المالكي يهدد العراقيين ببحر من الدم!


القيادات الوطنية هي صمام الأمان في مراحل الخوف والرعب، وهي اليد الكريمة، التي تطعم الفقراء والمساكين، وتعطف على الأرامل والأيتام، وتنشر الأمن والأمان في ربوع الوطن، والقيادات الناجحة هي القادرة على لم شتات أبناء الوطن في مراحل الهرج والمرج، وتنشر السلم المجتمعي بين السكان، وإلا ما كان يفترض أن تكون قيادة أصلاً.
ونحن العراقيين ابتلينا بعد عام 2003 بسياسيين لا يمكن أن نصف غالبيتهم بأنهم قادة؛ لأنهم، ومنذ أكثر من عشر سنوات لا يعرفون كيف يسيرون الأمور في البلاد، وهم جزء من المشكلة، وليسوا جزءاً من الحل، وهذا ما أثبتته تجربتنا معهم خلال السنوات العشر المريرة الماضية.
وقبل أيام وتحديداً في يوم  21/9/2013، توعد رئيس حكومة المنطقة الخضراء نوري المالكي، في كلمة له خلال احتفالية بمناسبة افتتاح التصدير في حقل الغراف النفطي في مدينة الناصرية من يطلق "الفتاوى الضالة المكفرة ممن يرتقون المنابر ببحر من الدم؛ لأنهم يريدون إعادة العراق كما كان أسيراً بيد قوة ضالة"، وهو يقصد بذلك العلماء والشيوخ المستمرون مع الجماهير الغاضبة في المحافظات الست الثائرة، وقال المالكي أيضاً: إن " المطالب التي يروج لها أصحاب الفتاوى الضالة هي مطالب غير شرعية، وتسعى إلى إحباط العملية السياسية"!
وجاء حديث المالكي بعد يومين فقط من توقيع "وثيقة الشرف" بين القوى السياسية لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، ومنهم المالكي وحزبه، والتي أكد خلالها غالبية قادة الكتل السياسية على ضرورة الوحدة ونبذ الخطاب الطائفي!
هذا التهرب من الالتزامات والوعود هو جزء من سياسة المالكي القائمة على الخداع والتفرقة بين خصومه، وهي لم تعد تنطلي على العراقيين.
المالكي سبق، وأن خدع نصف الشعب العراقي، فبعد أن اتهم المظاهرات بأنها فقاعة، ونتنة، وأنها ممولة من الخارج، بل، وبعد أن نفذ جريمته بحق المتظاهرين في الحويجة، وقتله العشرات منهم، وبعد أن تيقن أن هذه الأساليب الهمجية لم تزد المتظاهرين إلا صلابة وإصراراً حاول الالتفات على مطالبهم المشروعة، فوعد بتنفيذها، وشكل لجاناً لدراستها، والنتيجة أنه لم ينفذ شيئاً منها، واستمر بتهميشهم وتجاهل مطالبهم الإنسانية المشروعة.
ورغم كل ما ذكرنا من استخفاف وتهديد وقتل ووعيد وتصفيات جسدية لقيادات الثورة الشعبية فان الجماهير المخلصة للعراق تعالت على جراحها، وقرروا جميعاً - رغم مرور عام تقريباً على مظاهراتهم- أن تبقى اعتصاماتهم سلمية حتى تحقيق مطالبها المشروعة.
كان الأولى والأجدر بالمالكي أن يطمئن العراقيين بأنه سيعمل على تجفيف منابع الارهاب الرسمي وغير الرسمي الذي يعصف بالبلاد، لا أن يهدد نصف الشعب، على أن بينه وبينهم بحر من الدم؛ وهذا هو أقبح أنواع الإرهاب، وهو الإرهاب الرسمي!
لم نقرأ في تاريخ العراق الحديث والقديم، ولا حتى في أيام التتار والمغول، ولا في تاريخ أشد الزعماء دكتاتورية وظلماً أن زعيماً هدد شعبه ببحر من الدم!
بحر الدم الذي هدد به المالكي، ليس جديداً على الخارطة العراقية، وهو يجري منذ احتلاله وحتى الساعة، وربما الجديد هو عمل المالكي وأتباعه على رفع منسوب الدماء في هذا البحر، وإلا فمنْ منا يتذكر- ولو يوماً واحداً- لم ير العراقيون فيه تفجيراً، أو اغتيالاً في عموم مدنهم، التي لم تعد آمنة ومستقرة!
وربما يقصد المالكي أيضاً أنه على أُهبة الاستعداد لتحريك ميلشياته الرسمية وغير الرسمية ضد العراقيين الرافضين لتسلطه على رقابهم؛ لارتكاب مجزرة جديدة تضاف لجرائمه الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، أم هي تصريحات لغايات لا يعملها إلا الله والراسخون في السياسة؟!
هذه التهديدات تؤكد أن المالكي مأزوم ومهزوز وخائف من المرحلة القادمة، وإلا لو كان واثقاً من نفسه، وهو القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الحكومة، ما كان من اللائق به أن يهدد نصف العراقيين ببحر من الدم!

أظن أن المالكي سيدفع ثمن هذه الكلمة عاجلاً أم آجلاً! 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى