أطفال العراق محرومون من حقوقهم الأساسية



الصراع بين القوي والضعيف، والظالم والمظلوم، والحق والباطل مستمر منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل وحتى اليوم، بل إن القتل اختلف اليوم وصار بالجملة، وحتى بالملايين، وهذا ما جرى في الحربين الكونيتين الأولى والثانية، وما يجري في العديد من دول العالم في وقتنا الحاضر، ومنها العراق.

وفي زمن العنف والصراعات والحروب وغياب القانون نجد أكثر الضحايا هم من النساء والأطفال؛ لأنهم المكون الأضعف في ميزان القوى بالواقع الحياتي.

وأطفال العراق الضائعون المنسيون يعانون اليوم العديد من المشاكل وسط هذا الموج المتلاطم من التفجيرات والاعتقالات والإهمال الحكومي.

وفي يوم 14/2/2013، أعلن المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية (زهرة الهنداوي) بعد اجتماع عقد مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)؛ لمراجعة نصف المدة لبرنامج التعاون بين العراق والمنظمة: “ أن ما بين مليون ومليوني طفل في العراق يعانون من سوء التغذية، وبالتالي من حالة التقزّم، وأن هذه الأرقام ظهرت بعد إجراء مسح متعدد المؤشرات أثبت وجود هذا العدد من الأطفال ممن يعانون من صغر الحجم بسبب سوء التغذية، وأن أكثر من (300) ألف طفل في البصرة يشكون من الحرمان بأنواعه المتعددة”. 


وهذا يعني أن 23% من أطفال العراق مصابون بالتقزم!

والمفارقة أن الأرقام التي ذكرتها الحكومة غريبة، وغير محددة، وذلك لأنه لا توجد احصائيات دقيقة تقول: أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بين المليون والمليونين، فهل نحن نتكلم بلغة الملايين، أم الآحاد؟!

المدير العام بوزارة التخطيط العراقية (إحسان الخزرجي)، أكد يوم 7/1/2013، بتصريحات صحفية: “أن 99% من الأطفال العراقيين يسجلون عند الولادة، ولكن (32) من كل ألف طفل يموتون في العام الأول من ولادتهم، أي أن هناك (35) ألف حالة وفاة بين الأطفال من حديثي الولادة، وأن ربع الأطفال المولودين يعانون نقصاً ذهنياً وبدنياً”!

وبمتابعة موضوع سوء الأغذية، فإن برنامج الأغذية العالمي يذكر: أن الإنسان الذي يعاني سوء التغذية يشعر أن جسده يناضل من أجل القيام بوظائف عادية كالنمو، ومقاومة الأمراض، ويصبح العمل البدني صعباً للغاية، بل ويمكن أن تتقلص قدراته على التعلم، وأن سوء التغذية في سن مبكرة يؤدي إلى انخفاض النمو البدني والعقلي في مرحلة الطفولة!

فإذا كانت هذه هي تداعيات كارثة سوء التغذية في بلاد تتباهى اليوم أنها ستكون المصدر الأول للنفط في العالم، فأين ذهبت مليارات الدولارات التي أُنفقت ( أو نُهبت) منذ الاحتلال وحتى الآن؟! 

ميزانية بلاد الرافدين في عام 2013، تُعد الأضخم في التأريخ العراقي، والبالغة ( 138) تريلون دينار عراقي، (ما يعادل (118.6) مليار دولار أمريكي)، وهذه الميزانية تعدل ميزانية أكثر من ست دول مجتمعة في المنطقة! ورغم هذا فإننا نجد أن الدولة عاجزة عن رعاية أطفال العراق، بل وعموم العراقيين!

هذه الإحصائيات ليست الوحيدة في هذا المجال الحيوي، بل سبقتها نتائج مسح ميداني موسع نفذته وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي الحكومية، بالتعاون مع (اليونيسيف)، وأعلنته نهاية العام الماضي، أظهر أن الخدمات والحقوق لا يتمتع بها إلا 10% من الأطفال العراقيين، وأن 32% من الأطفال في العراق، أي نحو( 5.3) مليون طفل، محرومون من العديد من الخدمات والحقوق الأساسية!

تنص الفقرة الأولى من المادة (30) من الدستور العراقي الحالي الذي يدعي الساسة تطبيقهم له، على أن: (تكفل الدولة للفرد والأسرة، خاصة الطفل والمرأة الضمان الاجتماعي والصحي والمقومات الأساسية للعيش في حياة كريمة تؤمن لهم الدخل المناسب والسكن الدائم).

فأين كفالة الدولة، وأين هي المقومات الأساسية للحياة الكريمة، في ظل هذه الاحصائيات المذهلة؟!

هذه هي حال أطفال العراق، وهم رجال المستقبل؛ والأمم التي تطمح للنهوض تنهض بالتعليم والرعاية الغذائية والصحية لعموم المواطنين، وللأطفال بشكل خاص، وهذا الأمر لا يحصل في “العراق الجديد”!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى