لماذا.. ثم لماذا.. ثم لماذا؟!



المتابع لمجمل الأحداث المركبة والمتسارعة التي وقعت -وتقع- في العراق منذ مرحلة ما قبل الاحتلال الأميركي وحتى اليوم، يبقى في حيرة بشأن دوافع وأسباب تلك السلسلة العجيبة من الكوارث التي أحاطت بالعراقيين في مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
هذه الحيرة تدفعنا إلى طرح عشرات التساؤلات التي حاول الخبراء والمحللون السياسيون أن يجدوا لها بعض التفسيرات، وهي (أي التفسيرات) وإن كان بعضها فيه شيء من الصواب، إلا أنها بالمحصلة لا يمكن أن تكون إجابات شافية عما يختلج النفس الإنسانية من حيرة جراء ما وقع للعراق. ومن بين هذه الأسئلة المتكررة والمحيرة:
لماذا أصرت الولايات المتحدة -في مرحلة ما قبل الاحتلال- على التطبيل لأكذوبة امتلاك العراق لأسلحة محرمة، وهي التي أعلنت -لاحقاً- خلوه منها؟!
ولماذا أَصَرّ الأميركيون على غزو العراق من دون الحصول على موافقة منظمة الأمم المتحدة؟!
ولماذا استخدمت القيادة الأميركية الأسلحة المحرمة في معارك المطار وغيرها، وعاقبت المدنيين بالأسلحة الفتاكة المتطورة منذ الساعات الأولى لاحتلالها لبلاد الرافدين؟!
ولماذا دمرت الدولة العراقية، وهدت البنى الفوقية والتحتية فيها؟!
ولماذا سمحت قوات الاحتلال للمتخلفين والسرّاق أن ينهبوا ممتلكات الدولة والمتاحف، بينما حافظت على وزارة النفط فقط؟!
ولماذا خدعت العراقيين بكذبة الديمقراطية؟!
ولماذا سَرَّحت الجيش العراقي السابق، وحلّت الأجهزة الأمنية، و قَوَّضت الدولة السابقة؟!
ولماذا نصبت حاكماً أميركياً في بداية الاحتلال، وكأن العراق ولاية أميركية؟!
ولماذا شكلت مجلساً للحكم عُرف بهشاشته وضعفه؟!
ولماذا تركت الحدود مفتوحة أمام أنواع التدخلات الخارجية كافة؟!
ولماذا تبنت الولايات المتحدة ما سمي بنظرية "الفوضى الخلاقة"، الهادفة إلى جعل الساحة العراقية انطلاقة للسياسات الاستراتيجية الأميركية في المنطقة والشرق الأوسط؟!
ولماذا شرعنت احتلالها للعراق باستصدار القرار الدولي رقم 1483، في وقت لم تكن مؤهلة للنهوض بالالتزامات التي تفرضها صفة البلد المحتل، وفي مقدمتها حفظ الأمن والنظام، وحماية الحدود الخارجية؟!
ولماذا قسمت العراقيين على أُسس مذهبية وعرقية؟!
ولماذا روجت لأكذوبة الأكثرية والأقلية بين العراقيين؟!
ولماذا شجعت -وما تزال- سياسة تقسيم العراق بحجة النظام الفيدرالي، الذي يراد منه تقسيم البلاد، وليس مجرد نظام إداري؟!
ولماذا تركت الحبل على الغارب لقواتها الهمجية، لتستفز المدنيين في منازلهم والشوارع وكأنها سياسة معدة سلفاً؟!
ولماذا رفضت ترك العراق بعد أن "خلصت العراقيين" مما تسميه النظام السابق؟!
ولماذا حاكمت مسؤولي الدولة السابقة بمحاكمات صورية، يعرف القاصي والداني أنها تمثيلية؟!
ولماذا انتقمت أميركا من أهالي الفلوجة بقسوة مرعبة في معركة خرج منها الأميركيون يجرون أذيال الهزيمة؟!
ولماذا سعت جاهدة لإذلال العراقيين وطمس كرامتهم في معتقلات أبو غريب وبوكة، وهي التي تدعي أنها راعية لحقوق الإنسان في العالم؟!
ولماذا حرصت على إبقاء العراق تابعاً لها في عموم السياسات الخارجية؟!
ولماذا تَكَتَّمَت على جرائم التهجير التي مارستها الأجهزة الأمنية والمليشيات الطائفية منذ العام 2005، وحتى الساعة، والتي أرعبت المواطنين في وضح النهار؟!
ولماذا لم توقف الجناة الذين فجروا المرقدين في سامراء، وأشعلوا فتنة طائفية أحرقت الأخضر واليابس؟!
ولماذا تجاهلت الجرائم التي ارتكبت في المعتقلات الحكومية والمليشياوية، السرية والعلنية؟!
ولماذا دعمت بعض الأحزاب الحاكمة التي كانت تعدها -في مرحلة من المراحل- أحزاباً إرهابية؟!
ولماذا لم يفتح الأميركيون الباب لحوار وطني عراقي للوصول لمشتركات تهدّئ الأوضاع في البلاد؟!
ولماذا وقفت مع الطرف الخاسر في الانتخابات البرلمانية في العام 2010؟!
ولماذا تغافلت عن جرائم الحكومات السابقة، التي صارت -في بعض الأحيان- علنية؟!
ولماذا سمحت الإدارة الأميركية لإيران ولسفرائها المتعاقبين أن يتحكموا بالمشهد العراقي بصورة علنية؟!
ولماذا سمحت لطائرة محمود أحمدي نجاد بالهبوط في بغداد في مرحلة "العداء الأميركي-الإيراني المعلن"؟!
ولماذا.. ولماذا.. ولماذا؟!

عشرات الأسئلة التي لا نجد لها إجابات شافية كافية، زرعت الحيرة في نفوسنا وقلوبنا، ولا نعرف لها تفسيرات مقنعة في زمن مليء بالدم والقتل والإرهاب!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى