قراءة في بيانات المجلس العام لثوار العراق 1-2



توطئة:
الثورة الشعبية العراقية المستمرة منذ أكثر من (110) يوماً، هي ردة فعل طبيعية لأنتشال الوطن من الأوضاع الشاذة المستمرة فيه؛ ولذلك؛ وبعد ان اقتحمت قوات الحكومة المالكية ساحة العزة والكرامة في الأنبار؛ وبعد أن عاثت تلك القوات خراباً بأموال وأملاك المواطنين؛ وبعد أن تجاهلت حكومة المنطقة الخضراء، الأصوات الحرة التي بقيت لاكثصر من عام في ميادين الاعتصام، وبعد أن وصلت الأمور بين الطرفين لمرحلة كسر العظم، انطلقت شرارة الثورة الشعبية المسلحة في عموم الوطن؛ وكان لابد أن تنسق جهود الثوار الذي اعلنوا تشكيل مجالس عسكرية في محافظاتهم وأقضتيهم ونواحيهم؛ ولهذا كانت ولادة المجلس العسكري العام لثوار العراق.
ولادة المجلس:
البيان الأول للمجلس، الذي صدر بتاريخ 15/1/2014 أكد على أنه: ( بعد أيام من المعارك، التي يخوضها أبناء العشائر والثوار، الذين التحقوا بالمجلس العسكري، وبعد أن امتدت المعارك من الأنبار إلى العديد من المحافظات العراقية الأخرى،  وقيام الثوار في تلك المحافظات بتشكيل مجالس عسكرية، فإننا نبشر أبناء شعبنا العراقي الكريم بأن أبناءكم في هذه المجالس قد بدأوا بالتواصل والتنسيق فيما بينهم منذ اللحظات الأولى لانطلاق الثورة المباركة، ونبشركم بأن هذه الاتصالات بين المجالس قد تتوجت هذا اليوم بالاتفاق على تشكيل مجلس عسكري موحد بإسم (المجلس العسكري العام لثوار العراق) الذي يضم كلاً من المجالس العسكرية في الأنبار والفلوجة والموصل وصلاح الدين والتأميم وبغداد وديإلى وأبي غريب والضلوعية والشرقاط).
من أهم ماتميزت به بيانات المجلس:
يمكن أن نتعرف على المجلس وأهدافه ورؤيته للحالة العراقية عبر قراءة بياناته التي امتازت بالعديد من النقاط الدقيقة والجوهرية، وهنا سنحاول التعرف على المجلس العام لثوار العراق، من خلال بياناته، وذلك في ضوء هذه الدراسة، ولإبراز مواقف المجلس، سنحاول تقسيم الدراسة على النحو الآتي:
1. هوية المجلس:
يُعد البيان رقم (7) الصادر في 28/كانون الثاني/2014 من أهم البيانات التي تبرز هوية المجلس؛ لأنه حمل في طياته نهج المجلس وأهدافه، وهويته التي كشف عنها المجلس في هذا بيان؛ إذ أكد على: ( نحن أبناء كل العراق، ولم نكن أبداً منحازين إلى جهة أو حزب سياسي، بل ننحاز إلى العراق وشعبه فقط).
وشدد المجلس على: ( لا تمثلنا أية جهة، ولم نشكل أي مجلس، أو مكتب سياسي يرسم لنا استراتيجياتنا؛  بل نحن جنود الشعب وأبناؤه البررة). البيان السابع.
وختم المجلس بيانه رقم( 16)، والصادر في  13 آذار 2014: (ندعو كل جهة تدعي تمثيلنا أو تنوي ذلك أن تراجع موقفها؛ فالمجالس العسكرية ما هي إلا يد الثورة الشعبية المباركة الضاربة وطريقها للحرية والخلاص، ونطلب ممن بدر منه شيء من هذا؛ إلى أن ينضم إلى أبناء شعبه في سوح القتال والمجد، بدلاً من ذلك).
2. أخلاق الفرسان:
لم يغب عن فكر المجلس التأكيد على أخلاقيات الفرسان في المنازلات العسكرية الشريفة؛ ليثبتوا للعالم أنهم دعاة حق، ومحبي سلام، وليسوا دعاة حرب ودم، وجاء في البيان رقم (5) الصادر في يوم 25/ كانون الثاني / 2014:
 (نحن مع ثورة الشعب فقط وتوجيهاتنا إلى الثوار بالالتزام بقواعد الاشتباك وسلوكيات الحرب بالإضافة إلى توجيهاتنا الإنسانية ووصايانا بعدم الثأر من عائلة أو عشيرة بسبب جنوح أحد أبنائهم أو جنوح فئة منهم، وإبقاء الأبواب مفتوحة دائماً لمن يتوب ويعود لرشده فالضابط والجندي، وأي منتسب للقوات المسلحة الحكومية أو إلى أي جماعات مسلحة هو ابن أو أخ لنا طالما لم يرفع سلاحه نحو أهله وشعبه).
وأوضح المجلس في البيان السابع: ( نوصي بحسن معاملة الأسرى والتعامل معهم طبقاً لقواعد وسلوكيات الحروب والمواثيق الدولية. وسنحاسب بشدة من يتجاوز ذلك؛ لأننا نستند إلى ثوابت أعرافنا وأخلاقنا العربية الأصيلة وثوابت ديننا وشريعته السمحة).
3. حرمة الدم العراقي:
حدد المجلس موقفه من الإقتتال الأهلي، الذي تحاول الحكومة جرّ العراقيين إليه بقوة، وأكد على (يحث المجلس بقوة شيوخ العشائر في كل محافظات العراق ولاسيما في الجنوب إلى دعوة أبنائها إلى الانسحاب من جيش المالكي والعودة إلى بيوتهم سالمين حتى لا يجعلوا من أنفسهم وقودا لمعركة يريدها المالكي للحفاظ على منصبه وحماية الفاسدين من أتباعه). البيان الأول.
وبخصوص الدم العراقي، قال المجلس: ( الدم العراقي محرم، ومن ثوابت نهجنا هو عدم التعرض لأي عراقي، وسنردع كل من يتجاوز على ثوابتنا الشرعية والوطنية). البيان السابع.
المجلس أوضح في بيانه رقم (14) والصادر يوم 2/3/2014، موقفه من استهداف المدنيين: (ونود أن نؤكد لشعبنا الصابر أننا ماضون في نهجنا بعدم استهداف أي منطقة سكنية).
4. العدل وبداية صفحة جديدة بين العراقيين:
ورغم ضرب جيش الحكومة للمدنيين العزل فقد أثبت الثوار انتمائهم الصادق للعراق، وحبهم الكبير لشعبهم إذ أكدوا في البيان رقم (9) الصادر يوم 6 / شباط/ 2014، وأكد المجلس بأنه( لن يتعامل برد الفعل الثأري؛ بل سيكون رده منصباً على قوات المالكي ومن تحالف معه واضعاً حماية أهلنا وشعبنا وتوفير العيش الكريم المطمئن له نصب العين).
وأكد قادة المجلس على وجوب فتح صفحة جديدة بين العراقيين بعد مرحلة حرب المالكي على الأنبار، ودعوا لنبذ كافة أنواع الخلافات والعمل معاً من أجل خلاص العراق من أوضاعه المأساوية الحالية، وجاء في البيان الثاني الذي صدر بتاريخ 18/1/2014، ( إن مجلسنا يدعو عناصر ما يسمى بالصحوات للالتحاق بالركب الوطني والالتحاق بالثوار أو ترك الصحوات والعودة لرشدهم ويدعو ذويهم و عشائرهم لإيلاء هذا الأمر الأهمية الخاصة وحماية أبنائهم).
وأيضاً تم التأكيد على هذه الدعوة في البيان الرابع الصادر23/كانون الثاني/2014، ومما جاء في البيان الرابع:  (ففي الوقت الذي نوصي به ثواركم ونشدد عليهم بحسن معاملة الأسرى وتسليمهم إلى منظمة الصليب الأحمر لتتولى إيصالهم بسلام إلى ذويهم ومعالجة الجرحى حتى تماثلهم للشفاء، وتأمين الاتصال بذويهم وطمأنتهم. بل كانت توجيهاتنا تؤكد على فتح الطرق بعد كل تماس ومعركة لإخلاء القتلى يقابلنا الجيش اللاحكومي بارتكاب يومي لجرائم الحرب فيقصف المدنيين ويروعهم ويشردهم ويعدم الأسرى ويمثل بجثث الشهداء والمغدورين، مؤكداً بعده التام عن أخلاقيات الجيش العراقي. فهل سيقبل شعبنا بأن يسيء هؤلاء إلى سمعة وتاريخ جيشه العظيم؟ وهل تقبل عشائرنا العربية الأصيلة بأن يدنس هؤلاء المرتزقة تاريخها ويخلون بأعرافها وتقاليدها العربية والإسلامية؟).
وأوضح المجلس موقفه بكلمات دقيقة وواضحة ومحددة: (نرفض أي اعتداء أو تجاوز يصدر من أي جهة تجاه أي عنصر من القوات الحكومية إن أبدى تعاونه مع الثوار ولم يشهر السلاح بوجههم). البيان الرابع.
 وسبق للمجلس أن أكد في بيانه السابع على:
( يستمر ثوارنا بتقديم النصح إلى منتسبي القوات الحكومية، ولن نمل أو نستكين ويحدونا دائماً الأمل في أن يعودوا إلى رشدهم ويرجعوا بين أهلهم وعشائرهم). البيان السابع.
5. المجلس والإرهاب:
وبخصوص حجة الحكومة بأنها تحارب الإرهاب في العديد من المدن العراقية،  ومنها الأنبار وديإلى والموصل، فقد أثبت المجلس أن حكومة المنطقة الخضراء، هي الراعي الرسمي للإرهاب، وأنه يقف ضد الإرهاب الحكومي وغير الحكومي، ولا يتخذ من هذه الأساليب الدموية سبيلاً لتحقيق أهدافه، بل إن عناصره يدافعون عن حقوق شعب العراق الشرعية والقانونية، وأكد المجلس في البيان رقم (15) الصادر في يوم 12 آذار 2014، على أن (المالكي وحكومته الراعي الأول والعقل المفكر والمدبر لكل العمليات الإرهابية داخل العراق وحتى خارجه؛ فهو من أشعل فتيل نيران الطائفية المقيتة، وهو من قتل العراقين وشردهم وأذل رجالهم وأهان النساء واغتصب السجينات وهذا باقرار واعتراف الكثير من المحافل الدولية، ومن بينها الاتحاد الاوربي، فأين الذين تظاهروا سلمياً في الحويجة أليس هو من قتلهم؟ وهكذا الحال في الناصرية والفلوجة ومدن غيرها!

ثم من الذي حول ساحات الاعتصام السلمي والتظاهرات السلمية إلى ساحات حرب وقتل؟ أليس قوات المالكي من فعلت هذا وبأمر من قائدها المالكي المجرم؟!)
وللحديث بقية بإذن الله تعالى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى