العراقيون والعيد والقتل!



( كل عام وانتم بألف ألف خير، أتمنى أن يكون عيدنا، بلا دم، بلا إرهاب، بلا اعتقالات، بلا معتقلين، بلا مظلومين، بلا غربة، بلا تهجير، بلا طائفية، أسأل الله رب العرش العظيم أن يحقق لنا هذه الأمنيات، التي ربما نظنها من هول ما نزل بنا من كوارث وإرهاب حكومي وغير حكومي أنها بعيدة المنال، وكل عام وأنتم بألف ألف خير).

بهذه الكلمات المليئة بالألم والحرقة تقدمت بالمعايدة لكل الأحباب في داخل العراق وخارجه، وهذه المعايدة رغم ما تحمل في طياتها من آلام الثكالى والأيتام والمعتقلين والمهجرين، فإنها معايدة تحوي أمنيات بسيطة، واعتيادية بالنسبة لبقية أبناء المعمورة، إلا لنا نحن العراقيين، فإنها صارت جزءاً من الخيال؛ لأنها لا تقبل أن تفارقنا منذ عشر سنوات وحتى اليوم!

العيد والإرهاب لا يمكن أن يجتمعا في أي مكان على وجه الأرض، فهما على طرفي نقيض، ولا يمكن أن نجمع بين الحياة والموت، والأفراح والأحزان، والضوء والظلام، والعدل والظلم، والعلم والجهل، والبناء والتدمير، والحرية والاعتقال، وصحة والمرض.

العيد هو الفرح والتسامح والتسامي على الآلام، والعلو على الأحقاد، وهو بالنسبة للجميع من أطفال ورجال ونساء موسم الفرح والابتسامة واللعب البريء، وبالنسبة للظلمة والإرهابيين والمجرمين موسم للقتل والدمار والخراب!

والناس في هذه الأيام السعيدة، يزرعون الأمنيات، لعلهم في ساعة من الزمن يجدونها قد اينعت وأثمرت ونشرت بينهم الأمل والسرور، وهو جزء من تشبثهم بالحياة، التي لا يعرفون إلا حبها والعمل من أجل ملئها بالخير والعمران والسعادة.

وفي أيام العيد مزج الدم العراقي بالأفراح، ففي صبيحة أول أيام العيد قتل (11) شخصا على الأقل، وأصيب نحو (24) آخرين جراء انفجار عبوة ناسفة لدى خروج المصلين من مسجد القدس في منطقة دور الضباط، بعد أداء صلاة العيد.

وفي ذات اليوم أفادت التقارير الصحفية الواردة من محافظة ديالى؛ بأن تسعة عشر شخصاً، بينهم عناصر من القوات الحكومية، سقطوا بين قتيل وجريح إثر ثلاثة حوادث منفصلة وقعت في أماكن متفرقة من المحافظة.

وفي اليوم الثاني قتل شخصان وأصيب ثلاثة آخرون بجروح متفاوتة نتيجة انفجار عبوة ناسفة شمال شرق مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى. وفي ذات اليوم قتل شخصان وأصيب سبعة آخرون بجروح متفاوتة في انفجار عبوتين ناسفتين في منطقتين منفصلتين شمال وجنوب العاصمة بغداد.

وفي اليوم الثالث قتل (15) شخصاً من أبناء الشبك، وأصيب (60) آخرون بجروح مختلفة نتيجة انفجار شاحنة مفخخة استهدفت قريتهم شرق مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، فيما قتل ( 7 ) أشخاص وأصيب ( 26 ) آخرون بجروح متفاوتة بتفجير حزام ناسف يرتديه شخص شرق مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمالي بغداد.

وفي بغداد اغتال مسلحون مجهولون اثنين من المدنيين في هجوم استهدفهما مساء الخميس جنوب العاصمة بغداد.

وفي اليوم الرابع اغتال مسلحون مجهولون ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة في هجوم استهدف منزلهم غرب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، وفي صلاح الدين قتل اثنان من عناصر الشرطة الحكومية وأصيب ثلاثة آخرون بجروح بليغة نتيجة انفجار عبوة ناسفة استهدفت دوريتهم شرق مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، فيما قتل خمسة أشخاص وأصيب (20) آخرون بجروح في انفجار ثلاث عبوات ناسفة الجمعة شرق مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين.

وفي بغداد قتل (12) شخصاً وأصيب (23) آخرون بجروح جراء انفجار سيارة مفخخة مساء الجمعة أيضاً جنوب شرق العاصمة بغداد، وفي ديالى قتلت امرأة وأصيب خمسة اشخاص آخرون من عائلة واحدة في انفجار عبوة ناسفة استهدفت منزلهم الجمعة غرب مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، فيما قتل اربعة اشخاص وأصيب (19) آخرون بجروح مختلفة نتيجة هجومين منفصلين جنوب العاصمة بغداد.

هذه الاحصائيات لم تشمل الاغتيالات الفردية خلال أيام العيد التي تجاوزت أكثر من (30) حالة اغتيال، بالإضافة إلى عشرات المصابين!

العراقيون ودعوا عيدهم بمزيد من القتل والإرهاب وفقدان الأمن والأمان، وهم- في بلادهم- كالسجناء الذين سجنوا ظلماً وزوراً!

هذه هي حياة العراقيين مزجت أفراحهم بأتراحهم، وابتساماتهم بدموعهم، وأملهم بيأسهم، وهم لن يتنازلوا عن حقهم في الحياة الحرة الكريمة، رغم كل الاجرام والإرهاب الرسمي وغير الرسمي الذي يمارس بحقهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!