المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٦

ضمائر وسط الركام!

صورة
الضمير هو الرقيب الفعّال الذي لا يمكن للإنسان خداعه، لأنه هو الفيصل بين حياة القلوب والعقول والقيم والمبادئ، وبين موتها. والضمير كالإنسان؛ إما حي أو ميت. والضمائر الحية هي التي أبقت مساحة واسعة للمبادئ والقيم والحب والخير والإنسانية. أما الضمائر الميتة، فهي تلك التي لا مكان للحياة المبدئية فيها، والتي سيطرت عليها ظلمات الجشع والطمع وكراهية الآخرين. موت الضمير يعني امتلاك القدرات على فعل كل ما يخالف المبادئ الإنسانية؛ من قتل، وتهجير، ونهب، وسلب، ودعاوى كيدية، وتزوير، وغش، واستغلال الوظيفة العامة، وافتعال الحوادث، وغيرها الكثير من الكوارث التي يُراد منها إلحاق الأذى بالآخرين، أو طمس الحقائق، وكل ذلك من أجل المصالح الخاصة المنحرفة. والفساد في العراق بعد العام 2003، قتل ضمائر المئات من السياسيين والتجار والمقاولين والقضاة والمحامين، وغيرهم الكثير من أصحاب الوظائف العامة وغير العامة. موت الضمير هو الذي دفع الأشرار إلى حرق الأطفال وهم أحياء في مستشفى اليرموك ببغداد. في تلك اللحظة التي فارق الضمير الحياة، تفحمت تلك الأجساد الغضة للأطفال الخدج، وكأن من قتلهم ليس فقط ميت الضمير، ب

حلم الدولة القانونية!

صورة
سبق لأستاذنا الدكتور منير حميد البياتي أن أهدى لي نسخة من كتابه "النظام السياسي الإسلامي مقارناً بالدولة القانونية". وبعد الاطلاع على الكتاب، وجدت أنه من المناسب الحديث عن الدولة القانونية في العراق بعد العام 2003. في عالم السياسة، تختلف الدول من حيث احترامها للقانون. لذلك، هناك دول قانونية دستورية؛ منضبطة بالقانون والدستور من أعلى المستويات فيها إلى أدناها. وهناك دول بوليسية أو دكتاتورية، يكون الحاكم فيها هو القانون والدستور والنظام. وهناك دول بين هذه وتلك. والدول القانونية يُعرفها العلماء على أنها تلك الدول التي تخضع فيها جميع الهيئات الحاكمة لقواعد تقيدها وتسمو عليها "سواء من حيث الإدارة أو القضاء أو التشريع، وذلك بعكس الدولة البوليسية". ومن أهم مقومات الدولة القانونية "وجود الدستور، وتدرج القواعد القانونية، وخضوع الإدارة للقانون، والاعتراف بالحقوق والحريات الفردية". ووجود الدستور يعني "تقييد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية لأن الدستور هو الذي أنشأها ونظمها وبيّن اختصاصاتها، ولأنها سلطات تابعة للسلطة التأسيسية". أما تدرج القو

خطوات باتجاه بناء الوطن

صورة
تختلف الشعوب والدول من حيث أهدافها وأحلامها؛ فهناك شعوب تحلم بحقوق إنسانية بسيطة لا تتعدى حق الحياة، وحفظ الكرامة الإنسانية ولقمة العيش، بينما شعوب أخرى تطمح وتحلم بالوصول إلى القمر والمريخ. وتختلف أهداف وأحلام وطموحات الشعوب تبعاً للواقع الذي يتأثر بمجمل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. الشعب العراقي اليوم صارت تطلعاته محدودة، ربما لا تتعدى الحلم بحكومة وطنية جامعة، وقيادة واعية قادرة عن إعادة بناء الدولة وتحفز المواطنين للإيمان بحب الحياة والوطن، وضرورة الانتماء الحقيقي لبلدهم. لكن الواقع يدفعهم إلى الاعتقاد بأنهم -ربما- يطلبون المستحيل. في مطلع الأسبوع الحالي، شاركت في ورشة بمنتدى عبدالحميد شومان، أدارها بامتياز الدكتور محمد السريحين. وأثناء الورشة تطرق المحاضر لقضية التخطيط للأهداف والأحلام، وأهمية تحديدها في الوصول لنجاح الأفراد والمؤسسات. وهنا خطرت ببالي قضية تحديد أهداف العراقيين في هذه المرحلة الحساسة من تاريخهم، بعد أن وجدوا أنفسهم -في بعض الأوقات- خارج إطار المعقول والمقبول، لأن حياتهم تاهت بين الدولة الغائبة، والمليشيات، والسلام المفقود. وحقيقة إ

قنابل مدمرة تحت قبة البرلمان العراقي!

صورة
مع استمرار حالة الانهيار الواضحة في عموم الدولة العراقية، بدأت محاولات بعض الأطراف الحكومية والنيابية رمي الكرات في ملاعب الآخرين، ونسوا أو تناسوا أننا اليوم في عالم التكنولوجيا المخيفة التي تنقل كل شي في لمحة بصر. وربما تناسوا أن العراقيين عرفوا حقيقة اللعبة. ولهذا، فإن كل الأساليب التي يُراد بها تغطية الفشل، أو تبرئة الذات، بلا دليل، لم تعد تُمرر على المواطنين. قبل أسبوع تقريباً، نشرت الدائرة الإعلامية للبرلمان العراقي جلسة استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي، المثيرة للجدل، والتي لم تُنشر إلا بعد تسريب بعض المقاطع التي صُورت عبر أجهزة هواتف بعض النواب؛ فاضطرت الدائرة لنشر الجلسة كاملة لأن الأمر لم يعد بالإمكان التستر عليه. وزير الدفاع المُستجوب بدأ منذ لحظة دخوله للبرلمان إعداده العدة لقلب الطاولة على شخصيات مهمة داخل المجلس وخارجه؛ إذ ألمح منذ بداية الجلسة إلى "محاولة ابتزازه وعقد صفقات فاسدة معه بمبالغ ضخمة من قبل بعض النواب". وبعد أن أُحرج من بعض النواب بضرورة كشف هذه الأسماء، وإلا سيكون البرلمان مجتمعاً ضده، بدأت القنابل تتوالى داخل قبة البرلمان.  كانت أولى شظ

تجارة المناصب!

صورة
الوظيفة الحكومية -وبالذات تلك المرتبطة بالجانب الأمني- كما غير الحكومية، الغاية منها تقديم الخدمات والأجواء الصحية لأبناء المجتمع، وبالمحصلة طمأنينة البلاد وهدوئها ووصولها لمرحلة الازدهار في جوانب الحياة كافة، والذي لا يمكن أن يكون -أي الازدهار- في ظل أجواء الرعب والخوف والفساد. في دنيا الناس، هناك أنواع مختلفة من التجارة المعروفة للجميع؛ سواء بين الأفراد أو الشركات أو الدول. وهي تشمل البضائع الخدمية والاستهلاكية كافة المسموح بها وحتى الممنوعة، وأيضاً تجارة البضائع العسكرية. لكن يبدو اليوم أننا أمام جيل جديد من التجارة، هي "تجارة المناصب"، كما يقع في العراق منذ العام 2003، في واحدة من الظواهر المؤلمة والمدمرة لمستقبل البلاد. بيع المناصب لم يقف عند حدود إعطاء الهبات والرشاوى للدخول في لجان المشتريات والمقاولات والمناقصات والمزايدات في الدوائر الحكومية، بل تعدى الأمر إلى شراء المناصب العسكرية. وسنحاول هنا تسليط الضوء على هذا الجانب، لأثره الكبير على أمن المواطنين وحياتهم. حدثني أحد أعضاء مجلس النواب أنه يعرف ضابطاً اشترى -قبل عدة أسابيع- منصباً في منطقة الكرادة ببغد