جمهورية العراق المختطفة






ما تذكر القرصنة إلا ويذكر معها النهب والسرقة والقتل والاختطاف، وأكثر صور القرصنة وضوحاً تلك المرتكبة في عرض البحر، أو أحياناً على الشاطئ، من قبل مجموعة من اللصوص المخربين القتلة.
والقرصنة جريمة يحاسب عليها القانون الدولي، الذي يعرفها، وكما جاء في المادة (101) من قواعد القانون الدولي الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، على أنها (أي القرصنة) أي عمل غير قانوني من أعمال العنف، أو الاحتجاز، أو أي عمل سَلب يُرتكب لأغراض خاصة من قبل طاقم، أو ركاب سفينة خاصة، أو طائرة خاصة.
والقرصنة أنواع عديدة منها ما تتم في البحار، وتنفذ من قبل مجموعة من المجرمين الذين يبحرون عبر البحار والمحيطات بقصد السرقة ونهب الأموال والبضائع، ومعظم القراصنة يستهدفون السفن، كما يشنون -أحياناً- هجمات على المدن الساحلية.
ومنها القرصنة الالكترونية، التي يقصد بها قيام مجموعة من الخبراء بلغة برمجة محددة باختراق أجهزة الحاسوب العامة والخاصة؛ للتعرف على محتوياتها وتنفذ لغايات عبثية، أو تجسسية، أو لأغراض ابتزازية لهذا الطرف أو ذاك.
وأيضاً هنالك القرصنة التي تستهدف الطائرات (الاختطاف)؛ وتهدف لمقايضات مالية، أو سياسية بين هذه الجهة وتلك. وهنالك ما يمكن أن أسميه (قرصنة البلدان)، وهي عبارة عن عملية اختطاف (احتلال) بلد ما، أو كما يقول المثل (أخذ الجمل بما حمل)، وهذا يعني أن الساسة لم يكتفوا باختطاف السفينة (الحكم) فقط، بل اختطاف كل البلاد ونهبها وتخريبها وسط ذهول وصمت الأغلبية، المغلوب على أمرها. وبواسطة هذه القرصنة تتم السيطرة على مقدرات هذه الدولة وميزانيتها، وهذا ما حصل -ويحصل- في العراق منذ عام 2003، وحتى اليوم.
الوضع الشاذ في بلاد الرافدين مستمر على الرغم من معارضة الملايين، والسفينة العراقية مستمرة بالإبحار رغم التوقف في عشرات الموانئ المحلية والإقليمية والدولية؛ وذلك لأن كبار القراصنة، واقصد ساسة أمريكا، دولة القرصنة الأولى في العالم، داعمون لعملية الاختطاف هذه، بل هم منْ خططوا ونفذوا، ثم بعد ذلك سَلموا السفينة (العراق) بما فيها لرجالهم الذين دُربوا في واشنطن وشمال العراق، وهم لم يُسلموا هذه السفينة إلا بعد أن استحوذوا على الغالي والنفيس، وهم مسيطرون، اليوم، حتى على وجهة ومحطات وقوف وحركة هذه السفينة (السياسة الخارجية والداخلية).
قد يعتقد البعض أنني أبالغ في هذا الوصف للمشهد العراقي، لكن المحاكمة العقلية ستقودنا إلى هذه النتيجة حيث إن غاية القراصنة هي الحصول على الأموال، وهذا هو هدف اغلب ساسة العراق، وإلا كيف يمكن تفسير هذا الضياع المنظم لميزانية بلاد تعاني اليوم من خراب وتدمير للبنى التحتية والفوقية، والحق أنهم شاركوا القراصنة -أيضاً- بميزة النهب والقتل والاختطاف.
البلاد التي لا يَعرف أهلها أين تذهب هذه المليارات هل هي بلاد مختطفة، أم هي كما يقول رجال العملية السياسية العرجاء بلاد ذات سيادة، وتعيش حالة من الديمقراطية الذهبية؟!!
وكيف يمكننا تفسير هذه الأملاك الخيالية التي هبطت على اغلب رجال العملية السياسية؟!!
العراق كما يقول الدستور العرامريكي (العراقي- الأمريكي) دولة اتحادية موحدة، حيث جاء في الدستور الذي كتب تحت رماح المحتل في الباب الأول المبادئ الأساسية، المادة (1): جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي.
وهنا أقترح على ساسة المنطقة الخضراء إضافة بسيطة، بحيث تكون الفقرة كالآتي: (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مختطفة ذات سيادة أمريكية كاملة).
الحقيقة التي يعرفها جميع الناس أن الليل لابد أن يعقبه النهار، وليل العراق المختطف سيعقبه نهار رائع مليء بالحرية وبالخير والبركة، نهار يعم فيه الخير والصلاح في ربوع بلادنا، وهذا سيكون بتوحد جهود العراقيين، وتلاحمهم من اجل طرد قراصنة الاحتلال وجميع طاقمه الذين جاؤوا معه؛ لأنهم خربوا ودمروا ونهبوا وسرقوا بما فيه الكفاية، وسيعرف الجميع في المستقبل القريب أن سفينة العراق المختطفة سترسو على شاطئ العراق الموحد، بقوة الله ثم بهمة وبمواقف العراقيين الموحدة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى