مجرد أحلام أو أوهام عراقية

الوطن هو البيت الكبير الذي يجمع الناس، وهم الذين يُسمون في لغة الدستور بالمواطنين، لهم مجموعة من الحقوق، وبالمقابل عليهم واجبات بحكم هذه المواطنة، ومنها احترام النظام العام والقانون، وتفهم روح الجماعة وغيرها من القوانين التي يعرفها اغلب الناس.

وبموازاة تلك الحقوق والواجبات تقع على كاهل الحكومات (الدول) جملة من الواجبات الضرورية لاستمرار الحياة، ومنها المحافظة على أرواح المواطنين وكرامتهم، وتوفير سبل الحياة الحرة الكريمة، بما يجعل الوطن جنة خضراء لا غابة جرداء يأكل فيها القوي الضعيف.

ومن أصعب المشاكل التي يعاني منها المواطن هي فقدانه لبيته الكبير (الوطن)، وهذا هو حال ملايين العراقيين اليوم، ومنذ أن ابتلي العراق بالاحتلال وهو يراوح في مكانه، وأغلب ساسته لا همَّ لهم إلا الاتهامات والتناحر الذي لا يخدم البلاد بشيء، ولإثبات هذه الحقيقة المؤلمة سأذكر في هذا الإطار تصريح زعيم القائمة العراقية إياد علاوي، يوم 10/5/2011، حيث قال إن التدهور الأمني الأخير كان متوقعا بسبب فشل الحكومة الحالية التي يرأسها نوري المالكي في معالجة هذا الجانب، وفي تكوين مؤسسات تعالج الجانب الأمني، وبينما دعا الحكومة إلى التركيز على بناء الدولة العراقية ومؤسساتها وتجاوز الأمور الثانوية، أكد عدم وجود "دولة بمفهوم الدولة" حتى الآن، وأن " الحكومة فشلت أيضا في تحقيق المصالحة الوطنية وفي مجالات أخرى كثيرة"، داعيا " رئيس الحكومة نوري المالكي إلى تجاوز القضايا الثانوية والتركيز على بناء شي اسمه الدولة العراقية ومؤسساتها، خصوصا ونحن لدينا حكومة وسلطة، لكن دولة بمفهوم الدولة لا توجد حتى الآن"، وهذه تصريحات "مسؤول" تعتبر قائمته إحدى الركائز المهمة لما يسمى العملية السياسية الجارية في العراق الجريح.

وبالمقابل هاجم رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي القائمة العراقية ورئيسها علاوي حيث قال إن ما يصدر عن العراقية من مواقف وتصريحات منذ البداية حتى الآن لا يشير إلى جدية في تحمل المسؤولية بل يؤشر إلى فهم آخر للشراكة وكأنها تقاسم للمغانم والمكاسب وتهرب من تحمل المسؤولية. كما قال المالكي لعلاوي: "دعني اغتنم هذه الفرصة لأقول لكم إن مواقفكم طيلة هذه الفترة وحضوركم الإعلامي ومحادثاتكم في زياراتكم المختلفة للدول العربية وغير العربية لم تصب يوماً لصالح البلاد والعملية السياسية، بل كنتم تسددون لها أقوى الضربات وتتهمونها بمختلف التهم من الطائفية إلى الدكتاتورية إلى غيرها من الأمور كلما سنحت لكم الفرصة".

هذا هو حال أغلب رجال الدولة المفترضة في العراق اليوم، مناحرات وتقاتل من اجل المصالح الفئوية والحزبية والشخصية، بينما تنخر البلاد جملة من الكوارث، فما الذي قدموه للعراق خلال هذه السنوات السبع، أرواح تزهق، وأموال تهدر، وملايين مهجرة، وديمقراطية زائفة، ودكتاتورية مبطنة، وانتهاك لحقوق الإنسان، وخراب للبيئة، وتخريب للتعليم والتربية، وكوارث قاتلة في القطاع الصحي، وانعدام شبه تام للجانب الخدمي، شح في الماء والكهرباء، وغيرها من صور الخراب والدمار؟!!

نحن نحلم بأمور هي في اغلب البلدان، ونحن أكثر منها مالا وإمكانيات، من البديهيات، نحلم أن يكون لدينا قانون نتحاكم إليه عند الحاجة، قانون لا يتحكم به سين وصاد من الرجال، بل الأدهى والأمر أن رجال القضاء، الذين تقع عليهم في الحالة الطبيعية مسؤولية الفصل في مثل هذه القضايا لا يعرفون الغالبية العظمى من هذه القضايا؛ لأن المتهمين لا يقدمون للقضاء إلا بعد سنوات من التغييب؟!!.

نريد بلاداً خالية من الفساد المالي والإداري، وإذا قيل أن الخلل في بعض الموظفين، نقول هذا الكلام صحيح، ولكن المال السائب يعلم على السرقة، والمال المحترم هو الذي يُحافظ عليه من رجال الدولة الذين وكلهم الشعب.

نريد بلاداً تحتضننا كالأم التي تحتضن أولادها، وتخاف علينا من كل الشرور، وتحمينا وتطالب بحقوقنا سواء كنا في الداخل أو المهجر.

هذه هي بعض الأمنيات، لكن الحقيقة المؤلمة إننا لا نملك بلداً كباقي الناس، وبلادنا هي سفينة مختطفة في عرض البحر لا نعرف متى ستستقر في ميناء الأمن والأمان والخير لجميع أطياف الشعب العراقي.

jasemj1967@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى