حقوق العراقيين لن تضيع






الذاكرة الإنسانية مليئة بالمواقف الجملية والمؤلمة، وأحيانا يكون مخزون الذاكرة من الآلام والأحزان أضعاف حالات الفرح والسرور؛ لأن الأفراح في الغالب تكون أسيرة للحظاتها التي تكون فيها، بينما الآلام تَنْقُش الأسى والأوجاع في الأرواح والأنفس ولا يمكن محوها بسهولة.
والذاكرة العراقية بعد عام 2003 أُرهقت بكثرة المآسي والهموم والآهات، التي لا يمكن تجاهلها وتناسيها، وسيبقى الشعب العراقي يتذكر بألم ومرارة تلك السنوات العجاف من عمر الاحتلال الأمريكي البغيض الحاقد والممتدة آثارها حتى الآن، والى آماد لا يُعرف مداها.
ومن الشخصيات التي ستبقى عالقة في أذهان العراقيين شخصية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن الذي أزهق قواته أرواح أكثر من مليون مواطن مدني، وجرحت أكثر من مليونين، بالإضافة إلى تهجير أكثر من أربعة ملايين آخرين في أرجاء العالم، وهذا كله بسبب سياسات الرئيس بوش الحاقدة على العراق وحجته السقيمة المرفوضة والمستمرة منذ وقت تنفيذ جريمته، وحتى اليوم بأنه كان يهدف إلى نشر الديمقراطية والحرية بين العراقيين.
ومنذ أن افتضح أمر سجن "أبو غريب" سيئ الصيت، والعالم يتذكر بكل ألم وخجل جرائم الاحتلال الأمريكية بحق العراقيين، وفي هذا الملف الخطير ذكرت المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) في تقرير لها يوم 23/ 7/ 2011 أن هنالك أدلة قوية على تورط إدارة بوش الصغير، وذلك باستخدام وسائل التعذيب ضد المعتقلين، وارتكاب جرائم حرب، ما يُلزم الأمر الرئيس الحالي (باراك أوباما) بإجراء تحقيق جنائي في تلك الجرائم البشعة والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، وأن هناك معلومات مهمة حول معاملة إدارة بوش للمعتقلين ومحاولة الإفلات من عواقب التعذيب تستوجب فتح التحقيق الجنائي مع بوش وعدد من كبار المسؤولين في إدارته، بينهم نائب الرئيس السابق (ديك تشيني) ووزير الحرب (دونالد رامسفيلد)، ومدير (سي آي أيه) السابق (جورج تينيت)، بتهمة الأمر بممارسات الإيهام بالغرق، واستخدام سجون سرية تابعة لوكالة الاستخبارات (سي آي أيه) ونقل المعتقلين إلى بلدان تعرضوا فيها للتعذيب.
وخلصت منظمة (هيومن رايتس ووتش) في ختام تقريرها إلى القول لا بد من فتح تحقيق مستقل وغير منحاز، للنظر في أعمال الجهاز التنفيذي و(سي آي أيه) والجيش والكونغرس الأمريكي، فيما يخص سياسات وممارسات إدارة بوش التي أساءت للمعتقلين، وأن يخرج التحقيق بتوصيات تضمن عدم تكرار الانتهاكات الممنهجة، وأعمال التعذيب التي ارتكبتها إدارة بوش ضد المعتقلين، وعدم الاستخفاف بالجهود الدولية لتقديم مرتكبي الجرائم الجسيمة إلى العدالة، وأكدت على ضرورة تعويض ضحايا الانتهاكات التي ارتكبها المسؤولون في إدارة بوش بشكل عادل وملائم، تطبيقا لاتفاقية مناهضة التعذيب. وسبق لإدارة الرئيس أوباما أن أفرجت بتاريخ 30/ 8/ 2009 عن تقرير سري يكشف عن فضائح التعذيب في عهد الرئيس بوش‏ لدى التحقيق مع المشتبه في تورطهم في عمليات "إرهابية" داخل سجون سرية خارج الولايات المتحدة‏، وأن السجون الأمريكية السرية في الخارج، أو ما أطلق عليها المواقع السوداء كانت تدار بهدف واحد، وهو الحصول على أكبر قدر من الاعترافات من المعتقلين‏، وجرى السماح للمحققين بصفع المعتقلين،‏ وإجبارهم على الجلوس في أوضاع غير مريحة‏، وحرمانهم من النوم مدة تصل إلى (‏11)‏ يوما على التوالي‏، وربط أعناقهم بسلاسل لضرب رؤوسهم في الحائط بشكل متكرر‏، وإجبارهم على الوقوف وهم شبه عرايا‏!!!
هذه هي صورة الديمقراطية الأمريكية المستوردة للعراقيين، قتل وتهجير وتخريب وتدمير ونشر للروح الطائفية العنصرية الانفصالية!!!
ومن الأهمية بمكان التنبيه على ضرورة كتابة اسم الرئيس بوش الابن ضمن مادة التاريخ العراقي الحديث في المناهج المدرسية، حتى تتذكر الأجيال القادمة حجم الدمار والقتل والخراب الذي لحق ببلادهم، جراء سياسات هذا الرجل الإجرامية الانتقامية الشريرة.
الألم العراقي لن يهدأ حتى نرى اليوم الذي يُحاسب فيه قتلة الأبرياء العزل من العراقيين، سواء من الغرباء، أم من أبناء جلدتنا من الذين باعوا ضمائرهم للشيطان وأعوانه، وحينما تتم هذه المحاكمة سيعرف العالم حينها حجم المصيبة التي هبطت على أبناء الرافدين ضمن مهزلة الديمقراطية الأمريكية التي يتغنى بها ساسة الاحتلال والمنطقة الخضراء!!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى