الوزارات الأمنية (العراقية)



وأخيراً توافق أعضاء مجلس النواب في العراق على العديد من الوزارات التي بقيت معلقة، ومنها وزارتي الدفاع والداخلية؛ إذ بقيت هاتان الوزارتان تداران بالوكالة من قبل رئيس الحكومة السابقة نوري المالكي لأكثر من ثمان سنوات.
واليوم، وبعد هذه الخطوة البرلمانية، أُثيرت في داخل العراق وخارجه العديد من الأسئلة الدقيقة، ومنها:
- هل الوزراء الذين تم اختيارهم هم أهل لهذه المسؤولية المهمة في المرحلة الحالية الحرجة من تاريخ العراق الحديث؟
- وهل المشهد الأمني الحالي المتدهور سيتعافى بمجرد تعيين هؤلاء الوزراء الأمنيين؟!
- وهل المشكلة في قيادات هذه الوزارات فقط؟!
حينما نحاول الإجابة عن الأسئلة التي طرحناها، فإن الأمر يتطلب نظرة موضوعية. وسنبدأ بوزارة الدفاع، ووزيرها النائب خالد العبيدي، الذي ذكر في سيرته الذاتية أنه عمل في القوة الجوية في مجال تخصصه، هندسة هياكل طائرات والمحركات التوربينية حتى نهاية خدمته عام 2003، عام الاحتلال الأمريكي للعراق.
وحينما نقرأ تخصص الرجل بدقة نجد أنه من غير المنطقي أن يكون العبيدي وزيراً للدفاع؛  وذلك لأن هذه الوزارة بحاجة إلى قائد ميداني من صنوف القوات البرية، وليس الجوية الهندسية؛ وفي أفضل الأحوال يمكن أن يكون العبيدي قائداً للقوة الجوية؛ على اعتبار أن ذلك جزءاً من تخصصه، رغم أن القوة الجوية العراقية اليوم شبه مشلولة.
ولا ننسى هنا أن صلاحيات وزير الدفاع غير محددة؛ لأن هنالك قائداً عاماً للقوات المسلحة، وهو رئيس الوزراء، وبالتالي سنجد حالة من التداخل الوظيفي بين العبيدي والعبادي، وهذا ما ستشهده المرحلة القادمة.
وبالعودة إلى وزارة الداخلية فإننا تابعنا بالأمس القريب الرفض الكبير من قبل العديد من البرلمانيين والسياسيين لتولي هادي العامري، زعيم ميليشيا بدر لهذا المنصب؛ على اعتبار أن هذه الميليشيا شاركت في العديد من الأعمال الإرهابية ضد العراقيين، واليوم يتم التصويت على محمد الغبان كوزير للداخلية!
والغبان هو الوجه الآخر لهادي العامري؛ وكأن الذين يمثلون الطرف المخالف لطرف الغبان والعامري من البرلمانيين؛ أرادوا أن يخدعوا (جماهيرهم) بأنهم حققوا مكسباً سياسياً بعدم السماح للعامري بتولي هذا المنصب الحساس، والواقع أن الأمر سيان بين العامري والغبان!
المعضلة الحقيقية في العراق ليست في منْ سيكون وزيراً لهذه الوزارة، أو تلك، وإنما الإشكالية الكبيرة هي في الانتماء الحقيقي النقي للوطن، وللقضية العراقية!
نحن نعاني من قيادات أمنية، وعشرات الآلاف من العسكريين، الذين هم في حقيقتهم ميليشيات إرهابية انضمت للأجهزة الأمنية، وهم اليوم ينفذون جرائمهم بالزي الرسمي في الجيش والشرطة وبقية صنوف الأمن العراقية.
ولا ندري هنا لماذا هذا الإصرار النيابي والحكومي على أن يكون الوزراء من البرلمانيين،  وليسوا من التكنوقراط؛ أعتقد أن ذلك هو جزء من عموم لعبة الصفقات السياسية المستمرة في داخل العملية السياسية الحالية في العراق؟!
ثم السؤال الذي ربما يثيره الكثير من المحبين للعراق في داخله وخارجه: ألا يوجد في البلاد قيادات عسكرية يمكن أن يكونوا في المناصب العسكرية الحساسة؟!
الواقع يؤكد وجود عشرات الرجال الصالحين للقيام بهذه المهمة الكبيرة، وهم في كل الأحوال قلة قليلة؛ وغالبيتهم إما خارج العراق، أو في المعتقلات، أو في المقابر.
خلاصة القول إنه لا يمكن أن تستتب الأوضاع في بلاد الرافدين إلا بالقضاء على الفكر الطائفي الاقصائي الطارد للآخرين؛ وعليه نحن بحاجة إلى بناء فكري دقيق، ومدروس؛ لتخليص العراق عموماً، والأجهزة الأمنية خصوصاً من المجرمين والطائفيين والفاسدين.

العراق اليوم بحاجة إلى ثورة شاملة لتطهير البلاد، واجتثاث الخراب، وزرع الإخلاص والانتماء للوطن، والحب في نفوس عموم المواطنين، ورجال الأمن على وجه الخصوص.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!