فقراء وسط المليارات
منذ العام 1993، يُحتفل سنوياً في السابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر) باليوم الدولي للقضاء على الفقر. وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة -بموجب قرارها 47 /196- أن يكون هذا اليوم أحد الأيام التي تحتفل بها الأمم المتحدة، وذلك لتعزيز الوعي بشأن الحاجة إلى مكافحة الفقر والفقر المدقع في بلدان العالم كافة.
الفقر يُعد آفة خبيثة تفتك بالإنسان والحيوان والنبات على حد سواء. ورغم معدلات الترف والتقدم والتطور التي بلغتها الحضارة الحالية، إلا أنه مقابل ذلك ما نزال نسمع بمعدلات مرعبة للفقر والعوز في أرجاء المعمورة، وبالذات في الدول ذات الإمكانات البشرية والطبيعية المحدودة.
الفقر ليس عيباً، لكنّ المخجل أن نجد معدلات آفة الفقر والعوز مرتفعة في بلدان مليئة بالخيرات في ظاهر الأرض وباطنها. ومن تلك البلدان، بلاد الرافدين، التي صارت مرتعاً للسراق وتجار الحروب ودعاة الوطنية.
وفي أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، أعلن المعهد الأميركي للطاقة في تقريره الدوري أن "العراق يحتل المرتبة التاسعة عالمياً بحجم الثروات الطبيعية الموجودة فيه، والعمر المتوقع لهذه الثروات". وفي نهاية آب (أغسطس) الماضي، أعلنت وزارة التخطيط العراقية أن "نسبة الفقر في عموم العراق ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى 22.5 بالمائة"، وأن "نسبة الفقراء النازحين تشكل 36 بالمائة من مجموع الفقراء في عموم البلاد"، وأن "نحو 30 بالمائة من العراقيين - الذين يقدر عددهم بأكثر من 33 مليون نسمة- يعيشون تحت خط الفقر".
في "عراق ملايين الفقراء"، مليارات الدولارات تنهب في وضح النهار، على يد غالبية السياسيين والمسؤولين وأتباعهم. وتم ترتيب عمليات نهبها بموجب عقود وفواتير رسمية ووهمية. ومن أكثر الوزارات فساداً -وفقاً لهيئة النزاهة العامة- وزارات الدفاع والداخلية والصحة والمالية والتعليم، فضلاً عن البذخ الواضح في ميزانيات الرئاسات الثلاث.
وفي نهاية آب (أغسطس) الماضي، أكد وزير النفط عادل عبدالمهدي أن "موازنات العراق منذ العام 2003 وليومنا هذا بلغت 850 مليار دولار"، وأن "الفساد استهلك نصف مبالغ الموازنات المتعاقبة، أي حوالي 425 مليار دولار"! وفي منتصف الشهر الحالي، كشفت عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي أن "تكاليف الضيافة في الوزارات العراقية ضمن موازنة العام 2016 تصل إلى مائة مليون دينار شهرياً". وهذا المبلغ الخيالي يكفي لمعيشة آلاف العائلات الفقيرة، التي لا تجد قوت يومها، بينما تصرف المبالغ الضخمة على أمور ثانوية وترفيهية!
وفي ضوء هذه الأوضاع المركبة في بلاد الرافدين، يمكننا أن نحدد بعض أسباب ارتفاع معدلات الفقر في البلاد، منها:
1. ضعف إدارة عموم الدولة، وبالذات الموارد الاقتصادية والمالية.
2. ضعف الوازع الديني والأخلاقي الرادع للنفوس الضعيفة الساعية إلى نهب المال العام.
3. انعدام العدالة في توزيع خيرات البلاد، وبالتالي انعدام، أو ضعف الحصول على الحقوق الإنسانية الأساسية.
4. ازدياد معدلات الفساد المالي التي جعلت طبقة الحيتان تتحكم بمليارات الدولارات، فيما تعيش نسبة كبيرة من السكان على الكفاف.
5. عمليات النزوح الجماعي إلى المناطق الآمنة، واضطرار الملايين لترك مصادر رزقهم.
6. غياب السياسات التنموية الحقيقية.
7. محدودية العلاقات التجارية العراقية ضمن المحيط الإقليمي فقط.
هذه الأسباب وغيرها ولّدت ملايين الفقراء في بلاد الخيرات، التي كانت في يوم ما مضرباً للأمثال، فصارت اليوم -أيضاً- مضرباً للأمثال، لكن الأمثال التي تشير إلى الفقر والفساد والخراب والدمار.
هكذا هي معادلة الحياة في "العراق الجديد"؛ ميزانيات بالمليارات يسمع بها المواطن في نشرات الأخبار، ولا أثر لها في حياته، أو في عموم البنى التحتية، أو الفوقية.
السياسات العشوائية لا يمكن أن تبنى بها البلدان، والدول النظيفة تؤسس على الإدارة الصحيحة والتخطيط السليم، والضرب بيد من حديد لكل العابثين بالأمن والمال العام.
أعتقد أن القضاء على الفقر والخراب والفساد بحاجة لإرادة وطنية صادقة ونقية، فهل هذه الإرادة موجودة اليوم في المشهد السياسي العراقي، أم لا؟ أظن أن الجميع يعرفون الإجابة.
الفقر يُعد آفة خبيثة تفتك بالإنسان والحيوان والنبات على حد سواء. ورغم معدلات الترف والتقدم والتطور التي بلغتها الحضارة الحالية، إلا أنه مقابل ذلك ما نزال نسمع بمعدلات مرعبة للفقر والعوز في أرجاء المعمورة، وبالذات في الدول ذات الإمكانات البشرية والطبيعية المحدودة.
الفقر ليس عيباً، لكنّ المخجل أن نجد معدلات آفة الفقر والعوز مرتفعة في بلدان مليئة بالخيرات في ظاهر الأرض وباطنها. ومن تلك البلدان، بلاد الرافدين، التي صارت مرتعاً للسراق وتجار الحروب ودعاة الوطنية.
وفي أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، أعلن المعهد الأميركي للطاقة في تقريره الدوري أن "العراق يحتل المرتبة التاسعة عالمياً بحجم الثروات الطبيعية الموجودة فيه، والعمر المتوقع لهذه الثروات". وفي نهاية آب (أغسطس) الماضي، أعلنت وزارة التخطيط العراقية أن "نسبة الفقر في عموم العراق ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى 22.5 بالمائة"، وأن "نسبة الفقراء النازحين تشكل 36 بالمائة من مجموع الفقراء في عموم البلاد"، وأن "نحو 30 بالمائة من العراقيين - الذين يقدر عددهم بأكثر من 33 مليون نسمة- يعيشون تحت خط الفقر".
في "عراق ملايين الفقراء"، مليارات الدولارات تنهب في وضح النهار، على يد غالبية السياسيين والمسؤولين وأتباعهم. وتم ترتيب عمليات نهبها بموجب عقود وفواتير رسمية ووهمية. ومن أكثر الوزارات فساداً -وفقاً لهيئة النزاهة العامة- وزارات الدفاع والداخلية والصحة والمالية والتعليم، فضلاً عن البذخ الواضح في ميزانيات الرئاسات الثلاث.
وفي نهاية آب (أغسطس) الماضي، أكد وزير النفط عادل عبدالمهدي أن "موازنات العراق منذ العام 2003 وليومنا هذا بلغت 850 مليار دولار"، وأن "الفساد استهلك نصف مبالغ الموازنات المتعاقبة، أي حوالي 425 مليار دولار"! وفي منتصف الشهر الحالي، كشفت عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي أن "تكاليف الضيافة في الوزارات العراقية ضمن موازنة العام 2016 تصل إلى مائة مليون دينار شهرياً". وهذا المبلغ الخيالي يكفي لمعيشة آلاف العائلات الفقيرة، التي لا تجد قوت يومها، بينما تصرف المبالغ الضخمة على أمور ثانوية وترفيهية!
وفي ضوء هذه الأوضاع المركبة في بلاد الرافدين، يمكننا أن نحدد بعض أسباب ارتفاع معدلات الفقر في البلاد، منها:
1. ضعف إدارة عموم الدولة، وبالذات الموارد الاقتصادية والمالية.
2. ضعف الوازع الديني والأخلاقي الرادع للنفوس الضعيفة الساعية إلى نهب المال العام.
3. انعدام العدالة في توزيع خيرات البلاد، وبالتالي انعدام، أو ضعف الحصول على الحقوق الإنسانية الأساسية.
4. ازدياد معدلات الفساد المالي التي جعلت طبقة الحيتان تتحكم بمليارات الدولارات، فيما تعيش نسبة كبيرة من السكان على الكفاف.
5. عمليات النزوح الجماعي إلى المناطق الآمنة، واضطرار الملايين لترك مصادر رزقهم.
6. غياب السياسات التنموية الحقيقية.
7. محدودية العلاقات التجارية العراقية ضمن المحيط الإقليمي فقط.
هذه الأسباب وغيرها ولّدت ملايين الفقراء في بلاد الخيرات، التي كانت في يوم ما مضرباً للأمثال، فصارت اليوم -أيضاً- مضرباً للأمثال، لكن الأمثال التي تشير إلى الفقر والفساد والخراب والدمار.
هكذا هي معادلة الحياة في "العراق الجديد"؛ ميزانيات بالمليارات يسمع بها المواطن في نشرات الأخبار، ولا أثر لها في حياته، أو في عموم البنى التحتية، أو الفوقية.
السياسات العشوائية لا يمكن أن تبنى بها البلدان، والدول النظيفة تؤسس على الإدارة الصحيحة والتخطيط السليم، والضرب بيد من حديد لكل العابثين بالأمن والمال العام.
أعتقد أن القضاء على الفقر والخراب والفساد بحاجة لإرادة وطنية صادقة ونقية، فهل هذه الإرادة موجودة اليوم في المشهد السياسي العراقي، أم لا؟ أظن أن الجميع يعرفون الإجابة.
تعليقات
إرسال تعليق