تفجير تكريت وقمة بغداد المقبلة




منذ أكثر من شهرين تتوالى التصريحات اليومية لرجال العملية السياسية الجارية في العراق، وجميعها تؤكد رغبة وجاهزية بغداد لعقد القمة العربية المقبلة في آذار/ مايس المقبل.

وهذا يعني أن الحكومة قد رتبت كافة الأمور المتعلقة بالقمة، ومن أهمها الجوانب الأمنية التي تتعلق بأمن السادة الملوك والرؤساء الأمراء العرب والوفود المرافقة لهم خلال فترة إقامتهم في بغداد، وكذلك الترتيبات الإدارية والخدمية والجمالية والإعلامية المتعلقة بالقمة.

وعند متابعة المعلن من الأحداث الأمنية في العراق يتبين -بصورة واضحة- ازدياد العديد من الظواهر التي تؤكد انفلات الملف الأمني من يد الحكومة، ومن ذلك ظاهرة الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة لضباط وشخصيات عراقية، وأيضا استمرار قضية العبوات اللاصقة التي قتلت المئات من العراقيين خلال العامين الماضيين.

كل ما يجري على الأرض يؤكد هذه الحقيقة، وهي أن الملف الأمني يمر بحالة من الشلل المستمر، وقبل أيام وتحديداً في يوم 18 /1/ 2011 قتل أكثر من (70) شخصا، وجرح ما يقرب من مئتين آخرين في مدينة تكريت، من الذين ألجأتهم الحاجة والعوز للتطوع في صفوف الجيش والشرطة.

وبتحليل الصورة المفترضة للحادث يمكن أن نسجل ضعف المستوى الاستخباري لدى الأجهزة الأمنية في تكريت، الذي أدى إلى سهولة اختراق مقر القيادة، وبالتالي إيقاع اكبر قدر من الخسائر في صفوف المتطوعين، وإلا كيف يمكن اختراق تجمع للمتطوعين سبق أن استهدف عشرات المرات بتفجيرات مماثلة في العديد من المدن، حيث أماكن التطوع هي أهداف مستمرة للعديد من الأطراف على الساحة العراقية، بما فيها الحكومة التي تحاول الإبقاء على التركيبة الحالية للأجهزة الأمنية، التي تضم رجالها من رجال حزب الدعوة، وقوات بدر التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى وجيش المهدي وغيرها من الأطراف الموالية لها.

هذا الفلتان الأمني في الحقيقية يعود إلى عدة أسباب، منها: عدم مهنية أغلب قادة الأجهزة الأمنية، حيث تسنموا مناصبهم على اعتبارات حزبية طائفية وعرقية، ولم تراع المهنية في اختيارهم لهذه المناصب الحساسة. وآخر مهازل هذا الجانب هو مطالبة الساسة الأكراد بمنصب رئيس الاستخبارات في العراق، بينما هم في الحقيقة دولة كاملة داخل دولة، وهذا يعني أن المسألة هي مسألة تقاسم سلطة لا أكثر ولا اقل.

ومن بين الأسباب أيضا تغلغل المليشيات الحكومية والحزبية في صفوف الجيش والشرطة، الذي كان له دوراً واضحاً في زيادة الاعتقالات العشوائية والاغتيالات "القانونية"، وغيرها من صور الانتهاكات للقانون.

وأيضا لا يمكن تناسي الفساد المالي والإداري الذي ينخر جسد البلاد من أقصاها إلى أقصاها، ما قاد إلى وجود أسماء وهمية يصرف لها رواتب كاملة ومخصصات مالية عالية، في حين انها في الحقيقية مجرد أسماء تابعة لهذا المسؤول أو ذاك.

وفي يوم الحادث ألقى رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي باللائمة على الجهات المسؤولة عن عملية التطوع، مؤكدا أن تكرار هذه الجرائم الشنيعة بنفس الأسلوب يدل على خلل أو تقصير واضح.

وحدة معالجة المتفجرات في شرطة المحافظة، أكدت من جانبها أن المهاجم "المفترض" الذي فجر نفسه كان يرتدي سترة ناسفة محشوة بكمية كبيرة من المتفجرات مصحوبة بمسامير وكرات حديدية صغيرة (السترة احتوت على مادتي (C4 وT.N.T) شديدتي الانفجار ورمانات حرارية محشوة بمسامير وكرات حديدية صغيرة الحجم)، وهذا يعني أن المهاجم "المزعوم" قد دخل إلى مديرية الشرطة وهو يحمل هذه الكمية الكبيرة من المتفجرات، وهنا نريد إجابة محددة عن السؤال الآتي: إلى أين دخل هذا "الانتحاري المفترض" هل إلى مديرية شرطة المحافظة، أم إلى سوق شعبي؟ وأين الحراسات التي تحيط بالدوائر الأمنية، التي من المفترض أن تُخضع الداخلين إليها لتفتيش دقيق؟!!

إذن الحكومة بأجهزتها الأمنية عجزت عن حماية دائرة أمنية حكومية صغيرة محدودة، فكيف تتعهد الحكومة بحماية قادة العالم العربي في ظل الفلتان الواضح للأمن في عموم البلاد.

وفي ساعة إرسال المقال للصحيفة ذكرت وكالات الأنباء خبراً عاجلاً يؤكد انفجار سيارة مفخخة في مدخل مديرية شرطة محافظة ديالى، ومن المؤكد انها ستوقع العشرات بين قتيل وجريح؟!!

ومن هنا لابد من دعوة القادة العرب ورجال أمنهم الشخصي للتفكير جديا بالتهديد الأمني المحتمل خلال زيارتهم للعراق؛ لأن سلامة وأمن ضيوف العراق تهمنا كثيراً، وهذا ما لا تستطيع الحكومة القابعة في المنطقة الخضراء توفيره لا لنفسها ولا للآخرين؟!! .

.Jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى