مطالب غير مشروعة من حكومة غير شرعية





القادة في العالم أنواع، فمنهم القائد العامل، والزعيم الجماهيري، والرئيس الملهم، والأمير القدوة، ومنهم القائد المتكلم فقط بلا عمل، وغيرهم من الشخصيات القيادية التي إما أن تكون نعمة على شعوبها، أو نقمة.
ومن بين أبرز هذه الأنواع القائد العامل، حيث إن تأثيره كبير وفعال، بينما الأخير" المتكلم بلا عمل" على النقيض من الأول تماماً، حيث إن تأثيره لا يتعدى خطبته "الحماسية" التي يلقيها على جمهوره المسكين، ومن هذا النوع المولع بالخطابات الفارغة اغلب قيادات العراق الجديد، التي نسمع منها في كل يوم تصريحات غريبة، بل وشاذة في اغلب الأحيان، وخصوصاً ما يتعلق منها بالاحتلال الأمريكي وجرائمه البشعة في العراق منذ عام 2003، وحتى الآن.
كل ما يجري في بلاد الرافدين اليوم هو استثنائي، ومن الإنصاف القول إنه واقع مزيف، فبينما تدعي الحكومة وقوات الاحتلال أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمية وغيرها، هي صحية ومتميزة، فان الحقيقة الساطعة للعيان انه واقع منهار متخلف لا يمت إلى المدنية بشي، بل هي مأساة تستدعي كل القيم الإنسانية والخُلقية والمنطقية والعلمية بضرورة إنهائها وبداية مرحلة جديدة شعارها (العراق لكل العراقيين).
ومن ضمن تناقضات أغلب ساسة بغداد الأسيرة مطالبة الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية في حكومة المالكي، عدنان الاسدي، يوم 1/ 8/ 2011، المجاميع المسلحة، بعدم استهداف القوات الأمريكية المحتلة، والانتظار حتى انسحابها من البلاد، على اعتبار أن هذه المجاميع المسلحة التي تضرب القوات الأمريكية المحتلة ستترك انطباعا بأن العراق غير مستقر امنيا، الأمر الذي يبرر تمديد الوجود الأمريكي فترة أطول في البلاد.
والمؤلم أن القادة العسكريين في العراق الجديد وصل الحال بأغلبهم إلى درجة لا يمكن تصورها، فصارت عندهم الحقوق المحفوظة ضمن القانون الدولي، ومنها مقاومة المحتل، والوقوف بوجه الظلم، هذه الأمور التي لا يختلف عليها اثنان، صارت عندهم من الإرهاب، وكل ذلك من اجل إرضاء سادتهم من قيادات الاحتلال، وكذلك الحفاظ على المكاسب الشخصية والحزبية المكتسبة بسبب الوضع الشاذ في العراق المختطف، وهنا يمكننا أن نلاحظ أن المادة الثانية من لائحة لاهاي عام 1907 قد عرفت "الشعب القائم، أو المنتفض في وجه العدو" بأنه مجموعة المواطنين من السكان في الأراضي المحتلة، الذين يحملون السلاح ويتقدمون لقتال العدو، سواء أكان ذلك بأمر من حكومتهم، أو بدافع من وطنيتهم، وهذا اعتراف ضمني بأحقية الشعوب بمقاومة المحتل.
إذن المقاومة حق مشروع لكل الشرفاء على وجه المعمورة؛ وذلك حينما تعجز "العدالة الدولية والإنسانية" عن رد الحقوق لأهلها، والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن قال وهو قائد الاحتلال في العراق: لو احتلت بلدي لقاتلت في سبيل طرد المحتل من تراب الوطن!!!
وكل من يحمل ذرة من الغيرة والحب لوطنه لا يمكنه أن يقف مكتوف اليدين أمام المهازل التي ترتكبها القوات الأمريكية المحتلة في بلاد الرافدين. فهذا كلام قائد الاحتلال الأمريكي في العراق حينها، فهل لنا من سبيل للتعلم من دروس هذه المرحلة المظلمة من التاريخ العراقي الحديث، لنتعلم من أعدائنا أن الإنسان بلا بلد هو قشة في مهب الريح، والإنسان بلا موطن يأوي إليه هو ميت بين الأحياء، وحياة الإنسان بلا كرامة لا قيمة لها.
هذه التصريحات المخجلة لن تؤثر على روح المقاومة العراقية التي أجبرت الاحتلال على توقيع الاتفاقية الأمنية، والتفكير جدياً بترك العراق؛ وأيضاً لأن شعبنا الصابر تفهم حقيقية المؤامرة التي حيكت -وتحاك- ضده من قبل اغلب رجال العملية السياسية والأحزاب الطائفية العنصرية، بل على النقيض من ذلك تماماً فان هذه التصريحات السلبية المثبطة ستكون دافعاً، ومحركاً قوياً لزيادة وتعزيز روح التحدي والتصدي لقوات الاحتلال وعملائها في عموم البلاد.
شعار العراقيين أنهم سيقاتلون حتى آخر نفس من اجل طرد الاحتلال وأعوانه من البلاد، وهذا ليس من ضروب الخيال بل حقيقة ظاهرة للعيان، وستثبت الأيام مصداقيتها وواقعيتها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى