يوم اللاجئ أم يوم البطل الحر العالمي






يهمني جدا متابعة التعليقات التي تصل على كل مقالاتي، لأنها تعكس حقيقة التفاعل بين الكاتب والقارئ، وأنا حريص على التعليقات الهادفة والموضوعية حتى لو كانت ضد ما كتبته، وموضوعي الأخير (نفيت واستوطن الأغراب في وطني)، المنشور في صحيفة السبيل الغراء بتاريخ 25/ 6/ 2011، وصلتني بخصوصه العديد من التعليقات والاتصالات، سواء التي نشرت منها أو تلك التي وصلتني على بريدي الالكتروني، وكل التعليقات هي محط احترام وتقدير، وجميعها تعكس التفاعل الجماهيري مع القضية العراقية، وهذا حافز كبير للعراقيين من اجل العمل من اجل طرد الاحتلال وأعوانه.
ومن بين التعليقات المميزة التعليق الآتي، وهو من الأخت (نور) من الأردن الشقيق، حيث قالت: " تحية عربية إلى الكاتب جاسم الشمري، تحية إلى كل لاجئ نُفي مرغماً عن تراب وطنه، وأحضان أهله، اللاجئون هم -من وجهة نظري- هم أشراف أحرار، أجبرتهم حكوماتهم الظالمة والفاسدة على الاختيار بين أمرين؛ إما السكوت عن الحق والكف عن انتقاد فساد النظام، وإما النفي مرغمين خارج حدود الوطن!!!
عندها تتحرك الغيرة وحب الوطن داخل اللاجئ ليختار مرغما باكيا النفي خارج وطنه، ليودعه على أمل الشوق للقائه من جديد.. فحرقة الشوق والحنين هي أقل جمراً ولسعاً من أن يبيع وطنه ويستسلم لقائمة الخونة وصفوف العملاء.
كل بلدان العالم.. تتشرف باستضافة اللاجئين الأحرار..
أتمنى أن يتغير المسمى من (يوم اللاجئ العالمي) إلى (يوم البطل الحر العالمي)، ورغم أننا نحتفل باستضافتهم بيننا، ونفتخر بأمجادهم العربية كل يوم.. إلا إننا سنسعد لفرحهم عندما نغني معهم كما تقول كلمات القصيدة:
أعود وكلي حنين أعود
لدار الأحبة ولقلب عيد
وصوتي يعانق كل هتاف
وليس لبحر اشتياقي حدود".
انتهى التعليق.
بداية اشكر السيدة الفاضلة على رقة وصدق مشاعرها تجاه العراق، وتعليقها يعكس ثقافة وتفهماً راقياً للأمور، وكرماً عربياً أصيلاً، وهذا ليس غريباً على الشعب الأردني والعربي، والتجربة اكبر دليل وبرهان؛ حيث قاسم الأردنيون أخوتهم من العراقيين لقمة العيش على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يعيشها الأردن، وهذا محط احترام وتقدير، ولا يمكن نسيانه أو نكرانه.
أغلب المنظمات الدولية والمحلية والإقليمية، وحتى أغلب الشعوب، لا تعطي اللاجئ حقه من الاهتمام والتقدير، وعلى الرغم من الموقف المشرف لأغلب اللاجئين إلا أنهم يدفعون ثمن موقفهم من كرامتهم وصحتهم وتعليم أبنائهم ومستقبلهم.
السيدة نور تمنت في تعليقها أن يتم تغيير يوم اللاجئ العالمي إلى (يوم البطل الحر العالمي)؟!!
وحقيقة هذه الالتفاتة جديرة بالاهتمام والاحترام؛ لأنه ما يذكر اللجوء إلا ويذكر معه الذل والخوف والهرب، والمخيمات، والمساعدات، وغيرها من الصور التي تعكس العوز والمنة على اللاجئين، بينما حقيقة الأمر هي على العكس من لك تماماً.
اللاجئون في غالبيتهم، مجموعة من الناس رفضوا الظلم والطغيان، وحاولوا تغيير الواقع بالسبل السلمية إلا أنهم جوبهوا بالبطش والاستهتار، فاضطروا للهروب بأرواحهم وعوائلهم من جور القوة الظالمة القاهرة، فهل هذه الحالة هي نموذج للبطولة أم للضعف؟!!
اللاجئون هم -في غالبيتهم- من نخب المجتمع، وهذا لا شك فيه؛ لأنهم ترفعوا عن قبول الباطل، ولم يرتضوا لأنفسهم مسايرة الاحتلال في الدول المحتلة، أو الظلم في الدول الدكتاتورية، وهذه الصورة تجلت في اللاجئ العراقي الذي رفض الاحتلال الجاثم على صدور العراقيين حتى الساعة، ورفض كل ما تمخض عنه، سواء الحكومات المنفذة للأجندات الأمريكية في المنطقة، أو غيرها.
حقاً، وكما قالت السيدة الكريمة في تعليقها الرائع، فإن "حرقة الشوق والحنين هي أقل جمراً ولسعاً من أن يبيع وطنه ويستسلم لقائمة الخونة وصفوف العملاء".
Jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى