعة أقاليم أو ولايات أو جمهوريات في إطار الارتباط بنظام المركزية الاتحادية، مع التمتع بنوع خاص من الاستقلالية الذاتية لكل إقليم، والنظام الفيدرالي يضمن للقوميات حق إدارة أمورها بنفسها، مع بقائها ضمن دولة واحدة، والأقاليم أو الولايات المكونة للدولة الاتحادية تعتبر وحدات دستورية، لا وحدات إدارية كالمحافظات في الدولة الموحدة، ويكون لكل وحدة دستورية نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية. 
من حيث المبدأ، ان هذه التعريفات للفيدرالية مقبولة منطقيا، وقانونيان، لكنها تتطلب توفر شروطها المذكورة في الوضع الذي يعيشه العراق، ويمكن الأخذ بها إذا كانت الرغبات لها قائمة على المصالح العامة للشعب العراقي بكل مكوناته القومية والدينية، وباختياره وتوافقه العام، أما إذا استخدمت لتحقيق الاهداف الاستعمارية وتنفيذ المشاريع العدوانية الخبيثة فان الحديث عنها باطل مسبقا، لأنها تدخل في باب الفتنة الطائفية والتقسيم والتمييز وانتهاك الحقوق والسقوط في خدمة مخططات الأعداء. 

وللحوار بقية ... 

يشار الى ان الدكتور (كاظم الموسوي ) الذي ولد في العراق وعاش أكثر من نصف عمره في المنفى، حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة، ودرّس في المعاهد السويدية وكلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، كما أسس وأدار المركز الثقافي العربي في السويد خلال الفترة الواقعة بين عامي ( 1995 و 1999 )، وهو الان يكتب وينشر في عدد من الصحف والمواقع العربية. 
له العديد من الكتب والأبحاث منها: صفحات من التاريخ السياسي، وفن الانتفاضة، والحركة العمالية في العراق ، ولا للحرب، خطط الغزو من اجل النفط والإمبراطورية، والعراق / صراع الإرادات. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى