المجلس العام لثوار العراق لماذا؟!



حركات التحرر الوطني، التي تعمل في بلدان العالم العربي تكاد تكون من الماضي،  إلا في العراق وبعض البلدان الأخرى المعدودة على أصابع اليد الواحدة، والتحرر الوطني يُقْصد به الخلاص من الأوضاع المزرية، وتغيير النظام الدكتاتوري إلى نظام حر يقيم العدل بدلاً عن الظلم، والحرية بدلاً عن التعسف، والاعتقال والحياة الحرة الكريمة بدلاً عن حياة البؤس والشقاء.

وحركة التحرر الوطني العراقي يتمثل بالرفض الشعبي للمآسي والدكتاتورية، التي عمّت البلاد في ظل نظام يقول الغرب إنه: ( نظام ديمقراطي حر)، والواقع إنه نظام قمعي إرهابي، لا يعترف بالآخر، ويقصد بحركة التحرر كذلك- وضع الأمور في نصابها ومسارها الصحيحين، وجعل القطار العراقي يسير على السكة الآمنة؛ وصولاً لتحقيق الدور الريادي ضمن إطار وقالب الأمة العربية الكبيرة.

انتهاكات حكومة المنطقة الخضراء في مناطق متعددة من بلاد الرافدين، هي المغذي الأكبر لروح الغضب الجماهيري، وأوضح صور هذه الانتهاكات تتجلى اليوم في محافظتي مهمتين:
الأولى هي محافظة الأنبار الغربية (110) كم، حيث إن المالكي يشن عبر جيشه الطائفي ومليشياته الاجرامية حرباً لا هوادة فيها ضد المدنيين العزل؛ مخلفاً وراءه أكثر من (1400) ضحية بين شهيد وجريح، فضلاً عن اكثر من (750) الف مواطن مهجر داخل الأنبار وخارجها، والأخبار المتناقلة هذا اليوم  23/4/2014، تؤكد عزم المالكي شن هجوماً كبيراً على مدينة الفلوجة، وهذا ينذر بكارثة جديدة ستضاف للكوارث والمآسي، التي وقعت على هذه المدينة.

أما المحافظة الثانية فهي محافظة ديالى، التي تعبث المليشيات المدعومة من قبل الأجهزة الأمنية بأرواح ابناءها وممتلكاتهم وهذا ما حصل في يوم 26/3/2014 في مدينة بهرز وما يحصل اليوم لقرية المخيسة، التي صارت قبلة للمليشيات الإجرامية، ولكن صمود ابناء المخيسة جعل احلام الأشرار تتلاشى، مما دفع تلك المليشيات لفرض حصار ظالم على القرية وهو مستمر حتى اليوم، وسط تواطىء حكومي واضح!

وهذه الحالة المضطربة في ديالى دفعت محافظها عامر المجمعي يوم 13/4/2014  إلى دعوة أهالي المحافظة لتسليح أنفسهم وحماية ومناطقهم من إرهاب المليشيات المنتشرة في عموم المحافظة، وهذا يؤكد فشل الأجهزة الأمنية في حماية المدنيين وهذا الكلام ينطبق وبدرجات أقل على محافظات صلاح الدين والموصل ومناطق شمال بابل .

وهذا الحال ينطبق على مناطق حزام بغداد التي تشهد اليوم حربا من نوع اخر حيث تحاول ادوات الحكومة فتح النواظم والسدود؛ لإغراق القرى والبساتين بحجة أن تنظيم داعش هو من ينفذ هذه العمليات الإجرامية، والواقع الذي أكده أهالي تلك المناطق أن القوات الأمنية الحكومية، هي التي فتحت النواظم باتجاه القرى والمزارع والبساتين، واليوم هذه المناطق وصلت المياه فيها إلى أكثر من أربعة أمتار، ورئيس الحكومة نوري المالكي منشغل بالدعاية الانتخابية البرلمانية وكأن هذه الفيضانات تقع في بلاد أخرى.
وبالأمس، 23/4/2014، وصلت المياه إلى مناطق أبو غريب، وتسببت بتهجير أكثر من (700) عائلة، فضلاً عن الخسائر المالية الهائلة في القطاع الزراعي، المصدر الرئيسي لمعيشة أبناء هذه المناطق.

بطش الحكومة بالمدنين وضع الأخيار من العراقيين بين موقفين إما الرضا بهذا الذل والهوان، أو الوقوف بصدق ورجولة امام هذا الاستهتار والاستخفاف بالدماء والأعراض والممتلكات، بل وحتى بالقيم الدينية والإنسانية، وهذا ما اشعل فتيل المظاهرات والاعتصامات السلمية التي استمرت لأكثر من عام قابلتها الحكومة بالحديد والنار، وهذا ما شاهدناه بالحويجة يوم 22/4/2013، ثم ما حصل في الأنبار، حيث ضربت الحكومة ساحة العز والكرامة، وكانت تلك الحادثة القشة التي قصمت ظهر البعير، وبدأت بعدها المواجهات الشريفة بين الأهالي، الذين يدافعون عن أنفسهم وشرفهم وممتلكاتهم، والأجهزة الأمنية الحكومية، التي تدافع عن حكم لا يعترف بالآخرين في داخل البلاد.

ضرورات المعركة دفعت لتشكيل مجاميع عسكرية في محافظة الأنبار؛ وذلك كنوات للقوة الرافضة لظلم الحكومة، ثم بعد ذلك تشكلت هذه المجاميع في العديد من المحافظات العراقية؛ مما دفع الأخيار من العراقيين للتفكير بضرورة توحيد الجهود المناهضة لحكومة المنطقة الخضراء؛ فكان المجلس العام لثوار العراق والذي اصدر بيانه الأول في يوم 15/1/2014 ومما جاء في هذا البيان: (( بعد أيام من المعارك، التي يخوضها أبناء العشائر والثوار، الذين التحقوا بالمجلس العسكري، وبعد أن امتدت المعارك من الأنبار إلى العديد من المحافظات العراقية الأخرى،  وقيام الثوار في تلك المحافظات بتشكيل مجالس عسكرية، فإننا نبشر أبناء شعبنا العراقي الكريم بأن أبناءكم في هذه المجالس قد بدأوا بالتواصل والتنسيق فيما بينهم منذ اللحظات الأولى لانطلاق الثورة المباركة، ونبشركم بأن هذه الاتصالات بين المجالس قد تتوجت هذا اليوم بالاتفاق على تشكيل مجلس عسكري موحد بإسم (المجلس العسكري العام لثوار العراق)، الذي يضم كلاً من المجالس العسكرية في الأنبار والفلوجة والموصل وصلاح الدين والتأميم وبغداد وديالى وأبي غريب والضلوعية والشرقاط).

إن أهمية المجلس العام لثوار العراق تكمن في:
1.توحيد صفوف المقاتلين المقاومين لحكومة المالكي.
2.وحدة القرار السياسي والعسكري تجاه الأحداث والمستجدات على أرض المعركة.
3. الاستفادة من الخبرات العسكرية لتحقيق الاهداف بأقل وقت وابسط التكاليف.
4. النأي عن السياسات الطائفية الاقصائية، التي تنتهجها الحكومة، والدليل بيانات المجلس التي أكدت على هذه الحقيقة، ومنها البيان رقم (1)، وهذا يؤكد أيضاً أن هذا المجلس ليس طائفياً، ولا يمثل طائفة ولا مذهباً، وإنما هو لكل العراقيين.
5. ايجاد واجهة موحدة قادرة على إدارة الأمور في المستقبل لتحقيق المكاسب الواقعية، التي تضمن حرية الإنسان وكرامته.
الشعوب الحرة لا يمكن أن تحافظ على كرمتها من غير ضريبة بالأرواح والأنفس والأموال والحريات، وهذا ما تأكد منه العراقيون؛ فلهذا هم ماضون في طريق الحرية والخلاص على الرغم من المصاعب والتضحيات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى