اللاعبون في بغداد وصنعاء



أنظار العالم تتجه هذه الأيام نحو اليمن الشقيق، بسبب الهجمات الجوية، التي نفذتها العديد من دول الخليج والشرق الأوسط، ضمن تحالف عاصفة الحزم؛ للقضاء على إرهاب الحوثيين، الذين طغوا وتناسوا حجمهم الحقيقي، وصاروا يحلمون بحكم البلاد، بقوتهم غير المنظمة، وبأموال أجنبية طبعت بمداد دماء الأبرياء في العراق وسوريا.
المراقب للأحداث المؤلمة في كل من العراق واليمن يمكنه ملاحظة أن ذات الأيادي تعبث هنا وهناك، وأن ذات الخطط الإستراتيجية تنفذ هنا وهناك، وأن التوجهات واحدة، والأموال مصدرها واحد، وأن العمامة والقبعة اتحدتا في هاتين الدولتين.
وهنا يمكن أن نؤكد على أن:
- الأطراف الفاعلة حالياً في بغداد وصنعاء - المليشياوية منها والسياسية - غالبيتها تأتمر بأوامر اللاعب المعمم، الذي يقف معهم بحجة دعم المذهب، ونشر الفكر، الذي يؤمن به.
هذا اللاعب المعمم هو الآن في حيرة من أمره بعد أن تحجم دور الحوثيين في اليمن؛ وبدأ يصرخ دبلوماسياً ويستعين بحلفائه؛ ولذلك رأينا أن رئيس حكومة بغداد السيد حيدر العبادي دعا "جميع الفرقاء في اليمن إلى الحوار الجاد؛ لإنقاذ البلاد من التدخلات العسكرية الأجنبية، التي لا تزيد الأوضاع إلا سوءاً وتعقيداً".
وهنا نُذكر السيد العبادي بالقوات الإيرانية والأجنبية المتواجدة بصورة علنية في العراق، أم أن هؤلاء هم جزء من الشعب العراقي؟!
- التناغم بين العمامة الإيرانية والقبعة الأمريكية صار واضحاً في العراق، والتنسيق بينهما بدأ في مرحلة ما قبل الاحتلال الأمريكي للعراق، وبعد الاحتلال صار اللعب على المكشوف، وبمستويات مختلفة إلى أن وصلنا لمراحل اللعبة النهائية، التي بارك فيها زعماء أمريكان التدخل الإيراني في العراق طالما أنه كان (إيجابياً)؛ وهذا يُنهي خرافة العداء الإيراني مع (الشيطان الأمريكي الأكبر).
جزء من هذه اللعبة ذكرته صحيفة لوس انجلوس تايمز، التي بينت أن ( الولايات المتحدة حيرت عقول المراقبين السياسيين في العالم، في كونها تؤيد عملية عاصفة الحزم لضرب النفوذ الحوثي المؤيد لإيران، ولكنها تدعم بكل قوة - سياسياً وعسكرياً - المليشيات الإيرانية العاملة في العراق، فكيف تستطيع أمريكا أن تكون في خندقين متصادمين في وقت واحد)؟!
التمدد الإيراني بالمنطقة تحقق على حساب العراقيين والسوريين والخليجيين ضمن صفقة الملف النووي؛ وعليه سنرى الاخطبوط الإيراني يمد أطرافه في المنطقة بقوة وأمان.
- الهزيمة الإيرانية الواضحة في اليمن عبر ممثلهم الوحيد هناك، سنرى أثرها انتقاماً إيرانياً في الساحتين العراقية والسورية، وستحاول إيران - عبر حلفائها العسكريين - أن ترسل رسائل تهديد للسعودية، ولدول التحالف الأخرى، وستلعب إيران – كالعادة - على الوتر الطائفي، الذي صار ورقة محروقة لا أثر لها؛ إلا على من يستلمون رواتبهم من طهران.
الموقف الإيراني الداعم للحوثيين صرح به أكثر من زعيم إيراني، ومنهم رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام "هاشمي رفسنجاني"، الذي نقلت عنه الوكالة الإيرانية الرسمية "إيرنا"، أنه اعتبر عاصفة الحزم (خطأ إستراتيجياً)، وأن (العدوان السعودي علی الیمن، وتداعيات الحرب وعواقبها ستشكل خطراً کبیراً على مثیري الفرقة في أرجاء العالم الإسلامي، وأن المسؤولین السعودیين دخلوا حرباً مدمرة من دون دراسة، ودون الأخذ بعین الاعتبار العواقب المشؤومة لإشعال شرارة الحرب في المنطقة).
وهذا الكلام يحمل في طياته العديد من رسائل التهديد، لا أقول غير مباشرة، بل المباشرة، وبلغة واضحة.
القلق الإيراني على الحوثيين دفع الرئيس الإيراني للمطالبة بوقف الضربات الجوية، وهذا ما رفضته السعودية، التي أكدت، أنها جاءت لليمن " لمساعدة السلطة الشرعية، وإيران ليست مسؤولة عن اليمن".
التدخل الإيراني دفع العديد من زعماء المنطقة للحديث عن أن "إيران تبدو وكأنها تريد أن تجعل المنطقة تحت هيمنتها وسيطرتها، فهل يمكن السماح لها بذلك"؟!

الأطراف اللاعبة في صنعاء وبغداد هي التي تهدد الأمن والسلم المجتمعي في كلا البلدين، وعلى العقلاء وضع القيود اللازمة الكابحة لطيشهم، الذي ربما لا تتوقف آثاره في حدود هذين البلدين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى