ديمقراطية قطع الرؤوس




تنص المادة 36 من الدستور العراقي الهزيل لسنة 2005، والذي كتب في ظل الاحتلال الأمريكي الغاشم، وضمن الفصل الثاني تحت عنوان «الحريات» على ما يلي:«تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:أولا - حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً - حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون».
كما نصت المادة (45) من نفس الدستور على: «لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءً عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية».
ونحن رغم تحفظاتنا على هذا الدستور، الذي كتب بإرادة المحتل ومن جاء معه، وتحت رماحه إلا إننا نحتج به من باب « من فمك أدينك».والحكومات الأربعة التي نصبت في ظل الاحتلال، منذ عام 2003، وأبرزها الحكومة «الدكتاتوراطية» الحالية، تتغنى ليل نهار، وفي كل محفل صغيراً كان أم كبيراً، بأنها حققت قفزة كبيرة في الحياة «الديمقراطية» الجديدة في العراق «المحرر»، وأنها تطبق القانون، وأن العراق هو «دولة القانون».
أما واقع الحال فهو على العكس من ذلك تماماً، حيث نلاحظ تكميم الأفواه، وتغييب القوى الوطنية الرافضة للأوضاع المتردية في عموم القطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.
ويبدو أن الحكومة الحالية، حكومة السيد نوري المالكي، بدأت اللعب على المكشوف بعد أشهر من الادعاءات الزائفة، وتقمص أدوار الديمقراطية، وذلك حينما كشفت فضائية الشرقية العراقية بتاريخ 14/4/2009، عن تلقيها تهديدات» ديمقراطية» مما يسمى (الناطق بعمليات بغداد)، اللواء قاسم عطا، بقتل طاقمها الصحفي العامل في مكاتبها في بغداد وباقي المحافظات، وذلك لإذاعتها خبر حول إعادة اعتقال العراقيين المفرج عنهم من سجون الاحتلال الأمريكي، وحملت القناة الحكومة الحالية مسؤولية أي اغتيال يتعرض له صحفيوها.
وقال بيان القناة: «إن احد مدرائها تلقى تهديداً باسم قاسم عطا بقتل كادر الشرقية ورمي جثثهم مقطوعة الرؤوس في الشوارع، وذلك لإذاعتها خبراً نقلته عن صحيفة (الحياة) اللندنية حول إعادة اعتقال العراقيين المطلق سراحهم من سجن بوكا الأمريكي».
وحفاظاً على حياة منتسبيها في العراق، فان القناة تدرس ـ كما صرح بيانها بذلك ـ تعليق عملها الإعلامي في بغداد حتى إشعار آخر.وبحسب المنظمات الدولية، فان العراق «الديمقراطي المحرر»، يعد من الدول الأكثر خطورة بالنسبة للصحفيين، حيث أكدت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين بتاريخ 25/3/2009، أن العراق يقف في مقدمة البلدان التي لم يقدم فيها قتلة الصحفيين إلى المحاكمة، ويعد أخطر مكان للصحفيين في العالم، وانه في مقدمة القائمة للسنة الثانية على التوالي بين دول العالم، حيث قتل فيه 88 صحفيا منذ عام 2003 دون أن تتخذ أية إجراءات قانونية ضد مرتكبي تلك الجرائم، هذا بالإضافة إلى أكثر من مئتي مساعد لهؤلاء الصحفيين لقوا حتفهم في العراق، وعشرات الجرحى والمعوقين.
الديمقراطية ـ التي تتبجح بها الحكومة الحالية في بغداد ـ هي في الحقيقة، ممارسة واقعية على الأرض، وليست شعارات فارغة لا أثر لها في حياة الناس.وكأن لسان حال الناس في العراق «الديمقراطي» اليوم يقول أعيدوا لنا «الدكتاتورية» وخذوا «ديمقراطيتكم» إلى الجحيم.Jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى