اللعب بالنار!


عموم المشهد العراقي اليوم مليء بالألغام، التي صارت تنفجر تباعاً في العديد من المحافظات، هذه الألغام يقف وراءها أطراف إرهابية، ومافيات وزعماء عصابات، وبعض السياسيين، الذين غدروا بوطنهم، والجامع بين كل هؤلاء أنهم لا يفكرون إلا بالقتل والنهب.
الآن هنالك مشاريع غريبة وخبيثة تلهب الشارع العراقي، المنفذون لها -لا أقول إنهم جهلة ولا يعرفون ماذا يفعلون- أبداً، هم يعرفون كافة خطواتهم، وهم ينفذون مخططات خبيثة، يراد منها ضرب العراقيين فيما بينهم، مرة باسم الدين، وأخرى باسم المذهب، وثالثة بثوب القوميات وغيرها من الأساليب، التي هي في الحقيقة معاول هدم ودمار للبنى الإنسانية والمجتمعية في بلاد الرافدين.
والظاهر -للمتابع للشأن العراقي- أن عام 2015، بدايته لا تبشر بخير، حيث تلوح في الأفق ظاهرة الإرهاب الرسمي والشعبي بامتياز، وحجة هذا الإرهاب مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية؛ ولذلك صرنا نسمع في كل ساعة بمجزرة جديدة، تزهق فيها الأرواح، وتنتهك فيها الأعراض، وتبتز فيها العوائل الآمنة.
وقبل خمسة أيام، نفذت مليشيات الحشد الشعبي جريمة جديدة في محافظة ديالى، حيث ارتكبت مذابح في وضح النهار، شملت العديد من القرى في المحافظة، ومنها قرى شروين وبروانة الكبيرة في المقدادية 90 كم شمال شرق بغداد، وقتلت أكثر من 70 مواطناً مدنياً، من أهالي بروانة الكبيرة، وفي ذات اليوم، أعدمت تلك المليشيات مواطنين اثنين في منطقة دور الصقر في منطقة الحي العسكري في المقدادية أيضاً، وحرقت وفجرت حوالي 1400 منزل، وتدمير 13 مسجداً في شروين.
اللافت للنظر أن حكومة بغداد أعلنت محافظة ديالى يوم الثلاثاء الماضي خالية من مقالتي «التنظيم»، وما زالت القوات الحكومية المدعومة بمليشيات الحشد الشعبي –حتى الساعة- تضرب الأهالي العزل بقذائف الهاون، وهذه القذائف تتساقط تباعاً على مناطق مختلفة من المقدادية ومنها قرية نهر الإمام، التي تسكن فيها عشيرة المهدية، وكأنها عملية انتقام جماعي من الأهالي!
المؤامرة لم تتوقف عند حدود محافظة ديالى، بل هنالك اليوم مؤامرة من نوع آخر، تحدث لأول مرة، حيث إن الأقليات من اليزديين يهاجمون قرى عربية، وهذه الحادثة هي الأولى من نوعها على مر العصور في العلاقة بين الطرفين، وهذا ما حصل في الموصل، وتحديداً في سنجار، حيث ارتكبت مليشيات يزيدية يقودها المدعو قاسم شيشو -وهو يزيدي يحمل الجنسية الألمانية- مدعومة بقوات حزب العمال الكردستاني ارتكبت في منتصف الأسبوع الماضي مجزرة في مدينة سنجار، حينما قتلت العشرات من المدنيين العزل، وحرقت أكثر من أربع قرى، ومنها قرى رجم العبد، وأم الخياري، والجري، والساير.
وفي ساعة كتابة هذا المقال ذكرت بعض وكالات الأنباء المحلية أن المليشيات اليزيدية في سنجار اختطفت 50 امرأة من قرية الشيباية وما حولها، وهذا في الحقيقة تصعيد خطير، ربما سيكون منعطفاً كبيراً في عموم الملف العراقي!
اعتقد أن هنالك بعض الأطراف الخبيثة، التي لها مصلحة في زعزعة الأمن والاستقرار في عموم الموصل، وفي سنجار على وجه الخصوص هي التي دعمت شيشو، وفي حوار مع مجلة دير شبيجل الألمانية أكد شيشو أنه «يجب على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مساعدتنا عن طريق زيادة ضرباتها الجوية لقوات الدولة الإسلامية، وإمدادنا بما نحتاج للاستمرار في القتال. نحن بحاجة للعالم أن يساعدنا».
وسط هذه الفوضى تثار جملة من الأسئلة، منها منْ الذي يتحكم بهذه المليشيات، التي تنتقم من الأهالي في ديالى وسنجار وغيرها؟!
ثم إذا كان أساس هذا الحشد الشعبي فتوى دينية؛ فلماذا لا تلتزم القيادات بالفتاوى اللاحقة التي أكدت حرمة القتل والنهب والسرقة؟!
فهل هي عصابات إجرامية غلفت أعمالها بالدين أم أنها الفوضى التي تنخر الجسد العراقي في كل لحظة؟!
لك الله يا عراق، فالمؤامرة عليك كبيرة، وللأسف -فإن غالبية من ينفذونها- هم من العراقيين!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى