تناقضات خطاب المالكي في الدوحة (1)







الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة العراقية الحالية في العراق، نوري المالكي في مؤتمر القمة العربية في الدوحة، في الثلاثين من شهر مارس الماضي، فيه الكثير من التناقضات والمغالطات البعيدة عن الواقع الحالي في بلادنا العراقية اليوم.
وحتى لا نُتهم بأننا نغمط الرجل أو حكومته، أو الحكومات التي قبلها حقها، فإننا سنتحدث بالحقائق المقابلة لأقوال رئيس الحكومة في كلمته خلال المؤتمر.وقبل الخوض في بعض النقاط التي تطرق إليها المالكي في كلمته، لا بد من توضيح حقيقة مهمة، وهي أن المالكي قد فرض نفسه على القمة العربية، حيث إن الدعوة لم توجه له شخصياً، بل كانت الدعوة القطرية موجهة للرئيس الحالي في العراق، جلال الطالباني، وطلب المالكي شخصياً من الطالباني تمثيل العراق في هذه القمة، وهذا ما صرح به مكتب الطالباني؟!!في مقدمة هذه التناقضات التي أشار إليها المالكي هي الإطاحة بالنظام السابق وإنتهاء مرحلة "الظلم والطغيان".
والحق أنه لا فخر لا للحكومة الحالية، ولا لأية قوة من قوى ما تسمى "المعارضة العراقية" في الإطاحة بالنظام السابق في العراق، فهم جاؤوا مع الاحتلال، وعلى دباباته، ولا "فخر" لهم إلا بتآمرهم على البلاد وتدميرها وإحتلالها. أما دعوة المالكي وتأكيده على المصالحة العربية، وان "تكون قمة الدوحة بداية لمصالحة عربية يعتقد أنها أصبحت اليوم، وفي ظل الظروف والتحديات التي تواجه امتنا خيارا، لا بد منه، ما يستدعي من جميع الدول العربية العمل على تحقيقها على أن تنطلق هذه المصالحة من رؤية واقعية للمصالح العربية".
فعليه قبل كل شي، الدعوة إلى مصالحة عراقية ـ عراقية، قبل أن يتحدث عن مصالحة عربية!!وبعدها بدأ المالكي وبكل "حياء" تعداد المكاسب التي أنجزتها حكومته، والتي كان حريصاً على تسميتها بحكومة "الوحدة الوطنية"، ومن هذه النجاحات والإنجازات، تجاوز أخطر الأزمات والتحديات التي كانت تهدد وحدة العراق وسيادته، (هذا النجاح الذي تحقق في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لم يكن سهلا كما تعرفون ويعرف العالم، انه ثمرة معاناة صعبة وشاقة تحملها العراقيون في مواجهة الهجمة الإرهابية الشرسة التي ضربت البلاد).
وكل هذه الإشكالات هي من مخلفات الاحتلال البغيض، الذي ما عرف بتعمير بلد ما في يوم من الأيام. وهنا أريد أن أقول للـ"سيد" المالكي: مَنْ الذي جاء بالاحتلال؟ ألم تتفقوا مع قادته في لندن وصلاح الدين، شمالي العراق، على "تحرير" العراق، والذي يعاني اليوم من مشاكل جمة، في ظل "ديمقراطيتكم" المزيفة، حتى بات يعد من الدول المتقدمة في الفساد الإداري والمالي والاجتماعي ودمرت البنى التحتية والفوقية.وحاول رئيس الحكومة أن ينأى بنفسه، وبحكومته بعيداً عن النفس الطائفي، إلا أنه أكد على هذا النفس المتغلغل في شخصيته، حينما ذكر" طوى والى الأبد صفحة الماضي الأليمة التي كان يتحكم فيها الشخص الواحد والحزب الواحد، والطائفة الواحدة"، وكلنا يعرف مَنْ هي الطائفة الواحدة التي يقصدها رئيس الحكومة؟!ونحن في العراق لم نعرف هذه التقسيمات الطائفية والعرقية، إلا بعد أن جاء هؤلاء الذين يسمون أنفسهم "المقاومة"، وليتهم قدموا شيئاً للعراق، قبل احتلاله، ولا أظن أنهم ينكرون حقيقة أنهم لم يقدموا شيئا للعراق، لا قبل الاحتلال، ولا بعده!!! ومن ضمن التناقضات التي تحدث بها رئيس الحكومة العراقية في كلمته، أثناء قمة الدوحة، هي مسألة تحكم المؤسسات الدستورية في العراق اليوم، واحترام حرية الرأي والتعبير والمعتقد فيه، وقضية المقابر الجماعية والسجون والمعتقلات، أيام النظام السابق، فضلا عن الدمار الكبير الذي أصاب البنى التحتية لمؤسسات الدولة، قبل الاحتلال.هذه التناقضات حول ما يسمى "دولة القانون"، تقابلها حقائق مريرة، وهي وجود عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون وزارتي الدفاع والداخلية، وعشرات الآلاف من المختطفين لدى المليشيات الحكومية والحزبية المنتشرة في عموم البلاد، وأكثر من 40 ألف معتقل لدى قوات الاحتلال الأمريكية.وبفضل هذه " النعم الديمقراطية التي يتنعم بها أبناء العراق اليوم"، قتل أكثر من (1،2 مليون) من العراقيين المدنيين، قتلوا على مدى الأعوام الخمسة الأولى من الاحتلال، كما أكدت ذلك الوكالة البريطانية لقياس الرأي العام (ORB) في دراسة إحصائية نشرت في شهر آذار 2008، ويضاف لهم ما لا يقل عن ربع مليون قتلوا في البلاد خلال الفترة من آذار 2008 حتى اليوم، والعدد في تزايد لان القتل في العراق، وهو من ثمار "الديمقراطية"، في كل لحظة، وهجر أكثر من خمسة ملايين عراقي، انتشروا في مشارق الأرض ومغاربها، وتركوا بيوتهم ووظائفهم، وأصبح مستقبلهم ومستقبل أبنائهم مجهولاً.
أما احترام الرأي وحرية التعبير، فقد دفع ثمنها أكثر من 500 صحفي وإعلامي عراقي، بالإضافة إلى اعتقال واستجواب أكثر من 871، حسب ما أكدت الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير، في الأول من يناير 2007، ناهيك عن إغلاق مكاتب العديد من القنوات الفضائية العربية والعراقية، ومنها الجزيرة والعربية والرافدين وغيرها.
وللحديث بقية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى