أطفال العراق... المصير المجهول؟!!






من الناس من يولد وملعقة الذهب في فمه وهي كناية عن الغنى والترف، وإلا فليس هنالك ألذ ولا أروع من تناول الطعام بالأصابع. ومنهم من يولد والفقر هو قدره المكتوب. وهذه الظروف كلها -بخيرها وبصعوبتها- يتأقلم معها الإنسان، بل يتحداها أحياناً ليكون من المتميزين، والتاريخ الإنساني حافل بشخصيات سياسية وأدبية وفنية وعلمية تركت بصمات واضحة في سفر المسيرة الإنسانية وهم من طبقات فقيرة. والفقر ما كان عيبا في يوم من الأيام، فربّ فقير مستور الحال، عفيف النفس أفضل من غني جمع الأموال من السحت، ومن الكسب غير المشروع.
والعراقيون دفعوا ضريبة كبيرة من حياتهم وحريتهم، بل حتى من كرامتهم بسبب الاحتلال الديمقراطي المخرب، ومن الحسنات التي تحسب للاحتلال الأمريكي أنه وزع الدمار والخراب والألم والمآسي على جميع فئات الشعب، ومنهم الأطفال.
وفي وسط هذا البحر العراقي الهائج المتلاطم الأمواج حيث الظلم والطغيان والإهمال الحكومي نجد -للأسف الشديد- أن العالم يتفرج على نحر أطفال الرافدين، وقبل أيام وتحديداً يوم 6 تموز/ يوليو 2011، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إن عقوداً من الحرب والعقوبات الدولية حولت العراق إلى أحد أسوأ الأماكن بالنسبة للأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يعاني نحو (3.5) مليون طفل من الفقر، بينما يعاني (1.5) مليون طفل تحت سن الخامسة من سوء التغذية، ويعاني نحو ثلاثة ملايين من عدم توفر مرافق صرف صحي لائقة، فيما يموت (100) رضيع يومياً في البلاد!!
وفي الجانب التعليمي قالت المنظمة الدولية إنه ومن أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ينبغي أن يحصل أكثر من (400) ألف طفل عراقي يعانون من سوء التغذية على الغذاء الكافي، كما ينبغي أن يتم تسجيل ما يقرب من (700) ألف طفل في المدارس.
والتقرير جعل العراق من أسوأ الأماكن للأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهذا يعني أن الكثير من دول إفريقيا هي أفضل حالاً من العراق الديمقراطي، الذي يتمتع بأكبر ميزانية في المنطقة، فضلاً عن أكبر احتياطي للنفط الخام في العالم تقريباً!!
وفي يوم 13/7/2011، أعلنت اليونيسيف في تقرير آخر استندت فيه إلى أرقام رسمية، أن (872) طفلاً عراقياً قتلوا وأصيب أكثر من (3200) بجروح بين عامي 2008 و2010، وأن تقارير أصدرتها الحكومة أفادت بأن (376) طفلا قتلوا وجرح (1594) جراء أعمال عنف وقعت عام 2008، كما قتل (362) وجرح (1044) آخرون في عام 2009!!!
بعض هذه الأرقام المخيفة، لو كانت في أية دولة نامية، ولا نقول من الدول المتقدمة لقامت الدنيا ولم تقعد، أما الحال عند الحكومات المتعاقبة على حكم المنطقة الخضراء فهو مختلف تماماً؛ لأنها عاجزة -عجزاً بيناً- عن حماية نفسها فضلاً عن حماية العراقيين، وعن إدارة شؤون البلاد، والحجة تردي الأوضاع الأمنية، هذه الحجة الواهية تأتي في الوقت الذي تمتلك فيه الحكومة اليوم أكثر من مليون وربع رجل امن، وعلى الرغم من ذلك فهي واقفة موقف المتفرج على مأساة العراقيين.
الأطفال أحباب الله وهم زينة الدنيا وأمل الأمة ورجال المستقبل، وفي بلدان العالم المختلفة بما فيها الولايات المتحدة التي قتلت الآلاف الأطفال العراقيين، نجد الاهتمام الكبير والواضح بتربية الأطفال وتغذيتهم والعمل على تنمية الأفكار الإبداعية لديهم. هذا الاهتمام جعل هذه الدول تقفز قفزات كبيرة في المجالات العلمية والابتكارية والرياضية وغيرها؛ لأنها ركزت على المادة الخام والثروة الحقيقة لها، وهم الأطفال، وهذا على عكس صورة الإهمال القاتمة المنتشرة في ربوع العراق اليوم.
مساكين أطفال العراق، يُتموا من التفجيرات الديمقراطية، وحرموا من أبسط مقومات الحياة، وفوق هذا وذاك تقول الحكومات القابعة في المنطقة الخضراء: “إن العراق من أفضل دول المنطقة”.
بأي جانب؟!! لا ندري. هل من مجيب؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!