المالكي بين الانهيار الأمني والبركان السوري



المشهد العراقي اليوم مليء بالألغام القابلة للانفجار في أية لحظة، فبالإضافة للانهيار الأمني، الذي صار السمة الأبرز في البلاد، هناك المناحرات السياسية المتنامية بين شركاء الأمس، والفشل السياسي الذي يخيم على كافة مرافئ الحياة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، وأيضاً هنالك تداعيات المشهد السوري على عموم الحالة العراقية.
الضربة الأمريكية ضد النظام السوري باتت قاب قوسين أو أدنى، وأعتقد أن المشهد العراقي سيعاد تصويره على أرض الشام الحبيبة، وحينها لا ينفع الندم، وكل ذلك بسبب الاجرام الفظيع لطاغية الشام الحاقد بشار الأسد، والذي يتفنن في قتل المدنيين العزل.
تداعيات الضربة الأمريكية المحتملة على المنطقة، وخصوصاً على الدول المحاذية لسوريا، ستكون كبيرة وخطيرة في ذات الوقت، حيث إنه لا أحد يستطيع أن يتوقع حجم ردود الفعل السورية، التي ربما ستكون ضمن اطار المثل الشعبي الذي يقول: ( عليّ وعلى أعدائي).
ومما لا خلاف فيه بين المتابعين للأوضاع المتسارعة في منطقتنا أن من أكثر الدول تأثراً بالمشهد السوري هو العراق، الذي دخل منذ أيام حالة من الانذار المبكر المتزامن مع الضربة المحتملة ضد سوريا، وهذا ما أكده في يوم 28/8/2013، رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي الذي قال في خطابه الأسبوعي: " نعلن اليوم أننا، وجميع القوى الأمنية والسياسية في بغداد والمحافظات والعراق أجمع، عن حالة استنفار قصوى، وحالة إنذار شديدة على مستوى التحديات الأمنية والإجراءات".
خطاب المالكي، تزامن مع وقوع أكثر من (20) تفجيراً، منها تفجير (15) سيارة مفخخة، ورغم ذلك فان المالكي لم يتطرق لهذه التفجيرات، وكان خطابه الأسبوعي عن الأوضاع في سوريا فقط؛ وكأنه رئيس حكومة دولة أخرى!
وفي يوم 29/8/2013، عزا النائب عن ائتلاف المالكي علي الشلاه عدم تطرق المالكي للتفجيرات؛ " لأن الأزمة السورية، وإذا ما حصلت الضربة العسكرية فستكون كارثة في المنطقة، وكان الموضوع ضرورياً، ولم يتحدث عن الانتصارات الكبيرة التي أحرزتها عملية ثأر الشهداء بقتل عدد من كبار أمراء وقيادات تنظيم القاعدة في الأيام الماضية، وأراد أن يركز على الأزمة السورية وتداعياتها لأهمية الموضوع".
تصريحات الشلاه ينطبق عليها الحكمة التي تقول:( لو كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب)، وإلا كيف يمكن تبرير تجاهل المالكي، وهو القائد العام للقوات المسلحة للأوضاع الأمنية المتدهورة في عموم البلاد، ولم يحاول حتى مجرد الاشارة إليها، فهذا يعني أنه مهووس بالمنصب، ولا يهمه إلا كيفية المحافظة على مكانته الحالية، ولو مع مقتل نصف الشعب العراقي؟! وأيضاً اين هي النجاحات التي يتحدث عنها الشلاه، والبلاد تهزها كل يوم عشرات التفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة؟!
عوامل كثيرة دفعت المالكي للتركيز على الشأن السوري وإعلان حالة الاستنفار، وربما يفكر المالكي بالعديد من السيناريوهات، ويمكننا أن نقرأ اهتمام المالكي بالشأن السوري من جانبين:-
الجانب الأول: الضغوط الإيرانية، التي تطالبه بضرورة استمراره بدعم النظام السوري، سواء عبر غض البصر عن الطائرات الايرانية المتجهة لسوريا، والمحملة بالأسلحة والمقاتلين، أم بدعم وتسهيل عبور المليشيات الطائفية من العراق إلى الشام، والتي تدعم النظام الدموي في دمشق.
الجانب الثاني:- يتمثل بتخوف المالكي من بعض المجاميع المسلحة العاملة حالياً في سوريا من التوجه للعراق عبر الحدود الطويلة غير المسيطر عليها بين البلدين، وبالتالي تخوفه من انهيار حكمه.
المشهد العراقي لا يقل بشاعة عن المشهد السوري، وكلا الشعبين غارق الآن في بحر من الدماء، ودوامة من التفجيرات والاغتيالات والاعتقالات.
حكومة المالكي لم تلغ حالة "الاستنفار القصوى، وحالة الإنذار الشديدة" منذ أن استلمت زمام الأمور وحتى الساعة، فهي على أُهبة الاستعداد لقتل واعتقال وتعذيب المواطنين، بحجة مكافحة الإرهاب ونشر الأمن!

أظن أن المعادلة العراقية في مرحلة ما بعد الأسد ستختلف أطرافها، وهذا ما يجعل المالكي قلقاً ومستنفراً لكل قواته الفاشلة في حفظ أمن وسلامة المواطن في الشارع العراقي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى